رئيسيسياسة عربية

الكويت: المحكمة الدستورية تنتصر لمبدأ «الصوت الواحد»

قد تكون المعارضة الكويتية سعيدة بقرار المحكمة الدستورية إبطال الانتخابات البرلمانية الاخيرة. لكنها ليست سعيدة بباقي تفاصيل القرار، خصوصاً تثبيت مبدأ الصوت الواحد، الذي كان محور احتجاجاتها.

تثبيت مبدأ الصوت الواحد لا يقلل من شأن القرار الذي كان محل ترحيب من الامير، كما رحبت به الحكومة، واعتبره الشارع خطوة مهمة على طريق تصويب الوضع، وارساء أسس من شأنها ان تحد من «دكتاتورية» المعارضة. ومن صوتها المرتفع الذي طالما استخدمته في ايصال رسائلها، لتؤكد نتائج الانتخابات ان الصورة مختلفة. وان ما ينطبق على المعارضة – من حيث المفهوم – ينطبق على كل الحركات المعارضة في الدنيا. ذلك ان المعارضة اقلية، والحكم اكثرية.
وفي تفاصيل القرار الذي عزز القناعة بوجود الكثير من الضوابط التي تحمي الديمقراطية، النص على ابطال الانتخابات التي جرت قبل اشهر عدة، والتي جاءت ببرلمان تدنت فيه نسبة المعارضة عما كانت عليه في السابق. لكن القرار ايد مبدأ الصوت الواحد للناخب الواحد، واعتبره نصاً قانونياً. فمن جهة اعتبر القرار اصداره بالقانوني، وانه تم وفقاً للقانون والدستور وليس متقاطعاً معه. ومن جهة ثانية اعتبره منطقياً، لجهة انه يتفق مع انظمة انتخابية معتمدة في العديد من دول العالم. وفي المحصلة، قضت المحكمة الدستورية بابطال الانتخابات التشريعية الاخيرة التي نظمت في كانون الاول (ديسمبر) الماضي وبحل البرلمان الحالي الموالي للحكومة، الا انها ايدت دستورية المرسوم الاميري بتعديل نظام الانتخابات واعتماد قانون الصوت الواحد، الامر الذي اعلنت المعارضة رفضها له مؤكدة انها وعلى غرار الانتخابات الاخيرة ستقاطع «المقبلة».

الغاء الانتخابات
وفيما ايدت المحكمة دستورية المرسوم الاميري المتعلق بالتصويت لمرشح واحد، قررت الغاء الانتخابات الاخيرة على اساس الطعن في مرسوم اميري آخر تم بموجبه تشكيل اللجنة الوطنية للانتخابات.
وبحسب تفاصيل الحكم، اعتبرت المحكمة ان المرسوم الثاني المتعلق بتشكيل اللجنة الوطنية للانتخابات غير دستوري، وبالتالي ابطلت الانتخابات وحلت البرلمان. كما حكمت المحكمة بعدم الغاء القوانين التي اصدرها البرلمان المنحل.
وبالتوازي مع ذلك، شدد أمير الكويت، الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، على احترام أحكام القضاء بعد حكم المحكمة الدستورية بإبطال برلمان العام 2012. وقال إن الكويت دولة مؤسسات يحكمها الدستور والقانون، وإنه لا سلطة تعلو على سلطة الحق والعدالة. وأضاف أن أهل الكويت يحرصون عند اختلافهم على الاحتكام الى القضاء والالتزام بالقنوات والأطر الدستورية، وهي سمة حضارية والتزام بمرجعياتنا وانتصار للديمقراطية يحق لكل كويتي أن يفخر بها.
وأكد أنه يقبل عن طيب خاطر حكم المحكمة الدستورية أياً كان، ودعا جميع المواطنين إلى احترام هذا الحكم والامتثال له احتراماً للقضاء والتزاماً بالدستور.
الى ذلك، وصف رئيس البرلمان «المنحل» علي الراشد، قرار المحكمة الدستورية بـ «المفخرة للكويتيين»، مشيراً الى انه يؤكد سيادة دولة المؤسسات والقانون.
واشار الراشد في تصريحات صحافية، الى احترام الجميع القرار، والى انه يعطي الفرصة لشريحة كبيرة في المجتمع كانت قد قاطعت الانتخابات السابقة للعودة والمشاركة، ما يعزز العملية السياسية في البلاد.
واعتبر سياسيون وبرلمانيون كويتيون القرار بانه حل وسط وانه «اقترب من صيغة لا غالب ولا مغلوب»، معترفاً بانه لا يحل كل المشكلات، بينما اعتبر آخرون القرارات بانها تؤسس إلى انقسام في صفوف المعارضة، لجهة اختلاف التقويم، واختلاف اسلوب التعاطي معها.
وأكد الراشد الانعكاسات الجيدة للقرار بالنسبة الى العملية السياسية ككل، قائلاً إنه «أعطى الفرصة لأكبر شريحة، في المجتمع للمشاركة، والعودة عن قرار المقاطعة»، واصفاً من اعلنوا المقاطعة للانتخابات المقبلة بـ «القلة القليلة». ومؤكداً ان عامل الوقت هو الذي يمكن ان يرفع نسبة عدم المشاركة. فالدستور يلزم باجراء الانتخابات خلال شهرين من تاريخ صدور القرار، وبالتالي تتصادف الانتخابات مع موعد الاجازة الصيفية، التي يمضيها الكويتيون في الخارج.

انهاء تعدد الاصوات
الى ذلك، توقف سياسيون وبرلمانيون عند المفصل الرئيس في القرار، والذي ينهي مسألة تعدد الاصوات ويضع حداً لعملية منح كل ناخب اربعة أصوات. وتوقعوا ان يؤدي القرار الى انقسام المعارضة.
واستند محللون الى تأكيدات اطلقها النائب المعارض، والقيادي في الحركة الدستورية الإسلامية محمد الدلال، على ان هذا الحكم ستكون له «تداعيات خطيرة» على الحياة السياسية الكويتية لأنه منح السلطة التنفيذية «سلطات كبيرة جداً» تمكنها من التحكم في النظام الانتخابي وبالتالي مخرجات العملية الانتخابية وما سينتج عنها من برلمان.
في حين وصف النائب السلفي السابق وليد الطبطبائي القرار بانه أسوأ قرار، معتبراً انه ليس مهماً حل هذا المجلس بقدر «ما يهمنا إلغاء مرسوم الصوت الواحد والعودة إلى نظام الأربعة أصوات الصادر بإرادة شعبية».
وخلال الشهور القليلة الماضية تضاءلت قدرة المعارضة على تسيير احتجاجات واسعة كما كانت تفعل في بداية صدور مرسوم الصوت الواحد بسبب خلافاتها الداخلية. وسعي البرلمان الجديد الى اقرار قوانين توصف بـ «الشعبوية» لتحقيق قدر أكبر من الشرعية حيث أقر عدداً من التشريعات أعاد من خلالها جدولة قروض شريحة كبيرة من المواطنين ومنح شرائح أخرى مزايا مالية كبيرة وهو ما دفع الحكومة للشكوى من الضغط المالي الذي تمثله هذه التشريعات.
من جهته، قرر مجلس الوزراء الكويتي تحديد موعد الانتخابات الجديدة في يوم الخميس الموافق 25-7-2013 وذلك استكمالاً لتنفيذ حكم المحكمة الدستورية. وهذه هي المرة الثانية التي تحل فيها المحكمة الدستورية البرلمان خلال عام واحد، فقد حلت البرلمان الذي كان فيه للمعارضة أغلبية في شهر حزيران (يونيو) من العام الماضي.

الكويت – «الاسبوع العربي»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق