… وتشبهوا ان لم تكونوا مثلهم
متى يدرك نوابنا الكرام ومعهم المنظومة السياسية ان صورتهم اهتزت وتشوهت، وهم متربعون على كراسيهم غير مبالين؟ اليس عار عليهم ان يأتي موفد رئاسي من دولة اجنبية او سفير من بعيد ليدلهم على واجباتهم، ويذكرهم بالمهمة الموكلة اليهم؟ منذ اشهر، لا بل سنوات ادركت الدول الصديقة للبنانيين، عجز الطبقة السياسية الفاضح، فشكلت لجنة تضم ممثلين عن هذه الدول، وطلب اليها اعطاء دروس بالوطنية الى ممثلي الشعب اللبناني فشرحت لهم واجباتهم التي يحددها الدستور ولكن هذه اللجنة لم تلق اذاناً صاغية، فتابعت اتصالاتها ولا تزال، ولكن عبثاً. ثم جاء موفد رئاسي، وكلف بالمهمة عينها ولكن النتيجة واحدة. فالسياسيون عندنا لا يسمعون، اما عن عدم معرفة بما يتوجب عليهم تجاه ناخبيهم ووطنهم، واما عن عدم اهلية، يثبتون في كل مرة انهم ليسوا اهلاً للمهمة التي انتدبوا من اجلها. من المتعارف عليه ان شخصاً يعهد اليه بمهمة ما، فاذا فشل في القيام بها، اما يقدم استقالته، حفاظاً على كرامته واما يقال عنوة، فلماذا لا يطبق هذا القانون على النواب الذين مضت سنتان من عمر المجلس النيابي، دون ان يتمكن من انتخاب رئيس للجمهورية؟ الم يحن الوقت بعد لممارسة هؤلاء المقصرين عن القيام بواجباتهم؟ انهم لا يكتفون بذلك، بل انهم يفسرون الدستور وفق مصالحهم، ويخرقونه باستمرار. انهم بموجب النصوص الدستورية هيئة انتخابية لا يحق لها القيام باي مهمة اخرى، قبل انتخاب رئيس للجمهورية. ولكنهم يتجاهلون، ويعقدون جلسات تشريعية لا لخدمة الشعب، بل من اجل خدمة المنظومة السياسية، حتى تحول المجلس النيابي الى ما يشبه مؤسسة خاصة تراعي مصالح الممسكين بها، بعيداً عن مصلحة الشعب.
الدستور ينص على انه في الايام العشرة الاخيرة التي تسبق انتهاء العهد، وفي حال لم يدع المجلس الى الانعقاد، يجتمع النواب تلقائياً، ومن دون دعوة، لانتخاب رئيس وبالتالي هم قادرون اليوم على الاجتماع دون دعوة، ولا يخرجون من المجلس الا وقد انتخبوا رئيساً.
نشرت وسائل التواصل الاجتماعي فيديو نقلاً عن محطة عربية جاء فيه ما يأتي: «كانت حادثة عادية جداً ولكنها غيرت حياة البريطانيين. ففي العام 1969 نزلت امرأة بريطانية الى السوق لشراء حاجاتها. فوجئت تلك السيدة عندما ارادت شراء آلسمك، بان سعره مرتفع باكثر من 30 بالمئة، وان ما تحمله من نقود لا يكفي. فغضبت وقررت الذهاب فوراً الى مجلس العموم (مجلس النواب)، وكان قريباً منها. توجهت الى هناك ودخلت مباشرة الى باب قاعة المجلس اثناء انعقاده، وطلبت مقابلة النائب الذي انتخبته. حاول الحراس عبثاً اقناعها بان المجلس في حالة انعقاد، وبامكانها الانتظار الى ان يحين وقت الاستراحة. ولكنها اصرت على مقابلته فوراً وبدأت بالمناداة على النائب باعلى صوتها، حتى لفتت انتباه رئيس المجلس. وما كان من الرئيس الا ان قام من مكانه وتوجه اليها، وبكل احترام وهدوء، سألها عما تريد؟ فقالت ان لديها شكوى عاجلة تريد ايصالها الى نائبها، وكل النواب الاخرين. ودون ان يسألها عن ماهية شكواها قام فوراً باصطحابها الى منصة المتحدثين، واعطاها المكروفون وقال لها تفضلي سيدتي تحدثي، وكل مجلسنا اذان صاغية. امسكت المرأة الميكروفون وقالت: من المعيب ونحن ابناء بريطانيا العظمى، ان نعيش في جزيرة وحولنا البحر ونملك اساطيل تجوب المحيطات ولا يمكننا تناول وجبة من السمك لارتفاع سعره. لقد انتخبناكم لتكونوا لنا عوناً على تجار البلاد الجشعين، والتفتت الى نائها وقالت له انا لم انتخبك لتقف مع هؤلاء التجار الحمقى الجشعين. قالت كلمتها تلك ورمت الميكروفون وغادرت غاضبة. اول ردة فعل كانت من النائب الذي وجهت اليه حديثها. فقد قدم استقالته لرئيس المجلس قبل ان تغادر المرأة المبنى. وتم سن قانون يمنع رفع سعر السمك؟ فلماذا لا يتشبه نوابنا الذين لا يجدون في انفسهم الكفاءة فيقدمون استقالاتهم ويستعيدون كرامتهم وكرامة الوطن؟ بالامس اصدرت المدارس الخاصة اقساطها للعام المقبل وبرغم كل النفي فقد ارتفعت مئة بالمئة. فلماذا لا يأتي اهالي الطلاب وابناؤهم الى المجلس ويسألوا نوابهم: ماذا فعلوا حيال هذا الامر؟ لقد باتت الاستقالة هي الحل الذي لا بد منه، والتغيير في يد الشعب فهل يأتي يوم يستيقظ فيه هذا الشعب المتخاذل الذي بات ينتظر اقاربه في الخارج ليساعدوه، مع ان مفتاح التغيير في يده. فمن يدله على الطريق؟
«الاسبوع العربي»