مجالس معطلة… والحل بحلها
سنتان على غزو اوكرانيا من قبل روسيا، وستة اشهر على حرب اسرائيل على غزة، وحالياً على لبنان، بعدما تحولت الاشتباكات المضبوطة الى حرب حقيقية، توقع القتلى والجرحى وتدمر المنازل وتتلف الحقول، وتفسد التربة بالقنابل الفوسفورية، كل هذه الجرائم التي ترتكبها روسيا واسرائيل وقف العالم ازاءها متفرجاً، يحصي الضحايا التي تسقط بالمئات يومياً، ولا من رادع.
لقد انشىء مجلس الامن كأعظم قوة في العالم تشترك فيها جميع الدول، متعهدة الدفاع عن الشعوب ورفع الظلم عنها. الا ان السياسة والمصالح الخاصة فخخاه من الداخل وعطلا قوته، فاصبح فاقداً لثقة واحترام الشعوب كافة. يأخذ القرارات فتبقى حبراً على ورق، هذا اذا توصل الى اتفاق على قرار. منذ ايام وبعدما منع «الفيتو» اللعين المتسلحة به الدول الكبرى، الوقوف بوجه الطغيان في غزة وفي لبنان، تمكن من اتخاد قرار بوقف النار. وكالعادة، تحدته اسرائيل ولم تطبقه وهي التي تجاهلت عشرات القرارات قبله بحقها. ولم يثر المجلس لكرامته، واعتبر انه قام بما يتوجب عليه ولم يحرك ساكناً. وهذا ما جعل حرب غزة تتمدد الى لبنان، ولم تعد الحدود الجنوبية اللبنانية جبهة مساندة، بل تحولت الى حرب حقيقية، طاولت العمق اللبناني وتنذر بما هو اشد وادهى. ان المقاومة قادرة على الحاق الدمار باسرائيل مقابل ما تلحقه بلبنان. ولكن ما هي الفائدة؟ من تدمير لبنان، هناك واقع يجب اخذه بعين الاعتبار. ان اسرائيل اذا تدمرت تسارع الدول الغربية كلها من الولايات المتحدة الى اوروبا وتعمل على اعادة اعمار ما تهدم وبسرعة قياسية. تماماً كما تسابقت الى الدولة العبرية يوم شنت حماس الهجوم عليها. اما لبنان فليس هناك جهة واحدة مستعدة لدفع دولار واحد لاعادة الاعمار.
ان كل ذلك يجري والحكومة غائبة تماماً. وقد سبق لرئيسها ان اعلن ان لا دخل له بكل ما يجري، وكذلك المجلس النيابي الذي لم يسمع له صوت طوال هذه المدة، وهذا ما اعتاد عليه منذ انتخابه. لقد تخلى عن دوره الاساسي ورفض انتخاب رئيس للجمهورية. فكما ان الفيتو عطل مجلس الامن، فان السياسة والمصالح الخاصة عطلت المجلس النيابي الذي يعتبر بحسب القوانين القوة العظمى التي تملك كل الصلاحيات والتي تفوق صلاحيات رئاسة الجمهورية. فالنظام في لبنان برلماني بامتياز، وكلمة الفصل له ولكنه اما عاجز واما مشلول ولا يقوم بواجباته.
ان الحل الامثل هو في الغاء مجلس الامن واعادة تكوينه من جديد وفق قوانين جديدة تحفظ له قوته ودوره، في وقف الاعتداءات وحماية حقوق الشعوب ورفع الظلم عنها. واما المجلس النيابي اللبناني والذي اثبت تخليه بالكامل عن مسؤولياته، فعلى الشعب الذي انتخبه ان يسقطه ويلجأ الى انتخابات مبكرة، يعرف هذه المرة كيف يختار ممثليه من اشخاص لا ينتمون الى اي جهة سياسية، اولويتهم المصلحة العامة وحقوق الشعب. وهكذا تستقيم الامور في العالم عبر مجلس امن فاعل وفي لبنان عبر مجلس يمثل ارادة الشعب ويعمل لمصلحته ومصلحة الوطن.
«الاسبوع العربي»