تحقيقدولياترئيسي

هل قرار مجلس الأمن وقف إطلاق النار في غزة مُلزم قانونياً وما تداعيات عدم تنفيذه؟

لم تضع الحرب في غزة أوزارها رغم انقضاء يومين من اعتماد مجلس الأمن الدولي لقرار يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار بين حركة حماس وإسرائيل. تشرح لكم فرانس24 طبيعة موقف الولايات المتحدة بعد امتناع السفيرة الأميركية عن التصويت ما أتاح تبني القرار، وتقف عند تصريحات أميركية تقول إنه غير ملزم قانونياً، وكذا عند التداعيات المحتلمة لعدم احترامه ومواقف الدول التي تتمتع بحق النقض (الفيتو).
لم تتوقف الحرب في قطاع غزة الأربعاء ولم تفرج الفصائل المسلحة الفلسطينية عن أي رهينة، رغم مضي يومين على اعتماد مجلس الأمن لقرار يطالب بوقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل.
فقد شنّت إسرائيل ليل الثلاثاء الأربعاء قصفاً مكثفاً على مدينة رفح جنوب غزة رغم الضغوط الدولية من أجل «وقف فوري لإطلاق النار» في القطاع.
وفي لبنان أيضاً، أعلنت «الجماعة الإسلامية» الفصيل الإسلامي المحلي المرتبط بحركة حماس الفلسطينية، بأن غارة جوية إسرائيلية استهدفت فجر الأربعاء مركزاً إسعافياً في قرية الهبّارية (جنوب) ما أسفر عن سقوط سبعة قتلى.
والثلاثاء، أعلنت وزارة الصحة التابعة لحركة حماس في قطاع غزة أن دبابات وآليات عسكرية إسرائيلية فرضت حصاراً على مجمّع ناصر الطبي في مدينة خان يونس جنوبي القطاع.
وتواصل إسرائيل هجوماً برياً وجوياً على غزة، قالت السلطات الصحية في القطاع إنه أودى بحياة ما يزيد على 32 ألفاً من الفلسطينيين حتى الآن.
كما يثير النقص الشديد للأغذية مخاوف من حدوث مجاعة بعدما بدأ مدنيون جوعى في القطاع في البحث عن نبات الخبيزة الأخضر البري لعدم وجود أي شيء آخر صالح للأكل.
تشرح لكم فرانس24 في هذه الورقة مجموعة من المحاور المتعلقة خصوصاً بتفاصيل تنفيذ القرار وكذا التداعيات المحتملة لعدم التزام الأطراف بقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.

هل غيّرت الولايات المتحدة من نهجها؟
لقد تخلت الولايات المتحدة عن نهجها المعتاد في توفير الحماية المطلقة لحليفتها إسرائيل في الأمم المتحدة، بعد امتناعها عن التصويت بدلاً من استخدامها كالعادة لحق النقض (الفيتو ويمنح للأعضاء الخمسة دائمي العضوية في مجلس الأمن وهم الصين وفرنسا وروسيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة). لكن واشنطن وصفت نص القرار الموجز بأنه «غير ملزم».
حيث قالت السفيرة الأميركية لدى المنظمة الدولية ليندا توماس غرينفيلد إن بلادها تؤيد بشكل كامل «بعض الأهداف الحاسمة في هذا القرار غير الملزم»، لكنها لا توافق على كل ما ورد في النص، الذي لم يندد بحماس أيضاً.
أثار هذا التصريح رد فعل فوري من أعضاء مجلس الأمن الآخرين ودول أعضاء في الأمم المتحدة وجماعات لحقوق الإنسان، لكنه أثار خصوصاً تساؤلات حول كيفية تأثيره على جهود واشنطن لمعالجة الأزمات العالمية الأخرى في هذه الهيئة.

هل قرار وقف إطلاق النار في غزة مُلزم قانونياً؟
وفق الميثاق التأسيسي للمنظمة الأممية «يوافق أعضاء الأمم المتحدة على قبول قرارات مجلس الأمن وتنفيذها». وقد استشهدت العديد من الدول الأعضاء بهذا أي عبر المادة 25 في الرد على التعليقات الأميركية.
فقد قال فرحان حق نائب المتحدث باسم الأمم المتحدة الإثنين إن «جميع قرارات مجلس الأمن هي قانون دولي. لذلك إلى هذا الحد، فهي ملزمة مثل القانون الدولي». مضيفاً: «في نهاية المطاف، التنفيذ هو مسألة إرادة دولية».
لكن نيت إيفانز المتحدث باسم ليندا توماس غرينفيلد قال الثلاثاء إن القرار «لا ينشئ التزامات جديدة بموجب القانون الدولي، مثل ما يفعله المجلس عندما يفرض عقوبات إلزامية». وتابع: «ومع ذلك، وعلى الرغم من أن القرار يفتقر إلى بنود ملزمة، فإن جميع قرارات مجلس الأمن لها وزن كبير ويجب تنفيذها».

ما الذي سيحدث في حال لم يتم تنفيذ قرار مجلس الأمن؟
يتمتع مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بالقدرة على فرض العقوبات والتفويض باستخدام القوة العسكرية للحفاظ على السلام والأمن الدوليين أو استعادتهما.
لكن اتخاذ مثل هذا الإجراء يتطلب إصدار قرار وهو ما يتطلب موافقة تسعة أصوات على الأقل وعدم استخدام الولايات المتحدة أو روسيا أو الصين أو فرنسا أو بريطانيا لحق النقض (الفيتو).
ومن غير المرجح أن يتخذ المجلس أي إجراء ضد إسرائيل أو حماس إذا لم ينفذ أي منهما القرار الذي يطالب بوقف إطلاق النار خلال شهر رمضان الذي ينتهي خلال أسبوعين، وإطلاق سراح الرهائن.
يوضح ريتشارد جوان مدير شؤون الأمم المتحدة بمجموعة الأزمات الدولية: «في الواقع، من الضروري للأسف الاعتراف بأن العديد من قرارات المجلس تفشل بغض النظر عن وضعها القانوني». مضيفاً: «لقد تجاهلت الأطراف المتحاربة في جميع أنحاء العالم (تلك القرارات) ولم تخرج سوى مظاهرت فقط لتأييد دعوات الأمم المتحدة السابقة لوقف إطلاق النار».

ما هي التداعيات المحتملة لوجهة النظر الأميركية؟
تحذر جماعات حقوق الإنسان من أن ادعاء الولايات المتحدة بأن قرار مجلس الأمن حول وقف إطلاق النار في غزة هو غير ملزم قد يخلق مشاكل في المستقبل. حيث رأى لويس شاربونو، مدير شؤون الأمم المتحدة في منظمة هيومن رايتس ووتش، إن الموقف الأميركي «يخاطر بجعل الدول أقل احتمالاً للامتثال للقرارات، وهذا يشمل القرارات التي تريد الولايات المتحدة تنفيذها».
في السياق، قالت شيرين تادرس، مسؤولة شؤون الأمم المتحدة بمنظمة العفو الدولية، إن ميثاق الأمم المتحدة واضح بشأن الطبيعة الملزمة لقرارات مجلس الأمن، وأضافت: «لا أذكر أنني سمعت الولايات المتحدة تشكك في تلك الطبيعة الملزمة عندما يتعلق الأمر بالقرارات الأخرى المعتمدة بشأن سوريا على سبيل المثال».
وقالت تادرس أيضاً إن «ما فعلته الولايات المتحدة لم يجعل تنفيذ القرار الذي كان من شأنه أن ينقذ حياة الإسرائيليين والفلسطينيين أكثر صعوبة فحسب، بل إنه قوض النظام الدولي برمته أيضاً».

ما رأي الدول التي تتمتع بحق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن؟
قال السفير الفرنسي لدى الأمم المتحدة نيكولا دي ريفيير أمام اجتماع لمجلس الأمن بشأن الشرق الأوسط الثلاثاء، إنه «يجب أن يطبق هذا القرار من قبل الجميع، كما تنص على ذلك المادة 25 من الميثاق».
وخلال الاجتماع، تساءل سفير روسيا لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا عما إذا كان وصف واشنطن للقرار بأنه غير ملزم يعني أن الولايات المتحدة «لم تعد تعتبر نفسها ملزمة بأحكام ميثاق الأمم المتحدة».
وقال نيبينزيا أيضاً: «إذا كان الأمر كذلك، فلا فائدة من مناقشاتنا في القاعة على الإطلاق. فقد قال أحد الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن صراحة إنه لا يقبل ميثاق منظمتنا».
وتعرضت روسيا نفسها للتوبيخ من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة لانتهاكها ميثاق الأمم المتحدة بغزو أوكرانيا في شباط (فبراير) 2022. واستخدمت روسيا حق النقض لمنع مجلس الأمن من اتخاذ أي إجراء ضدها بشأن أوكرانيا.
من جانبه، قال نائب سفير الصين لدى الأمم المتحدة قنغ شوانغ الثلاثاء إن قرارات المجلس ملزمة و«هذا ليس موضع شك أو تحدي». وأضاف أن البيان الأميركي بأن قرار الإثنين غير ملزم «يجعلنا نشكك في الإرادة السياسية وصدق الولايات المتحدة».
ورداً على سؤال عما إذا كان القرار ملزما، قالت سفيرة بريطانيا لدى الأمم المتحدة باربرا وودوارد الإثنين: «هذا القرار يحتاج إلى التنفيذ على الفور… إنه يبعث برسالة واضحة من المجلس، رسالة مجلس موحد، ونتوقع تنفيذ جميع قرارات المجلس. هذا (القرار) ليس مختلفاً».

فرانس24/ رويترز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق