افتتاحية

أبعد كل ذلك يسألون لماذا ثار الشعب؟

نطل عليكم اليوم عبر موقع جديد استلزم تكوينه جهداً كبيراً لكي يكون على هذا الشكل، املين ان يلقى اعجابكم، واعدين بان نبقى نقدم الخبر الصادق والذي يهم كل الناس ونسعى الى الافضل. لقد ترافق ظهور هذا الموقع مع انتفاضة شعبية عارمة طالبت برفع ظلم المسؤولين عن الناس، بعدما اغرقتهم الحكومة بالضرائب وكانت تلوح بالمزيد منها عبر زيادة اسعار المحروقات والـ TVA وغيرهما متجاهلة ان قضية الدولار التي يقال انها مفتعلة والتي رفعت سعر صرف العملة الاميركية مقابل الليرة اللبنانية، بشكل لافت ادت الى رفع الاسعار كلها بشكل غير مقبول. افليست هذه نوعاً جديداً من الضرائب؟ من هنا ارغمت هذه الحكومة تحت ضغط الحراك الشعبي على الاستقالة.
واخيراً وبعد طول انتظار حتى كدنا نعتقد ان الشعب اللبناني لا يمكن ان يتحرك وسيبقى يتلقى العصي مكتفياً بعدها. خرج المارد من القمقم وشمر عن ساعديه وصرخ بوجه الظلم الذي يمارسه السياسيون عليه. ونزل الى الشارع بابهى منظر لم يسبق للبنان ان شاهد مثله منذ ثورة الارز، وتجلت انتفاضته بانها ابتعدت عن الطائفية والسياسة والاحزاب، وكانت صوتاً صارخاً منادياً بالوطنية شعاراً وحيداً لها فقدمت للداخل وللخارج صورة حضارية عن اللبناني الاصيل. هذا التحرك بكل شعاراته واهدافه المعلنة اقلق البعض فانبروا يوجهون التهديدات المبطنة، خوفاً من سقوط الحكومة التي تؤمن الغطاء لكل ما يقومون به الا ان المتظاهرين قابلوا هذه التهديدات بالاستنكار والرفض وكان لهم ما ارادوا… فاستقالت الحكومة. فهم يعلمون انهم اشد بأساً من اي قوة يمكن ان تواجههم. ودلت بعض التصريحات على ان هناك اتفاقاً بين بعض الاطراف في ما يشبه الحلف، لمواجهة التحركات ووقفها. ولكن تحركهم كان مكشوفاً ومرفوضاً ولم يؤد الى اي نتيجة. فالجوع كافر والكلام المعسول او التهديدي لا يمكنه ان يسد البطون الفارغة.
بعض المتظاهرين يطالبون بانتخابات مبكرة، تفرز طبقة سياسية جديدة نظيفة الكف، تعيد تصويب الامور وقد سها عن بالهم انهم اجروا افضل انتخابات بنزولهم الى الشارع وتضامنهم ووقوفهم يداً واحدة. الا يعتبر ذلك تصويتاً؟ هم صوتوا ليس بالاقتراع السري الذي يرافقه الكثير من التزوير والتلاعب بالنتائج، بل صوتوا علناً دون ستارة سوداء ودون بصمة اصبع فاسقطوا بذلك كل هذا الطاقم السياسي الذي اثبت فشله في جميع الملفات. وابرز مثال على ذلك انه منذ اكثر من عشر سنوات وهم يبشرون الناس بكهرباء 24/24 فاذا بنا بعد كل هذه المدة لا نزال نتخبط بالعتمة وفي كثير من الاحيان 24/ على 24 فمن يثق بهم بعد ومن يصدقهم؟ لقد سقطوا كلهم مع سقوط الحكومة.
ان الشعرة التي قصمت ظهر البعير وجعلت الكيل يطفح كانت الاعلان عن ضريبة ظالمة على الواتس اب وهذا قرار اقل ما يقال فيه انه استخفاف بالناس وخفة من الحكومة. فاصحاب المعالي والسعادة لا يستخدمون الواتس اب لانهم ليسوا بحاجة. فمدخولهم ومخصصاتهم التي ابوا المس بها تؤمن لهم حياة ترف وبذخ. ولكن الطبقة الفقيرة اي 95 بالمئة من الشعب هي التي تستخدم الواتس اب لانه وسيلة التخاطب الوحيدة الممكنة بينهم، فماذا يعني ذلك؟ لقد استثنوا انفسهم من الضريبة وخصوا بها طبقة المعدمين. فهل من عاقل يمكن ان يلجأ الى مثل هذا التدبير؟ لقد استخفوا كثيراً بالناس الذين صبروا طويلاً، وكانوا يعتقدون ان الضريبة ستمر كما مر غيرها. وجاءت وزارة البيئة بكل عنجهية وكلام فوقي بملاحقة كيس النيلون وفرض ضريبة على استخدامه. نحن نؤيد هذه الخطوة لو جاءت في مكانها وزمانها ولكن هل يمكن تجاهل النفايات التي طمرت الناس بدل ان تطمر، ونشرت الامراض في كل مكان؟ ماذا وضعت وزارة البيئة من حلول لها قبل ان تفكر بشن الحرب على كيس النايلون؟ هل ان لبنان اصبح يتمتع ببيئة نظيفة خالية من اي ملوثات؟ هل رفعت النفايات من الشوارع؟ وهل تم التعويض عن الثروة الحرجية التي دمرتها النيران؟ وهل ازالت النفايات والملوثات من البحر والانهار؟ وهل عملت على تنقية الهواء الملوث بدخان المعامل والمصانع؟ وهل وهل وهل؟ ان كل ما ذكرناه اعلاه يحتل الاولوية في المعالجة قبل كيس النايلون فلماذا تبدأ وزارة البيئة من اخر السلم؟ يقول المواطنون ان الهدف ليس محاربة الاكياس. بل فتح باب جديد لضريبة جديدة تلحق بالمواطن.
المواضيع كثيرة والاسئلة كثيرة والملفات مغلقة ولا اجوبة عليها والمسؤولون غافلون عن كل شيء، ولا يزالون يمارسون العمل السياسي بالعقلية ذاتها. اكثر من عشرين يوماً مرت على استقالة الحكومة والمشاورات لم تبدأ بعد فلماذا التأخير وهل ان الوضع الاقتصادي يتحمل بعد؟ يجب ان يدرك اهل السياسة ان ما بعد 17 تشرين الاول لن يكون كما كان قبله فليسارعوا الى تبديل طريقتهم في التعامل مع الناس. أبعد كل ذلك يسألون لماذا ثار الشعب؟

«الاسبوع العربي»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً

إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق