لو كان في لبنان محاسبة
اربع سنوات مرت على الازمة والوضع على حاله، لا بل يزداد سوءاً وتدهوراً. في ظل منظومة كانت السبب في تدميره. فلو كنا في بلد يحكمه القانون ورجال ذوو خبرة ونظافة كف، لكنا اليوم اجتزنا المرحلة الصعبة وبدأنا رحلة التعافي. ولكن مع هذه الطبقة السياسية التى وصفتها المنظمات العالمية بالفاسدة عدنا الى الوراء، حتى لامسنا القعر. وكل ذلك في غياب المحاسبة.
لو كان في لبنان محاسبة هل كان البلد منذ سنة ونصف السنة بلا رأس للجمهورية؟
لو كانت هناك محاسبة هل كان المجلس النيابي يجتمع للتشريع تحت ذريعة سخر منها الجميع وهي تشريع الضرورة ويرفض الاجتماع لانتخاب رئيس للجمهورية وهو على رأس مشاريع الضرورة؟
لو كانت هناك محاسبة هل كان المجلس النيابي يصوت على موازنة وصفها جميع الخبراء الاقتصاديين بانها مدمرة للاقتصاد وللشركات وخصوصاً لاكثر من 90 بالمئة من الشعب اللبناني الذي افقروه.
لو كانت هناك محاسبة هل كانت اموال المودعين، جنى عمرهم تضيع هباء، ويمنع القضاء من ملاحقة المسؤولين. فالوديعة مقدسة والتصرف بها من دون ارادة المودع جريمة اقل ما يقال فيها انها تستحق السجن.
لو كانت هناك محاسبة هل كانت حكومة تصريف الاعمال غير حائزة على ثقة مجلس النواب، تمارس صلاحيات رئيس الجمهورية بالحد الاقصى واحياناً كثيرة تعتدي عليها، تحت ذريعة «الضرورة». وهي حكومة غير مكتملة وبالكاد يستطيع رئيسها جمع النصف؟
لو كانت هناك محاسبة هل كانت وزارة الطاقة ترفض على مدى سنوات طويلة تشكيل الهيئة الناظمة رغم كل المطالبات والضرورات القصوى لتشكيلها؟
لو كانت هناك محاسبة هل كانت مياه بيروت وجبل لبنان ترفع رسم الاشتراكات اضعافاً مضاعفة سنة بعد سنة، ولا تؤمن المياه الى المواطنين طوال فصل الصيف وتحيلهم الى الصهاريج مكبدة اياهم نفقات باهظة؟
لو كانت هناك محاسبة هل كانت الدوائر العقارية والنافعة وغيرهما، تقفل على مدى سنوات وتحرم الخزينة التي افرغوها من مدخول كبير؟
لو كانت هناك محاسبة هل كانت الادارات الرسمية مقفلة على مدى اشهر طويلة ومصالح الناس معطلة؟
لو كانت هناك محاسبة لم يدخل حتى الساعة فاسد واحد داخل القضبان رغم ان لبنان يحتل المرتبة المخزية في لائحة الفساد الدولية؟
لو كانت هناك محاسبة هل كان الاف الاشخاص الذين حشروا في الادارات الرسمية من قبل السياسيين لمصالح انتخابية لا يزالون في مراكزهم، وكثيرون لا يذهبون الى المراكز التي عينوا فيها.
لو كانت هناك محاسبة هل كان ينفق على الكهرباء اكثر من اربعين مليار دولار ولا نزال نعيش في العتمة رغم مرور اكثر من ثلاثين سنة على انتهاء الحرب؟
لو كانت هناك محاسبة، هل كانت وزارة الاتصالات تضاعف الرسوم على الهاتف الارضي والخليوي والانترنت عشرات الاضعاف وجودة الاتصالات لا تتعدى الصفر.
لو كانت هناك محاسبة لماذا طوي ملف اتهام ستة وزراء اتصالات بتضييع اموال على الخزينة بالملايين، ولم يعد احد يذكره؟
لو كانت هناك محاسبة هل كان التحقيق في تفجير المرفأ يتوقف بتدخل سياسي وينام في الادراج رغم سقوط الاف القتلى والجرحى وتدمير العاصمة؟
لو كانت هناك محاسبة هل كان التحقيق مع حاكم مصرف لبنان السابق المتهم دولياً ومحلياً يتعطل ولا يعود احد يسمع عنه شيئاً.
لو كانت هناك محاسبة هل كان لبنان يسمى «عدو الارقام»؟
مَنْ من اللبنانيين يعرف ما هو رقم الخسائر المترتبة على الدولة نتيجة الفساد المستشري، بعد ان كان لبنان مليئاً وقد اقرض الكويت يوماً؟
من يعرف عدد الموظفين العاملين في الادارات الرسمية؟
من يعرف عدد النازحين السوريين الذين يشكلون عبئاً قاتلاً على لبنان وامنه واقتصاده وبناه التحتية الخ…
لائحة طويلة والاجابة عليها شبه مستحيلة لان الدولة عدوة الارقام التي ان وجدت تحتم المساءلة والمنظومة تهرب دائماً من المواجهة ولا تقبل ان تقف في قفص الاتهام رغم ما سببته من مآسي لهذا البلد واهله.
ما هو الحل؟
لم يعد هناك لبناني يجهل ان لا خلاص الا بالتغيير والاتيان بطبقة سياسية نظيفة وانتخاب رئيس حيادي، غير مرتهن ولا يخضع لاحد، ويكون هدفه الاول والاخير مصلحة البلد. فمن هو القادر على تأمين هذا الحل؟ انه بالطبع الشعب اللبناني اذا استفاق يوماً من غفوته.
«الاسبوع العربي»