افتتاحية

هدية وزارة الطاقة الميلادية للمواطنين

في العادة نسأل كيف عيّد اللبنانيون؟ ولكن هذه المرة سنسأل كيف عيدت بعض الوزارات مواطنيها؟ والعيدية الاكبر جاءت هذه السنة من وزارة الطاقة، وهذا ليس غريباً عنها. لقد عودتنا على مفاجآت بتنا نضع ايدينا على قلوبنا في كل مرة يقترب فيها العيد.
نبدأ بالكهرباء ثلاثة ايام حتى الساعة ومنطقة الرميل في الاشرفية لم تشهد بصيص النور. لقد غاب التيار الكهربائي نهائياً عن المنازل، وعبثاً حاولنا التفتيش عنه، فاضأنا شمعة وسط هذه العتمة التي اعتادت شركة الكهرباء نشرها، منذ ان وُعدنا بتيار 24/24، فاذا بنا بعد مدة قصيرة نصل الى عتمة شاملة، وبالطبع كان الجواب «ما خلونا». من هم الذين وقفوا في طريقهم مع ان كل السلطات كانت في ايديهم؟ لا نعلم. واليوم استبدلت هذه العبارة التي اصبحت على كل شفة ولسان وحلت محلها كلمة «خدعونا». ما لنا ولكل ذلك. المهم ان عيد الميلاد المجيد، عيد النور الاتي الى العالم، مر علينا ونحن نغرق في ظلام دامس. لماذا؟ بالطبع لا جواب. والتقنين القاسي الذي هو اشبه بعقاب مفروض على منطقة الرميل منذ اكثر من ثلاثة اشهر، كان موضع زيارة قمنا بها الى شركة الكهرباء، ويا ليتنا لم نذهب. قضينا اكثر من ساعة نتنقل بين المكاتب علنا نعثر على من يفيدنا بما يحصل. ولماذا تستهدف هذه المنطقة. فلم نعثر لا على جواب، ولا على من يجيب. وعدنا ادراجنا وبقي العقاب ساري المفعول، الى ان اقترب العيد، فغاب التيار نهائياً. فهل من يستطيع ان يشرح لنا الاسباب؟ وهل يعود التيار في السنة الجديدة ام ان ما كتب قد كتب؟ وهل نُعيّد رأس السنة مثلما عيدنا الميلاد؟
ولكي تكمل وزارة الطاقة هديتها بمناسبة الاعياد قطعت المياه عن المنازل. وقد مضى على غيابها حتى الساعة سبعة ايام، والحبل على الجرار. لقد غرقت الشوارع بالطوفان والامطار الغزيرة التي تحولت الى سيول، ولكن المنازل كانت تعاني من جفاف القساطل، واضطر سكان العاصمة الى الاستعانة بالصهاريج لتأمين المياه الى منازلهم، حتى حسبنا انفسنا اننا عدنا الى فصل الصيف. فشركة مياه بيروت وجبل لبنان لا يصدر عنها سوى بيان واحد، يتكرر اسبوعياً، وهي تنادي المواطنين للاسراع في دفع اشتراكاتهم. فهي تطالب باموال يدفعها المواطن دون ان تقدم له السلعة التي يجب ان يحصل عليها. فهل في العرف التجاري من يدفع ثمن بضاعة غير موجودة؟
ازاء هذا كله نسأل ما الفائدة من بقاء وزارة الطاقة؟ هل هي لحشر الازلام والمحاسيب في دوائرها وتكبيد الخزينة الاموال الطائلة. ان عادة تقديم الحوافز للناخبين، منتشرة في مختلف الوزارات. وعبثاً حاول المصلحون تقديم النصح للمسؤولين بتنقية الادارة وتوفير المليارات على الخزينة التي افلسوها اصلاً، ولكن هذا مستحيل. ذلك ان من يجب ان يقوم بالاصلاح، والاستغناء عن الاف الاشخاص الذين يتواجدون في الوزارات، واحياناً كثيرة لا يتواجدون الا في نهاية كل شهر لقبض رواتبهم، وتدفع لهم بدلات ساعات اضافية، هم انفسهم الذين ادخلوهم الى نعيم الدولة. فكيف يمكنهم ان يصرفوهم؟ فلو ان وزارة الطاقة خصوصاً، والوزارات الاخرى عموماً. ينفذ المسؤولون عنها قواعد الاصلاح وتنفق الاموال التي تذهب هدراً على الذين لا يعملون، على الكهرباء والمياه لتأمن النور للناس، ولما احتاج المواطنون الى الصهاريج.
باختصار ان الاصلاح يجب لن يبدأ من شركة الكهرباء ومياه بيروت وجبل لبنان، امتداداً الى الوزارات الاخرى. هذا اذا كانت هناك ارادة للتغيير. والافضل ان تلغى وزارة الطاقة نهائياً طالما هي عاجزة عن تأمين الكهرباء والمياه. وفي ما عدا ذلك لن تستقيم الامور.

«الاسبوع العربي»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق