افتتاحية

ملفان… وبطاقة حمراء

ملفان محليان تطوقهما البطاقة الحمراء. الاول يتعلق بالمجلس النيابي الذي طوى العام الاول من عمره قبل ايام مثبتاً انه من المجالس النيابية الفاشلة التي عرفها لبنان. انه مقصر في اقرار الاصلاحات التي هي مطلب داخلي ملح لانقاذ البلد من الانهيار المدمر الغارق فيه، ومطلب خارجي لكي تعود الثقة الضائعة بهذا البلد، الذي تتحكم فيه منظومة، عرفت بعدم كفاءتها لتسلم مقاليد الحكم، فقادت لبنان الى الافلاس والانهيار.
لقد علق اللبنانيون امالاً عريضة على هذا المجلس، خصوصاً وانه حمل الى ساحة النجمة نواباً ادعوا انهم تغييريون، فاذا ببعضهم لا يختلف مطلقاً عن المنظومة. لا موقف واضحاً، ولا تغيير يرتجى. انقسم هذا المجلس الى كتل متصارعة، لا تلتقي على اي امر سوى انها كلها تفتش عن مصالحها وحصصها بعيداً عن مصلحة الوطن والمواطن. سبعة اشهر مرت كان شعارها التعطيل. احدى عشرة جلسة عطلتها قوى الممانعة، ولم تسمح بانتخاب رئيس للجمهورية، الى ان اقفل الرئيس نبيه بري المجلس، ووضع المفتاح في جيبه مشترطاً التوافق. وهنا كان الخطأ الاول. لقد كان على رئيس المجلس الا يقفل الجلسة الاولى بل يتركها مفتوحة لدورات متعددة، الى ان يتم انتخاب الرئيس وهذا ما ينص عليه الدستور، ولكنه فعل العكس. ثم ان رئيس المجلس يجب ان يكون على الحياد، يفصل بين الكتل المتصارعة، الا انه اتخذ موقفاً مع فريق دون الاخر، وتبنى ترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، ورفض مع فريقه الممانع البحث في اي مرشح اخر. ويدعو هذا الفريق الى الحوار، ولكن الى اي حوار؟ انه يريد ان يأتي المعارضون ويؤيدون مرشحه ونقطة على السطر. ولما تأكد ان الفريق الاخر عاجز عن اختيار مرشح يحظى بالاجماع، راح ينزع عنه صفة التعطيل ويتهم الاخرين به.
اما الفريق المعارض فحدث ولا حرج. اجتماعات واتصالات وحركة بلا بركة. وبعد سبعة اشهر من الجدال العقيم لا تزال الانقسامات تفعل فعلها، ولا تزال المعارضة معارضات، وهي بذلك تتحمل قسطاً من التعطيل وبالتالي من الانهيار الكارثي الحاصل. فالتغييريون اثبت بعضهم انهم لا يستحقون هذه التسمية، لانهم يساهمون بالتعطيل. لا يستقرون على رأي موحد، ولا يؤيدون مرشحاً معيناً. باختصار انهم لا يعرفون التغيير الا بالاسم. ومن المؤكد ان ناخبيهم ندموا على اختيارهم الذي لم يكن موفقاً. وما يقال عن هؤلاء ينطبق على معظم الكتل المعارضة المشرذمة العاجزة عن الاتفاق على مرشح، يتمتع بالصفات المطلوبة لمواجهة مرشح الممانعة. الا ان ما تردد في اليومين الاخيرين عن اتفاق على ترشيح جهاد ازعور للرئاسة اعاد الامل ولكن الاعلان عن هذا الاتفاق لم يعلن بعد ويبقى الخوف من التفاصيل ومن المواقف المترددة بسبب عدم الثقة.
هذه الصورة السوداء تسد طريق الحل، وتؤكد ان الطبقة السياسية عاجزة عن الحكم، وبالتالي هي بحاجة الى وصاية خارجية عادلة تمد يد العون والمساعدة لانتشال البلد مما هو غارق فيه.
البطاقة الحمراء الثانية اصدرها الانتربول وهي تتعلق بحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، الذي اصدرت قاضية فرنسية مذكرة توقيف بحقه متهمة اياه بالاختلاس والتزوير وتبييض الاموال، وقد رفض كل هذه التهم الموجهة اليه. وهنا ايضاً الانقسام سيد الموقف. البعض يؤيد الخطوة ويطالب باقالة الحاكم والبعض الاخر يتريث ويعمل بعيداً عن الاضواء لحماية سلامة، اما عن خوف من فتح ملفات لا يخدم اصحابها، واما عن مصالح خاصة. وتبقى الانظار مشدودة الى ما سيصدر عن مدعي عام التمييز وعن القرارات التي يمكن ان تصدر عن السلطة السياسية المربكة لاسباب باتت معروفة. وقد هربت الى الامام بالقاء العبء على القضاء، وبرأت نفسها من المهمة. وزاد الطين بلة صدور مذكرة توقيف المانية. انضمت الى المذكرة الفرنسية لتطوقا حاكم مصرف لبنان. وهو حتى الساعة لا يزال في موقعه يمارس مهامه.
اما القضاء فقد حجز جوازي سفر سلامة اللبناني والفرنسي ومنعه من السفر. ومن قال ان الحاكم ليس مرتاحاً الى هذا القرار لانه لا يريد مغادرة البلاد وقد طلب من القضاء عدم تسليمه الى فرنسا، بل محاكمته في لبنان. لذلك فان سلامة قد يكون وجد في قرار منعه من السفر باب خلاص، الى ان يحين موعد تقاعده في تموز المقبل. وتبقى العين شاخصة الى من سيخلفه في هذا المركز الحساس والمهمة الصعبة.

«الاسبوع العربي»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً

إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق