سياسة لبنانيةلبنانيات

فشل المجلس النيابي في انتخاب رئيس يحرك الخارج واميركا تهدد بعقوبات

هل فقد الامل بامكان التوصل الى اتفاق لانتخاب رئيس للجمهورية، ومباشرة العمل على اخراج البلد من هذا الانهيار الذي اقترب من القعر؟ ان كل المؤشرات تدل على ذلك. فالمعارضة تمكنت من جمع صفوفها، واستجابت لمطالبات الفريق الاخر، الذي كان يردد «ليتفق المسيحيون ونحن نسير». ولما انجز المسيحيون الاتفاق اتهموا بأن مرشحهم هو مرشح تحد، وان مرشح الممانعة هو وحده الوطني والمرشح الجدي، فاثبتوا انهم لا يريدون القبول باي مرشح اخر الا بسليمان فرنجية، فرفعوا بذلك شعار التحدي والتفرد، ورفض الشراكة.
مما لا شك فيه ان هذا المجلس النيابي هو اعجز من ان يقوم بالمهام الموكولة اليه، بفعل الانقسامات التي تطبع عمله. فالنواب الذين اختارهم الناس ليلبوا مصالحهم، اداروا لهم ظهرهم. فهم ان تلاقت مصالحهم تراهم في تفاهم ووئام، وان اختلفت هذه المصالح تحولوا الى اعداء وخاصموا بعضهم بعضاً، والدليل ما حصل امس في اجتماع اللجان، حيث جرت مشادة كلامية بين النائب ميشال معوض والنائب علي حسن خليل، كادت تتطور الى اشتباك بالايدي، وعلت الاصوات والتهجمات. وتقول المعارضة ان بعض النواب يعتقدون ان المجلس النيابي هو ملكية خاصة لهم، وان على بقية النواب ان يتبعوا تعليماتهم ويعملوا بتوجيهاتهم. وهذا ما يجب تصحيحه، لكي يعرف الجميع ان المجلس النيابي هو لكل النواب، ولا يختلف احدهم عن الاخر. فاذا كان النواب عاجزين عن الاتفاق على امور روتينية، تبحث في اللجان، فكيف يمكنهم الاتفاق على موضوع رئيسي ومهم، مثل ملف انتخاب رئيس الجمهورية؟ وبناء على ذلك يمكن القول ان الحل الداخلي متعذر لا بل شبه مستحيل.
الدول المعنية بالوضع اللبناني باتت تدرك هذا الواقع الاليم، ولهذا قد تكون قررت التدخل علناً لانهاء هذا الوضع الشاذ. وبعد اللقاء الذي تم بين الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون والبطريرك الراعي، والذي احيطت المحادثات فيه بالكتمان الشديد، اطلت امس مساعدة وزير الخارجية الاميركي لشؤون الشرق الاوسط باربرا ليف، لتعلن ان الادارة الاميركية على اتصال مع حلفائها الاقليميين والدوليين لحمل النواب على القيام بواجباتهم، وقالت ان هذه الادارة تبحث فرض عقوبات على المعرقلين. كذلك عاد الحديث عن عودة اللقاء الخماسي الذي عقد في باريس وحضرته الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة العربية السعودية ومصر وقطر، الى الاجتماع قريباً، وهذه المرة في الرياض، لدفع الوضع المعطل في لبنان الى الامام، والخروج من هذا الشغور القاتل. فهل يكون الحراك الخارجي جدياً ويخرج الاستحقاق اللبناني من تعطيله، فتخرج معه البلاد الى العمل الجدي والنور؟
على الصعيد القضائي، مثل حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، امام النائب العام التمييزي القاضي عماد قبلان، في الدعوى المقامة ضده من قبل المدعي العام الالماني، الذي اصدر بطاقة حمراء بحقه، بتهمة تبييض اموال وتزوير واختلاس. استغرق التحقيق ساعة وعشر دقائق قرر القاضي قبلان بعدها تركه قيد التحقيق، ومنعه من السفر. وقد طالب سلامة بعدم تسليمه الى المانيا، ومحاكمته في لبنان. وسيطلب القضاء اللبناني الملف من المانيا ليبنى على الامر مقتضاه. في هذا الوقت غاب رجا سلامة شقيق الحاكم عن الحضور الى فرنسا، والمثول امام القضاء فيها، في الدعوى المقامة ضده، وقدم محاميه معذرة طبية ولم يعرف على الفور اذا كانت القاضية الفرنسية التي تنظر في الدعوى قد اخذت بالمعذرة ام انها ستتعامل مع غياب رجا سلامة، كما تعاملت مع شقيقه، فتدعي عليه وتصدر بحقه بطاقة حمراء.
انها فوضى ما بعدها فوضى، سياسياً ومالياً وقضائياً وامنياً، حيث عصابات تهريب المخدرات التي تستعمل ايضاً الخطف وطلب الفدية، تسرح وتمرح عند نقطة الحدود وفي الداخل، وعندما ينكشف امرها تهرب الى الداخل السوري، الا ان الجيش والقوى الامنية المؤسستين الوحيدتين اللتين لا تزالان تعملان بكل جدية، تقفان بالمرصاد لملاحقة هذه العصابات، ووضع حد لتحركاتها المسيئة الى البلد، والى علاقاته بالدول العربية، وكذلك الى المواطنين، لانها توزع السموم بينهم في مختلف المناطق.
فمن هي الجهة الفاعلة القادرة على انتشال لبنان من جهنم، ووضعه على السكة الصحيحة قبل فوات الاوان، وقبل ان يفرغ من شبابه الذين يتطلعون الى الهجرة، بحثاً عن حياة كريمة فشلت المنظومة السياسية الحاكمة والمتحكمة في توفيرها لهم؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق