افتتاحية

اخطاء مميتة… ولا حساب

عندما لا يكون الحكم على مستوى الاحداث، يقع في اخطاء مميتة، اما عن خوف، او جهل او عجز او عدم ارادة، تصيب المواطن في الصميم، ويدفع ثمنها غالباً ما يكون باهظاً. وهذا ما جرى في الايام الماضية دون اي محاسبة. فالمواطن هو الذي يفترض فيه ان يحاسب، ولكن يبدو ان اليأس دخل قلوب اللبنانيين فشلت حركتهم والتزموا الصمت ونجحت المنظومة الفاشلة المتحكمة بالبلد في اسكاتهم والاستمرار ببسط اراداتها دون ان تحسب اي حساب للاخرين.
اشهر مرت، وربما سنوات، والحديث متواصل عن التدقيق الجنائي، الى ان تمت الموافقة على اجرائه، ليس شاملاً كما كان يفترض، حتى تتكشف بؤر الفساد كلها ويتم وضع حد لها، وفضح من افلس البلد، بل شمل مصرف لبنان وحده، وقد يكون ذلك من باب الانتقام، لا المصلحة العامة. ودفع اللبناني من جيبه نحو ثلاثة ملايين دولار لشركة الفاريز اند مارشال لتقوم بهذا العمل. ومرت الاشهر حتى كاد المواطن ينسى الموضوع، الى ان تسرب مؤخراً ما يفيد ان الشركة ارسلت تقريرها الى وزارة المال، التي كتمت النبأ لايام، الى ان وصل الى الاعلام. ولما بدأت المطالبة باعلان محتوياته، ادعى وزير المال بانه ليس التقرير النهائى، بل مسودة لوضع الملاحظات عليها. انه تهرب واضح. فماذا يضير الوزير خليل لو نشر ما جاء في التقرير، حتى يطلع المواطنون عليه، وهذا من حقهم؟ فهم الذين دفعوا ثمنه وهم المتضررون من الفساد الذي دمر البلد؟ لم يرضخ خليل للامر، وبقي محتوى التقرير طي الكتمان حتى الساعة وهذا يثير الشك حول وجود اسماء كثيرة وكبيرة ربما متهمة، ولكن المنظومة وفقاً لمبدئها تريد ان تحمي انصارها ورجالها ولذلك تريد اخفاء الحقيقة. ورفضت نشر التقرير.
الحدث الثاني المخزي والمستنكر تمثل في امتناع وزارة الخارجية، بالتوافق مع رئيس الحكومة، عن التصويت في الامم المتحدة على قرار بتشكيل لجنة اممية خاصة، تبحث عن مصير المخطوفين والمغيبين في سوريا، وعددهم يناهز المئة الف، بينهم الاف اللبنانيين الذين اختطفوا على ايدي الجيش السوري على فترات. الحكومة حاولت تبرير تنكرها لشعبها بالقول ان اللجنة لن تصل الى اي نتيجة، وان الحكومة ستواصل الاتصال بالحكومة السورية لحل القضية. فهل هي تخدع نفسها ام تخدع الناس؟ سنوات طويلة مرت على اختفاء هؤلاء، ولم يترك اهلهم وسيلة الا واستخدموها لكشف مصيرهم، ولكن جميع الجهود ذهبت هباء، ولم تسفر عن اي نتيجة. فلماذا الاستخفاف بعقول الناس؟
وقالت الحكومة ايضاً انها لا تريد اغضاب سوريا، خصوصاً وهي عازمة على ترسيم الحدود البحرية معها. وفي هذا الموضوع ايضاً هربت الحكومة الى الامام، لقد جربت في السابق البحث في الترسيم، واصطدمت بموقف سوري رافض للحقوق اللبنانية. ويسأل المواطن كيف يمكن ان تنجح الحكومة في ترسيم الحدود البحرية مع سوريا، وهي التي فشلت في حل خلافات محلية في عدد من المناطق اللبنانية حول حدود بين اراضي قرية واخرى، وخلاف على حقوق في مياه؟ وكان اخر هذه الخلافات ما حصل قبل ايام في القرنة السوداء بين بشري وبقاعصفرين وقد تطور الخلاف الى جريمة ذهب ضحيتها شابان من آل طوق، اشعل اغتيالهما نار الفتنة الطائفية لولا تصرف العقلاء ولا تزال حتى الساعة ناراً تحت الرماد، بانتظار جلاء الحقيقة من خلال التحقيق الذي يجريه الجيش اللبناني والقضاء المختص. وقد توصل الجيش الى كشف خيوط الجريمة واوقف 11 شخصاً.
هاتان عينتان عن سياسة المنظومة والتعليق عليهما، لا قيمة له طالما انها لا ترى ولا تسمع. فهي متنكرة لشعبها وسائرة نحو مصالحها الخاصة، حتى سقط البلد، الحل الوحيد هو بالتغيير.

«الاسبوع العربي»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً

إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق