افتتاحية

الحوار الصادق اساس النجاح

مسرحية ساحة النجمة، اوشك الفصل الاول منها ان ينتهي، بعدما ادرك اللاعبون فيها ان الجمهور، كل الجمهور ملّ من رتابتها وسوء ادائها واخراجها. فقد جدد رئيس مجلس النواب نبيه بري الدعوة الى الحوار، للخروج من هذه المراوحة التي تنعكس تدهوراً وسوءاً على الوضع العام في البلاد، وعلى سعر صرف الدولار، جارفاً معه كل الاسعار. فاما يتابع العرض باخراج جديد، واما تتبدل اسس اللعبة.
اذا كانت الدعوة تهدف الى حوار جدي، على الجميع ان يتلقفوها ويرحبوا بها، بعدما ثبت خلال تسع دورات ان احداً من الاطراف ليس قادراً على تأمين النجاح لمرشحه، وبالتالي يجب تغيير اللعبة للوصول الى الهدف، بانتخاب رئيس جديد للجمهورية يمسك بزمام الامور ويعيد البلاد الى السكة الصحيحة، بعد انحراف قاتل هدد بانحلال الدولة. فما جرى في الجلسة الاخيرة كان معيباً ولا يليق بمن يفترض فيهم ان يمثلوا الشعب. اذ اقدم بعض النواب على طرح اسماء اقل ما يقال فيها ان طرحهم لا يليق بهم. فضلاً عن انهم اساءوا الى كرامة المرشح الجدي الوحيد على الساحة النائب ميشال معوض وجعلوا اسمه مادة للسخرية، فاساءوا بذلك الى انفسهم، لانهم دلوا على اي مستوى انحدر التعاطي السياسي. يضاف الى ذلك انهم اساءوا الى الاستحقاق، والى مركز الرئاسة، متناسين انهم قبل هذه الجلسة كانوا يشاركون في التعطيل بتصويتهم بورقة بيضاء، وعدم طرحهم اسم مرشح، عملاً بما تقتضيه الاصول الديمقراطية. اما كان من الافضل عدم التطلع الى المصلحة الخاصة والسير بالعملية الانتخابية وفق الاصول. لماذا نتمسك بالتوافق عندما نحتاج اليه، ونرفضه عندما تكون مصالحنا مؤمنة. ان هذا الاسلوب في التعاطي لا يوصل الى نتيجة. فالحوار الحقيقي يحتاج الى صدق في النوايا مع كامل المراعاة للمصلحة الوطنية، التي يجب ان تحتل الاولوية في تعاطينا مع بعضنا البعض. ونؤكد للقوى السياسية كلها ان الشعب لم يعد يؤمن باقوالها ووعودها ولا يعيرها اي اهتمام لانه يعرف انها نابعة من حاجة خاصة. فالمنظومة في جانب، واللبنانيون في جانب اخر بعيد كل البعد عنها. واذا ارادوا الوصول الى حل، فلينزلوا الى المجلس النيابي ويطرح كل طرف اسم مرشحه او مرشحيه، فتجري العملية الانتخابية وتتكرر، حتى الوصول الى انتخاب رئيس، لقد بات التعطيل ينظر اليه وكأنه مقصود وهدفه عزل الطائفة المسيحية. فهل حقاً هذا ما يريدون؟ وهم يعلمون ان هذا يؤسس لفتنة طائفية؟ اننا لا نعتقد ذلك.
نعود الى دعوة الرئيس بري المتجددة. اذا كان الهدف اجراء حوار جدي يطرح الكل فيه هواجسهم ونظرتهم الى مواصفات الرئيس، فتناقش الطروحات للوصول الى قاسم مشترك، ينتج رئيساً يكون لبنانياً هذه المرة، فاهلاً بهذا الطرح وعلى الكتل النيابية تلبية الدعوة والعمل على انجاحها. فالحوار والاتفاق مطلوبان امس قبل اليوم لانهما يجنبان البلد الانقسامات والسقوط. اما اذا كان الحوار يهدف الى فرض رأي فريق على الاخرين والضغط عليهم للقبول بطرحه، فانه حتماً مرفوض، ولا احد مستعداً للقبول برئيس يمدد للوضع المدمر القائم. لذلك يجب على الجميع التنازل من اجل البلد.
من حق المعارضة ان تتردد في قبول الدعوة الى الحوار، استناداً الى التجارب السابقة. فقد عقدت طاولات حوار عدة، لم تسفر عن اي نتيجة. فاما ان ينقسم المتحاربون وينعكس ذلك على الملفات المطروحة، فتكون النتيجة عكس ما كان متوقعاً، واما ان يتم التوافق، حتى اذا ما انتهت الجلسات، وقبل ان يجف حبر الاتفاقات، يتراجع البعض عما يكونون قد وافقوا عليه، وهذا ما حصل بالنسبة الى اعلان بعبدا. لهذا كله يجب ان يأتي المتحاورون بنوايا صافية، وهدفهم بالفعل مصلحة البلد، وفي ما عدا ذلك كلام بكلام.

«الاسبوع العربي»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً

إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق