سياسة لبنانيةلبنانيات

الانقسام الداخلي والحملات ضد الخليج ترفع الدولار الى 30 الفاً وتؤسس لانتفاضة مدمرة؟

استمرت امس الردود الشاجبة للحملة التي شنها امين عام حزب الله على المملكة العربية السعودية، مطالبة بوضع حد لهذه التصرفات التي تسيء الى البلد، وتوسع افاق التباعد عن لبنان، في وقت هو بأمس الحاجة الى دعم الاشقاء والاصدقاء. مصادر محايدة علقت على الموضوع فقالت في اي عمل او خطوة او تصريح او موقف يجري تقويم النتائج من باب احتساب الربح والخسارة. وسألت هذه الاوساط ماذا جنى لبنان من وراء هذه الحملة، وما هو الربح الذي حققه، وعاد على اللبنانيين في الداخل او في دول الخليج بالفائدة؟ وبعدها يمكن الحكم على هذا الهجوم.
ماذا كانت النتيجة؟ الهجوم غير المبرر زاد التوتر والانقسام في الداخل بشكل لافت، وتبين ان فريقاً كبيراً جداً من اللبنانيين وقف الى جانب المملكة واستنكر الحملة عليها، فقدم هذا الهجوم المزيد من التأييد للصف العربي عموماً والخليجي خصوصاً. فعلى امل ان يعود الجميع الى اعلاء مصلحة لبنان فوق كل مصلحة اقليمية كانت او دولية. فما جرى ويجري يؤكد مجدداً المؤكد وهو انه ليس امام لبنان سوى اتباع سياسة الحياد والنأي بالنفس عن كل حروب المنطقة واخطارها ومطباتها. ويعود اللبنانيون جميعاً الى التضامن والالتفاف حول الدولة واعلاء شأنها ومصلحتها، والعمل على الخروج من الازمة التي يتخبط فيها البلد، والتي تكاد تقضي عليه.
هذا التوتر السياسي يقابله توتر اقتصادي مالي غير مسبوق. فكما هو معلوم فان لبنان يتأثر بسرعة بما يدور حوله، وينعكس ذلك على وضعه الاقتصادي الهش، لا بل الكارثي. فقد قفز سعر صرف الدولار الاميركي امس فوق عتبة الثلاثين الف ليرة، رافقه ارتفاع جنوني لم يستوعبه اللبناني بعد، في اسعار السلع الغذائية والحياتية والمعيشية، والادوية والمحروقات بحيث قفز سعر صفيحة البنزين 98 اوكتان فوق 363 الف ليرة، فشلت الحركة وتوقفت الاعمال وامتنع الموظفون عن الذهاب الى اعمالهم لان معاشاتهم لم تعد تكفي للانتقال الى مراكز العمل.
هذا الانتحار الجنوني كيف يقابل في لبنان؟ على صعيد السلطة فهي تتصرف وكأن الامر لا يعنيها، وهي تكتفي بالتفرج على ما يدور امام عينيها. وماذا يمكنها ان تفعل طالما ان هناك فريقاً من اللبنانيين يعطل مجلس الوزراء، ويمنعه من الاجتماع والعمل على كبح جماح هذه الازمة الاقتصادية – المالية القاتلة. ورغم صرخات المواطنين الذين فقدوا القدرة على تحصيل لقمة عيشهم فان المعطلين يصرون على موقفهم. لقد تحولت الازمة الى كباش سياسي بين الاطراف المتناحرة على الساحة اللبنانية. وهنا يطرح السؤال هل ان الدولة وفي حال عاد مجلس الوزراء الى العمل، قادرة على وقف هذا التلاعب في سعر العملة الخضراء؟ فالاحداث تثبت يوماً بعد يوم ان المافيات التي تسرح وتمرح دون رادع، ان في قطاع الاحتكار او التهريب، او المال، حتى فقدت الليرة اللبنانية اكثر من 90 بالمئة من قيمتها، ان هذه المافيات هي اقوى من الدولة التي فشلت حتى الساعة في وضع حد لها. لقد اصبح الدولار هو سيد الموقف بلا منازع، يدخل على حياة اللبنانيين عبر كل سلعة تدخل منازلهم، ويحل ضيفاً ثقيلاً على جيوبهم الفارغة. ومعلوم ان لا خلاص من هذا الوضع الجهنمي سوى عبر صندوق النقد الدولي. وهذا الصندوق ينتظر عودة مجلس الوزراء الى العمل. فهل من المعقول ان فريقاً من اللبنانيين يسد طريق الحل على اللبنانيين؟ وهل الى هذا الحد اصبحت المصالح الشخصية تعلو على مصلحة الوطن؟
الاحداث الى مزيد من التأزيم، والانهيار الى مزيد من السقوط. فهل يتم التأسيس لانفجار كبير يجرف كل شيء يصادفه امامه. ام ان الاتكال على الشعب المخدر الذي عجزت التطورات الكارثية عن تحريكه؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق