افتتاحية

اي لبنان نريد… قبل الرئيس

في كل يوم ازمة تسقط على رؤوس المواطنين، حتى باتوا عاجزين عن تعداد الضربات التي يتلقونها. يقابل ذلك سلطة معطلة بالكامل. لقد فشلت كل الجهود المحلية والدولية في حمل المجلس النيابي على الاجتماع وانتخاب رئيس للجمهورية، يقال انه باب الحل، مع ان هذا الكلام مشكوك فيه، بعد كل ما ظهر خلال هذا الاسبوع، وكشف ان العلاقات بين الشرائح اللبنانية نار تحت الرماد، تحتاج الى عود ثقاب واحد لتهب وتنفجر. هذا المشهد المخيف تظهّر خلال اجتماع اللجان النيابية وكشف عن المستور، ولولا حكمة العقلاء لانفجر الوضع، ولكنا اليوم في مكان اخر. لذلك بات البلد بحاجة وقبل انتخاب الرئيس، الى عقد لقاء او مؤتمر او طاولة حوار او اي وسيلة تجمع الكل للمصارحة والمصالحة لتهدأ النفوس، وعندها يصبح من السهل الاتفاق على شخصية كفؤة تتولى التنفيذ.
اذاً السؤال الاهم اليوم هو اي لبنان نريد؟
الاحاديث كثيرة والاقتراحات اكثر، ولم تعد محصورة بالسياسيين، بل عمت الشارع كله، واصبحت حديث الساعة على وسائل التواصل الاجتماعي، وهي تتراوح بين المطالبة بالفدرالية، واللامركزية الموسعة، والتقسيم، والطلاق الى اخر السلسة، لذلك لا بد من حوار هادىء وعقلاني يحدد قبل كل امر، اذا كان اللبنانيون متمسكين بالعيش المشترك، ام انهم يريدون الافتراق؟ ما هو شكل البلد الذي يريدون العيش فيه؟ ثم ان هذا النظام المتبع اليوم لم يعد يلائم الاوضاع القائمة. فلماذا لا يتم تحديد مكامن الخلل ويجري العمل على تعديلها واصلاحها؟
لقد اجمع اللبنانيون انهم متمسكون بالطائف. واذا كان الكل صادقين، يصبح من السهل تحديد الاسس التي تتبع، والبنود التي تحتاج الى تعديل، على ان يتم تطبيق الطائف بجميع بنوده. فمنذ اعتمد هذا الاتفاق دستوراً، انبرى المسؤولون في عهد الوصاية السورية الى تطبيق البنود التي تناسبهم وتخدم مصالحهم، واهملوا اخرى مع انها ضرورية وتعالج حاجات كثيرة يطالب البعض بها. فلماذا مثلاً لا يتم انشاء مجلس للشيوخ تنال كل الطوائف فيه مطالبها، ويحرر المجلس النيابي من اي قيود طائفية، وعندها يسهل العمل الوطني وتسير الامور سيرها الطبيعي. ان كل هذه التساؤلات تصبح الاجوبة عليها سهلة، اذا تحققت المصالحة بين اللبنانيين، الذين ابتعدوا كثيراً في التشكيك بعضهم بالبعض الاخر، وتبادل الاتهامات التي تزيد التنافر والتقاتل. فلو انه بعد انتهاء الحرب الاهلية التي دمرت اجمل ما كان في لبنان وهو العيش المشترك الحقيقي وقسمت اللبنانيين الى مجموعات تنظر بعين الريبة بعضها الى البعض – لو ان العقلاء عملوا على جمع اللبنانيين، وحققوا المصالحة الصادقة، لما كنا وصلنا الى ما نحن عليه اليوم، ولكن الخطأ الفادح تمثل في انتقال الرؤوس المتقاتلة من وراء المتاريس الى كراسي الحكم، وانشأوا منظومة طبقت السياسة المليشياوية على حكم البلد، فاوصلته الى الخراب. فكيف يمكن الاعتماد على هذه المنظومة التي زرعت الخراب في ادارات الدولة، ونشرت الفساد في كل مكان، ان تبادر اليوم الى تصحيح الخطايا الجسيمة التي ارتكبتها؟ ان صانعي الحروب لا يمكن باي حال من الاحوال ان يحققوا السلام. لذلك يجب عقد مؤتمر وطني باشراف دولي، والجلوس الى طاولة واحدة وفتح كل الملفات وطرح القضايا الخلافية، فاما ان تجد حلولاً لها ويعود الوئام، وتوضع البلاد على السكة الصحيحة ويعود الهدوء والاستقرار يخيمان على الشعب اللبناني، واما تفشل كل الجهود لا سمح الله وتسير البلاد نحو التفكك والتقسيم… في كل الاحوال وصلنا الى وضع يحتم على الجميع السرعة في وضع حد لكل ما يجري قبل فوات الاوان.

«الاسبوع العربي»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً

إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق