أبرز الأخبارتحقيقسياسة عربية

إسرائيل تسلح المدنيين خشية تفجر «عنف داخلي» بين العرب واليهود

فيما تقترب ساعة الصفر لإطلاق الجيش الإسرائيلي العملية البرية على غزة بعد حشده المدرعات والدبابات ومئات الآلاف من الجنود على حدود القطاع، تستمر تل أبيب في تهيئة الجبهة الداخلية عبر تسليح المدنيين خشية اندلاع «عنف داخلي» بين العرب واليهود كما حدث في 2021، وأيضاً سكان المناطق الحدودية في ظل مخاوف من اتساع رقعة الحرب.
قالت السلطات الإسرائيلية إنها شكلت مئات الفرق الأمنية من المتطوعين خلال آخر أسبوعين، إثر حملة أطلقتها في أعقاب الهجوم المباغت الذي شنته حركة حماس في 7 تشرين الأول (اكتوبر). وأوضحت بأنها تُسلح المدنيين خشية اندلاع اضطرابات بين العرب واليهود بسبب الأحداث الجارية، رغم ما وصفته الشرطة بأنه سلوك «مثالي» حتى الآن.
يعيد الوضع الحالي إلى الأذهان ما وقع عام 2021 من احتجاجات عنيفة بمدن مختلطة في إسرائيل وحتى بالقدس الشرقية، شارك فيها المواطنون العرب الذين يشكلون 21 بالمئة من إجمالي السكان.

توزيع 40 ألف سلاح

ففي ظل هذا التوتر والمخاوف من تجدد الصدامات داخل إسرائيل بسبب الحرب في غزة، قال وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير إن هناك احتمالاً بأن يتكرر سيناريو اضطرابات 2021، وأمر بتخفيف اللوائح الخاصة بإصدار تراخيص حمل السلاح للمواطنين.
تتطلب هذه الشروط بشكل عام أن يكون المتقدمون للحصول على السلاح قد خدموا في الجيش الإسرائيلي، وهو أمر يُعفى منه معظم العرب.
وينشر بن غفير، زعيم اليمين المتطرف، باستمرار منشورات على حساباته في منصات التواصل، لعمليات توزيع الأسلحة على المدنيين اليهود، ويعيد أيضاً نشر منشورات مماثلة لشخصيات عامة في إسرائيل.
من ذلك، نشر الصحافي والسياسي والنائب السابق في الكنيست ينون ماغال، تغريدة في حسابه بمنصة إكس (تويتر سابقاً) حول توزيع أسلحة على العشرات من المتدينين المتشددين.
وتشارك الفرق الأمنية التي تنشئها إسرائيل من المتطوعين المدنيين في دوريات الشوارع وتدعم الشرطة. في هذا السياق، أوضح المفوض العام للشرطة كوبي شبتاي بأنه قد تم تشكيل 527 فرقة منذ 7 تشرين الأول (اكتوبر). كما قال إليعيزر روزنباوم نائب مدير عام وزارة الأمن القومي لنواب الكنيست، إنه قد صدر أمر بتوزيع 20 ألف سلاح على هذه الفرق وسيعقب ذلك توزيع 20 ألفاً أخرى.
وأضاف شبتاي بأن المتطوعين سيحصلون أيضاً على سترات واقية وخوذات. ولم يدل روزنباوم بتفاصيل عن نوع السلاح، إلا أن بن غفير نشر مقطع فيديو على الإنترنت لنفسه وهو يسلم بنادق آلية من طراز إم-16 أو إم-4.
تعقيباً، قالت نايلا جيلكوبف-بلايس، الناشطة الاجتماعية من مدينة حيفا التي يعيش فيها يهود وعرب، إن الشرطة يجب أن تعمل مع السلطات المدنية وأن تكون حذرة من «تكوين ميليشيات خاصة». وأضافت: «نحن في المدينة على صفيح ساخن».
لكن شبتاي قال إن الفرق الأمنية ستكون تابعة للشرطة. وأردف: «من الجيد أن يكون هناك الكثير من الفرق الأمنية والقوات، لكن يجب توخي الحذر في هذا الأمر. يجب فهم ما هو مسموح وما هو ممنوع».
وكانت الشرطة الإسرائيلية قالت مؤخراً إنها ستبدأ بتسليح المدنيين ليكونوا بمثابة المستجيبين الأوائل داخل المدن في جميع أنحاء البلد، مع استمرار الحرب مع حماس.

41 ألف إسرائيلي يطلبون التسلح

قرر كوبي شبتاي وإيتمار بن غفير «توسيع وحدات الاستجابة الأولية العاملة تحت رعاية الشرطة لتشمل جميع المدن»، وفق بيان مشترك صدر الإثنين الماضي، أشار إلى أنه سيعمل في «الوحدات الجديدة الـ 347 (…) 13200 شرطي متطوع سيتم تجنيدهم وسيحصل كل منهم على بندقية ومعدات حماية».
وكان للمجتمعات الحدودية الإسرائيلية مثل هذه الوحدات لسنوات، كانت مؤلفة من محاربين قدامى في الجيش يتلقون أسلحة وتدريبات ويعملون في أوقات الهجمات أو حالات الطوارئ بالتنسيق مع الجيش أو الشرطة.
ولفت البيان الذي نشره شبتاي وبن غفير إلى أنه في الأيام التي تلت «طوفان الأقصى»، اشترت الشرطة أكثر من ستة آلاف بندقية لـ 566 وحدة استجابة مدنية جديدة أسستها، مع إعطاء الأولوية «للمدن الحدودية والمدن الكبرى والمدن المختلطة» العربية اليهودية باعتبارها أكثر المدن حاجة إلى القوات بشكل عاجل.
إلى جانب تلك الوحدات، يعمل مكتب بن غفير على تخفيف معايير الحصول على تراخيص حيازة المسدسات ليتمكن الأشخاص الحاصلون على تدريب عسكري أساسي والذين يعيشون أو يعملون في مناطق النزاع من حمل السلاح.
وكشفت جلسة برلمانية أنه منذ هجوم حماس تقدم نحو 41 ألف إسرائيلي بطلب للحصول على ترخيص سلاح مقارنة بـ 38 ألفاً سنوياً. وقال بن غفير: «تُظهر المذبحة في الجنوب مدى أهمية وحدات الاستجابة الأولية، فهي أنقذت مجتمعات بأكملها».

شبح الصدامات في المدن المختلطة

نقلت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» عن وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير قوله إن وزارته ستقوم بشراء 10 آلاف بندقية لتسليح فرق الأمن المدنية وخصوصاً الموجودة في البلدات القريبة من الحدود، وكذلك المدن المختلطة ومستوطنات الضفة.
ونقلت الصحيفة عن الوزير اليميني المتطرف قوله إنه تم شراء 4000 بندقية هجومية من شركة تصنيع إسرائيلية وسيتم توزيعها على الفور.
وقالت «تايمز أوف إسرائيل» أيضاً إن بن غفير الذي كان إبان أحداث أيار (مايو) 2021 عضو كنيست وليس وزيراً، حث الإسرائيليين المسلحين على الذهاب إلى المدن المختلطة لمحاربة «مثيري الشغب العرب» على حد قوله.
وفي أيار (مايو) 2021، اندلعت أعمال عنف بين الفلسطينيين وإسرائيل كانت من بين الأعنف خلال السنوات الأخيرة، وأدت لسقوط ضحايا غالبيتهم من الفلسطينيين. واندلعت الصدامات خصوصاً في حي الشيخ جراح قرب البلدة القديمة في القدس الشرقية، وسرعان ما انتقلت شرارة المواجهات إلى باحة المسجد الأقصى وأحياء أخرى في القدس الشرقية، وأيضاً الضفة الغربية المحتلة قبل أن تشهد تصعيداً بين حماس وإسرائيل وتبادلاً للقصف، وأيضاً صدامات في المدن المختلطة في إسرائيل، خصوصاً اللد قرب تل أبيب حيث أعلنت حالة الطوارئ.

الخوف يسيطر على سكان المدن القريبة من غزة

لا يزال الخوف يسيطر على سكان المدن الإسرائيلية القريبة من غزة، والذين يستعدون لحرب قد تستغرق وقتاً طويلاً ضد حماس، وطالبوا الحكومة بمساعدتهم.
وعلى غرار بلدات ومدن المنطقة الأخرى، اعتادت سديروت منذ سنوات على صفارات الإنذار التي تنبه سكانها إلى إطلاق صواريخ من غزة. لكن «الأمر مختلف هذه المرة». فإثر هجومهم، تسلل مقاتلو حماس من غزة إلى عدد من البلدات الإسرائيلية بما فيها سديروت، فقتلوا مدنيين وأخذوا رهائن قبل أن يتواجهوا مع القوات الإسرائيلية.
ووضعت تل أبيب مؤخراً خطة لإجلاء سكان سديروت الثلاثين ألفا مع تأمين حافلات لنقلهم إلى مدن أخرى وإيوائهم في فنادق. وزار نواب وأعضاء في الحكومة سكان المدينة في الأيام الأخيرة. في سياق هذه الزيارات، وعد بواز بيسموت من حزب الليكود بزعامة رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو الثلاثاء: «سنجد الميزانية الضرورية للأمن، سيستغرق الأمر وقتاً طويلاً، هذه الحرب، يجب هذه المرة تحقيق النصر التام».
قالت أييليت شمويل مديرة «المركز الدولي للصمود»، وهي هيئة تساعد سكان سديروت: «إننا بحاجة إلى الكثير من الدعم». وأمام مبنى تابع للبلدية، يجلس متطوعون بملابس سوداء أو كاكية (لون البذلات العسكرية) مجهزون مثل الجنود إنما بدون أسلحة، ويتناولون القهوة. أوضحت شمويل: «وصلوا عند بداية الحرب ليعرضوا الانضمام إلى مجموعات لحماية المدينة».
وتطالب البلدية بوسائل لتشكيل وحدة تدخل مدنية تساند الشرطة، وقد أعلنت الأخيرة قبل أيام أنها ستبدأ بتسليح مدنيين لتسريع الاستجابة في حال التعرض لهجوم أو لأزمة في المدن الإسرائيلية.
أما بالنسبة إلى الملاجئ، فهي منتشرة في سديروت، لكن عددها أقل بكثير في عسقلان على مسافة عشرة كيلومترات إلى الشمال. وأبدت امرأة استياءها قائلة للصحافيين في وسط المدينة الساحلية: «كل ما نريده هو ملاجئ».
من جانبه، قال ليبر (47 عاماً) المتحدر من عسقلان: «الخطر قد يأتي من أي مكان» داعياً هو الآخر إلى إقامة المزيد من الملاجئ. مضيفاً: «سيستغرق الأمر ما يحتاجه من وقت، لكن يجب أن يتغير كل شيء هنا». وتابع: «لا يمكننا الاستمرار على هذا النحو، إننا مستعدون لأشهر أو حتى أكثر، لكن لا بد من التخلص من حماس».

فرانس24/ أ ف ب/ رويترز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق