سياسة لبنانيةلبنانيات

تحرك الملف بترشيح فرنجية ولكن الامل بانتخاب رئيس لا يزال بعيد المنال

الوضع المعيشي كارثي والمواطن عاجز عن تسديد الرسوم والضرائب الباهظة وسيمتنع عن الدفع

بعد حوالي الاربعة اشهر والنصف من الفراغ الرئاسي القاتل، وبعد اكثر من شهرين عن توقف الدعوات الى جلسات انتخابية، بحيث يكاد ملف الاستحقاق الاول في البلاد يدخل عالم النسيان، تحرك الثنائي الشيعي فاعاد تحريك الملف. وبعد احدى عشرة جلسة انتخابية صوتت خلالها قوى 8 اذار بالورقة البيضاء وشاركها فيها التيار الوطني الحر، كسر الرئيس نبيه بري هذا الروتين، واعلن دعم ترشيح النائب السابق سليمان فرنجية للرئاسة، ولاقاه الامين العام لحزب الله فايد وتبنى دعم هذا الترشيح، فعاد الملف الرئاسي يتحرك من جديد، وان كان هذا التحرك لا يوحي بالوصول قريباً الى انتخاب رئيس. ذلك ان الانقسام بدا حاداً، ويحتاج الى كثير من الجهد وربما الى وساطة خارجية للتخفيف من حدته، خصوصاً بعدما اعلنت الكتل النيابية المسيحية التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية والكتائب وبعض المستقلين والتغييريين معارضتهم الصريحة لفرنجية، الذي خرج عن صمته امس وقال ان على الجميع التقيد بالدستور، فان كانوا لا يريدونه فلتكن لديهم الجرأة لتعديله. ودعا القوى المسيحية الى الوقوف ولو لمرة الى جانب الايجابية.
وما زاد الطين بلة وقلل من حظوظ فرنجية ما طلعت به صحيفة «عكاظ» السعودية من صور وكتابات توحي برفض قاطع لفرنجية، قائلة ان المملكة لا تتدخل بالاسماء، ولكنها على شروطها، وخصوصاً لناحية مجيء رئيس محايد سيادي قادر على اتخاذ مواقف تنتشل البلاد مما هي فيه. ولا تنسى السعودية موقف الوزير السابق جورج قرداحي المحسوب على فرنجية وما عقب استقالته من مواقف وتغريدات لرئيس تيار المردة. وباختصار فان للسعودية دوراً كبيراً في معالجة الوضع اللبناني الكارثي، اذا جاء رئيس يتمتع بالصفات الضرورية لاعادة البناء، والا فانها ستبقى خارج القضية كلها، وليتدبر اللبنانيون امرهم.
هل حان وقت استئناف الدعوات الى جلسات انتخابية، بعد موقف الثنائي الشيعي؟ تقول اوساط المعارضة انه لم يعد امام الرئيس بري اي عذر لعدم توجيه الدعوة، خصوصاً بعدما اتخذ موقفاً واعلن دعم ترشيح فرنجية، فتحول الى فريق وخسر دور الحكم الذي كان يعول عليه. ويبدو ان الرئيس بري ينتظر ان يعلن فرنجية ترشيحه رسمياً، وعندها يدعو الى جلسة. ولكن الامر ليس بهذه البساطة. فالثنائي يبحث ويسعى الى تأمين النصاب اللازم. اولاً حضور 86 نائباً اي ثلثي المجلس النيابي وهو العدد الضروري لتأمين نصاب الجلسة، وثانياً يريد تأمين 65 صوتاً في اطار الثلثين لمرشحه وهذا يبدو انه غير متوفر حتى الساعة. فكيف ستسير الامور وتتطور؟
مصادر مراقبة تقول ان انتخاب رئيس في ظل هذا الانقسام امر مستحيل. وحتى لو عقدت جلسات وقدم كل طرف مرشحه، فان اياً من المرشحين لن ينال الاكثرية المطلقة وليس وارداً ان يتزحزح اي طرف عن موقفه. ويبقى الامل بوساطة خارجية لا تتدخل في الانتخابات، بل يقتصر عملها على المساعدة وتقريب وجهات النظر. وقد عودنا السياسيون على هذا الاسلوب. فلطالما وقفوا عاجزين وقاصرين امام القضايا الكبرى، وفي كل مرة كانوا ينتظرون الخارج، من اتفاق الطائف الذي اخذوا منه ما يناسبهم واهملوا الباقي، الى اتفاق الدوحة الذي انتج بدعاً كانت مدمرة في بعض الاحيان، كالثلث المعطل وغيره. وازاء هذا الجو المشحون والملبد، يبدو ان الشغور مستمر، وانتخاب رئيس لا يزال بعيد المنال، الا اذا حدثت اعجوبة مع العلم ان الزمن ليس للعجائب.
المواطنون يقفون بعيداً عن هذا التناحر القاتل، وهم يفكرون كيف يستطيعون تأمين معيشتهم، بعد الاثقال الكبيرة التي القتها حكومة الضرائب على كاهلهم، من تعرفة الكهرباء التي تتجاوز فاتورة المولدات، الى فاتورة الاتصالات التي تضاعفت بعد رفع سعر الدولار على المنصة الى 70 الف ليرة، الى اسعار الادوية وقد اصبحت النسبة الاكبر من اللبنانيين عاجزة عن تأمينها، بعدما ارتفعت اسعارها بنسب خيالية، الى الاستشفاء وقد اصبحت فواتيرها قاتلة بدل ان تكون شافية، الى رسوم اشتراك المياه التي قفزت اضعافاً. وحيال هذا الغلاء الخيالي يبدو ان المواطنين سيمتنعون عن الدفع ويتركون امرهم الى الله. فكثيرون يفضلون الموت في منازلهم لانهم عاجزون عن تأمين بدل الاستشفاء، ويتخلون عن تناول الدواء لانها باتت فوق قدرتهم الشرائية، وكذلك فواتير الدولة من كهرباء وهاتف ومياه وغيرها وقد تضاعفت مرات ومرات دون ان تفكر حكومة الضرائب من اين يأتي المواطن بهذه الملايين التي فرضتها عليه، وراتبه ان وجد لا يزال بالليرة التي دمرت قيمتها. مع العلم ان البطالة تسجل ارقاماً تصعيدية. هذا دون ذكر السلة الغذائية التي فاقت اسعارها كل تصور، فطاولت رغيف الخبز وغالون المياه الذي اصبح سعره اشبه بسعر البنزين، الى المعلبات الى كل المواد الغذائية. اما الدجاج واللحوم فقد غابت عن موائد المواطنين وحلت فقط في منازل المنظومة المسؤولة عن كل هذا الدمار. فهل من المعقول ان يبقى هؤلاء العاجزون عن تحمل المسؤولية في اماكنهم؟ متى يحين اوان التغيير ومتى يستفيق الشعب ليحقق هذه الامنية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق