سياسة لبنانيةلبنانيات

من «موازنة الضرائب» الى التحقيق الجنائي تقصير حكومي وغزو لجيوب المواطنين

يستأنف مجلس الوزراء هذا الاسبوع درس موازنة العام 2023 التي انقضى ثمانية اشهر من السنة ولم تقر بعد، اي بتأخير عشرة اشهر على الاقل، واصبحت لزوم ما لا يلزم. ويقول احد الخبراء الاقتصاديين ان العمل عليها اصبح جهداً ضائعاً، خصوصاً وان الجميع رفضوها ووصفتها الهيئات الاقتصادية بأنها موازنة ضرائب. فهي خالية من اي انجاز او اصلاح، بل تتضمن رفع تعرفات عشرات الاضعاف بحيث تغرق المواطن، حتى الاختناق. فراتبه الشهري لم يعد يكفي لتسديد الزيادات على التعرفات، والمرفقة بضرائب جديدة، فكيف يعمل لتأمين معيشته ومعيشة عياله؟ ان الحكومة في غياب تام للمسؤولية عن المواطنين لم تفكر بكل هذا بل كل همها جمع المال لتغطية نفقاتها وقد اقفلت بسياستها ابواباً كثيرة كانت تدر المال على الخزينة، الى ان انقطع المورد.
قد يعتقد البعض انه يجب الاتكال على المجلس النيابي لمنع هذه الموازنة الظالمة من ان تمر. ولكن غاب عنهم ان هذا المجلس متخل عن مسؤولياته. واول عمل يجب ان يقوم به هو انتخاب رئيس للجمهورية، ولكنه لا يفعل، ولا يبدو انه مستعد للقيام بواجباته، فلماذا يتعب نفسه ويرفض هذه الموازنة. لقد دعا رئيس مجلس النواب نبيه بري الى جلسة تشريعية تعقد غداً اذا توفر لها النصاب. ولكن يبدو ان التدخلات السياسية فعلت فعلها وامنت حضور بعض الكتل لحضور الجلسة، والتبريرات الواهية حاضرة دائماً. في هذا الوقت تستمر الادارة العامة معطلة وقد اتخذ موظفو القطاع العام قراراً بالاستمرار في الاضراب مطالبين بالمزيد. هذا القطاع كان دائماً المشكلة. فقد تسببت سلسلة الرتب والرواتب التي خاض معارك من اجلها، بالخطوة الاولى التي ادت الى الانهيار الاقتصادي الذي نعاني منه اليوم. بالطبع هناك موظفون اكفياء منتجون، يستحقون انصافهم واعطاءهم كامل حقوقهم. ولكن هناك فئة لا يستهان بها ادخلت الى الادارة على شكل تنفيعات انتخابية للسياسيين وهؤلاء لا يعملون ولا يتوجهون الى الدوائر المعينين فيها ولا يعرفون مكان وجود مكاتبهم. فلماذا هم باقون؟ ولماذا لا تعمد الحكومة الى تنقية هذه الادارة، فتوفر على الخزينة وعلى الشعب المليارات، ولا تعود بحاجة الى فرض كل هذه الضرائب. وتتمكن بسهولة من انصاف المستحقين.
النقطة الثانية التي يجب القاء الضوء عليها باستمرار ودون كلل فهي التدقيق الجنائي، الذي على الرغم من انه لم ينشر بالعربية كاملاً بعد، فقد كشف عن فضائح، واضاء على بعض جوانب الانهيار الذي حل بالوطن. مثلاً كانت تروج شائعات بانه من غير الصحيح ان يكون قد انفق ما يفوق الاربعين مليار دولار على الكهرباء الى ان جاء التدقيق الجنائي يؤكد ذلك. فاين طارت هذه الاموال وكيف انفقت مع العلم ان ثلاثة او اربعة مليارات دولار كانت كافية لبناء معامل تؤمن الكهرباء 24/24. فلماذا لم يتحرك احد بعد؟ لقد كان من واجب الحكومة ان تعقد جلسة في الساعة الاولى لظهور التدقيق الجنائي، وتناقش المعلومات الواردة فيه وتتخذ الخطوات اللازمة، ولكنها قابلت الموضوع بشبه لا مبالاة، ولم تتكلم به على امل ان يمر مرور الكرام. واين المجلس النيابي الذي تسلم التقرير وماذا فعل؟ اين اللجان النيابية ان كل هذا يدل على ان رياض سلامة مذنب ومسؤول ولكن ليس وحده. فهناك وزراء وحكومات وموظفون شاركوا بطريقة او باخرى، فلماذا لم يدخل شخص واحد الى السجن؟ وهل ان اموال الناس التي نهبت لا تستحق التفكير بها عند المعنيين؟
ان التدقيق الجنائي يجب ان يستكمل بتدقيق اوسع يشمل كل الوزارات، حتى يعرف المواطنون كيف ضاع جنى عمرهم. وطالما ان السياسيين لا يريدون الكشف عن الحقيقة، خوفاً من ان تطاولهم، اصبح من واجب القضاء ان يتحرك بسرعة، ويجري تحقيقاً موسعاً يشمل كل نقطة وردت في تدقيق شركة الفاريز، ويلاحق المتورطين حتى الوصول الى كامل الحقيقة. ان الخيوط الاساسية، لا بل اكثر من خيوط، باتت متوفرة، واي تقاعس عن متابعة السير بالقضية حتى النهاية يتحمل عواقبها المتقاعسون. قد يكون البعض يعملون على اقفال الملف وطمس الحقائق ولكن المواطنين عازمون على الملاحقة حتى النهاية، وادخال المتورطين في نهب اموال الناس الى السجن. وحسناً فعل من اصدر القرار الذي قضى بتجميد اموال حاكم مصرف لبنان السابق وشقيقه ومساعدته وصديقته. المهم متابعة الخطوات حتى النهاية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق