سياسة لبنانيةلبنانيات

مجزرة النبطية نقطة انطلاق السباق بين الحرب المدمرة والسلام

سقطت قواعد الاشتباك التي اعتمدت على الحدود الجنوبية اللبنانية، منذ الثامن من تشرين الاول الماضي، وتدحرجت الى غارات جوية عنيفة وقصف مدفعي وصاروخي مدمر، ومسيرات مفخخة تنهال صواريخها على المنازل والسكان، وتوقع الضحايا. هذه هي الجرائم التي يرتكبها العدو الاسرائيلي والتي يشتد سوادها يوماً بعد يوم، لتحقيق احلام رئيس وزرائه بنيامين نتانياهو الذي يهرب من السجن المحتم الذي ينتظره باللجوء الى الحرب، سواء في لبنان او في غزة. وعلى الرغم من النشاط الدبلوماسي المكثف الذي تبذله الدول الكبرى، من الولايات المتحدة الى الصين الى الاتحاد الاوروبي، فان اصوات المدافع لا تزال تعلو على ما عداها. وكانت الجريمة النكراء التي ارتكبها العدو في النبطية، والتي ذهب ضحيتها تسعة اشخاص بينهم سبعة من عائلة واحدة، النقطة التي انطلق منها السباق بين الحرب والدبلوماسية، التي فشلت حتى الساعة في تحقيق اي تقدم، اذ ان نتانياهو يرفض وقف اطلاق النار. ومن الطبيعي ان يرد حزب الله على هذه المجازر بقصف مركز على تجمعات العدو، وقد اتخذ قراراً بعد هجوم العدو بتدفيعه ثمن الدم البريء الذي اراقه، دماً. ومع هذا التصعيد الخطير الذي بات يهدد بصورة جدية بحرب اقليمية، تشعل الساحات كلها ويعود ضررها على الجميع، نشطت الدبلوماسية بتحرك اوسع للجم العنف.
رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي يحضر مؤتمر ميونيخ للامن كانت له لقاءات متعددة، صبت كلها في العمل على وقف الحرب على الحدود اللبنانية وتطبق القرار 1701، ونشر الجيش على طول الخط الازرق بمعاونة اليونيفيل. وطالب بانسحاب اسرائيل من جمع الاراضي اللبنانية المحتلة ووقف تعدياتها بالاختراق المستمر للقرار الدولي براً وبحراً وجواً. ولهذه الغاية كان له لقاء مع مستشار الرئيس الاميركي لشؤون الطاقة اموس هوكستين، ووزير خارجية مصر سامح شكري وممثل الاتحاد الاوروبي جوزيب بوريل ووزير خارجية الفاتيكان وغيرهم وتناول البحث موضوعين، اعادة الهدوء الى الجبهة اللبنانية بوقف الاعتداءات الاسرائيلية، وتثبيت الحدود المعترف بها دولياً في اتفاق الهدنة لعام 1949. اما الموضوع الثاني فحث الجميع على دفع اللبنانيين الى انتخاب رئيس للجمهورية يعيد الانتظام الى الادارات الرسمية، بعد تشكيل حكومة فاعلة قادرة على اتخاذ قرارات حاسمة، لفرض سيطرتها على الجميع وتحقيق العدل والمساواة بين المواطنين. وفي ما عدا ذلك فان كل التحركات تذهب هباء ولا تؤدي الى اي نتيجة.
فالجهود الدولية تتركز حالياً على محاولة الفصل بين ما يجري على الحدود اللبنانية والحرب في غزة وعندها يمكن اعادة الهدوء الى لبنان، الذي دفع في سبيل القضية الفلسطينية، ما فشل العرب جميعاً في مساواته فيها. لذلك فقد آن الاوان ليراعى مصلحته بعدما اصبح في خطر حقيقي. فهل ينجح الوسطاء في اقناع حزب الله بفك الارتباط بين لبنان وغزة، خصوصاً وان معركة الجنوب اللبناني لم تخفف من وطأة الحرب على القطاع. فالعدو ماضٍ في جرائمه وهو يخطط لارتكاب ابشع مجزرة، اذا اصر على اجتياح رفح. فعسى ان يعود السلام الى المنطقة كلها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق