الاقتصادسياسة لبنانيةلبنانياتمفكرة الأسبوع

ميقاتي: الخروج من المأزق ينطوي قبل كل شيء على انتخاب رئيس للجمهورية

لا مخرج للأزمة الاقتصادية النقدية من دون اقرار الاتفاق النهائي مع صندوق النقد

رعى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي افتتاح فعاليات «منتدى بيروت الإقتصادي 2022» الذي ينظمه إتحاد المصارف العربية، في فندق فينيسيا صباح اليوم ، تحت عنوان: «التجارب العربية في الإصلاح الاقتصادي وصولاً الى اتفاق مع صندوق النقد الدولي».
وألقى الرئيس ميقاتي كلمة رحب فيها بالحضور، وقال: «إن الواقع الاقتصادي اللبناني المرير وفداحة الازمة المالية التي يعيشها الوطن والضغوطات الاجتماعية الراسخة، تقف شاهداً على ضرورة وأهمية وضع استراتيجية ومشروع متكامل لتبني اصلاحات بنيوية تؤمن التعافي والنهوض الاقتصادي والاجتماعي في البلدان التي تعاني من اختلالات اقتصادية جمة بما فيها بلدان منطقتنا العربية».
وتابع: «ان هكذا مسار يساهم في اعادة النمو، كما توازن المؤشرات الماكرو-اقتصادية، وهما من القواعد الأساسية في إطلاق حركة الاستثمارات وتوفير فرص العمل واستعادة الثقة. هذا المسار هو بحاجة لدعم المجتمع الدولي ومؤازرته عبر الاتفاق مع صندوق النقد الدولي الذي يقوم بدور محوري في هذا السياق لمواكبة عملية الاصلاح والخروج الأمن من الأزمات المستفحلة».
وقال: «إننا على قناعة انه لا مخرج للأزمة الاقتصادية النقدية الراهنة التي يعاني منها لبنان من دون اقرار الاتفاق النهائي مع صندوق النقد بما يؤمن تدفق مداخيل بالعملات الأجنبية الى لبنان، أكان من خلال صندوق النقد مباشرة أو من خلال الدول المانحة في ما بعد، والتي لن تمد يد المساعدة إذا لم يكن هنالك مراقب دولي للإصلاحات ألا وهو صندوق النقد. كما أن ابرام الاتفاق سوف يمكن ايضاً من وضع البلاد على سكّة النمو الاقتصادي الإيجابي وأن يحد من الضغوط الاجتماعية والاقتصادية التي تعاني منها الأسر اللبنانية بشكل عام».
وأكد أنه «في ظل النزيف الحاصل في الموجودات من النقد الأجنبي، على رغم تراجعه بشكل لافت في الفترة الاخيرة، سنبقى ملتزمين من ناحيتنا باستكمال كل ما هو ضروري من اجل إعادة لبنان، الى خريطة الاتزان المالي والنقدي في ميزان المدفوعات والحساب الجاري، وإلى ضبط العجز في الموازنة وصولاً إلى استدامة الدين العام. ان هذا النهج يتعزز عبر إنجاح المباحثات مع الصندوق والتي نعتبرها فرصة مهمة واساسية للبنان واللبنانيين».
وقال: «بعدما توصلنا إلى «اتفاق على صعيد الموظفين» مع صندوق النقد الدولي في نيسان الماضي، يبرز التحدي الأكبر في استكمال مختلف السلطات اللبنانية اقرار القوانين والاجراءات الواردة في هذا الاتفاق، من اجل ابرام الاتفاق النهائي مع مجلس إدارة الصندوق. إن هذا الاتفاق يفتح الباب نحو الحصول على التسهيلات المرجوة المباشرة ويحفز كذلك الدول والجهات المانحة».
أضاف: «تمحورت هذه المتطلبات (Prior Actions) حول نقاط أساسية هي على النحو الاتي:
إقرار الحكومة لخطة التعافي من أجل تأمين معالجة التشوهات المالية والنقدية والاقتصادية كافة، وهي أقرت في مجلس الوزراء.
إقرار مجلس النواب قانون تعديل السرية المصرفيةً، وهو تطور أساسي في سبيل تحسين الشفافية والحوكمة وقواعد الامتثال.
مصادقة مجلس النواب على قانون موازنة العام 2022 لإعادة إرساء الانتظام المالي، علماً ان البرلمان أقر، وإن متأخراً، مشروع الموازنة في الشهر المنصرم وأصبح نافذاً اليوم.
– انجاز الحكومة لمشروع قانون إعادة هيكلة القطاع المصرفي بانتظار اقراره في مجلس النواب لكي يستعيد القطاع المصرفي عافيته، وهذه تشكل الخطوة المحورية المنتظرة لما تحمله من تحديات في ظلّ الخسائر الجمة في القطاع المالي.
– انجاز الحكومة لمشروع قانون إعادة التوازن للقطاع المالي تمهيدا لاقراره من مجلس النواب.
– العمل مع مجلس النواب لاقرار مشروع القانون الذي ارسلته الحكومة الذي يضع ضوابط رسمية على التحاويل المصرفية، على امل ان تتكثّف الجهود من اجل اقراره في وقت قريب».
وتابع: «ان لبنان ارزة خالدة، ومهما عصفت فيه المحن والمصاعب، يبقى يختزن الكثير من الطاقات والقدرات والقيم والموارد البشرية والميزات الجغرافية، ما يمكنه من استعادة عافيته ومكانته في وقت يطول ويقصر وفق قدرة مجتمعه السياسي على:
• اخذ العبر من الأسباب العميقة التي أدت الى هذا الانهيار،
إعادة الحوكمة وانتظام العمل الديمقراطي السليم،
محاربة الفساد السياسي والإداري عبر تطبيق الدستور بروحيته ومدرجاته،
إعادة صياغة مفهوم ومستويات اعتماد التوافق في الممارسة للديمقراطية.
تفعيل مؤسسات الدولة وحمايتها من النفوذ السياسي،
اعتماد وتطبيق مجموعة الإصلاحات المنوه عنها والواردة في معظم التوصيات والمباحثات التي جرت مؤخراً مع الجهات الدولية من دون تردد».
وقال: «بما ان اغلب الحاضرين هم من المصرفيين العرب واللبنانيين الذين لبّوا دعوة الاتحاد، لا بد من التوقف عند واقع القطاع المصرفي اللبناني وآفاق إصلاحه المستقبلي. ان القطاع المصرفي اللبناني، والذي عرف سنوات حميدة على فترة طويلة من الزمن، يعاني اليوم من أزمة قاسية وخطيرة بحيث ينبغي تضافر جهود كل السلطات السياسية والنقدية والمصرفية من اجل احتواء الاختلالات القائمة والنهوض بالقطاع نحو التعافي والخروج من كبوته الحالية».
أضاف: «ولا بدّ من التذكير في هذا المجال، أن القطاع المصرفي اللبناني شكّل العمود الفقري للاقتصاد اللبناني على مدى العقود الثلاثة الماضية وذلك قبل اندلاع الأزمة المالية الأخيرة. فقد ساهم القطاع المصرفي بشكل فعّال في تكوين الناتج المحلي الإجمالي وبالتالي الدخل الفردي والذي بلغ 8،000 دولار قبيل الأزمة الأخيرة ما وضع لبنان بين البلدان المتوسطة الدخل عالمياً (Middle Income Nations) ، ووفّر القطاع المصرفي ما نسبته 60% من الاحتياجات التمويلية للقطاع العام، و50% من تمويل التجارة الخارجية، بالإضافة إلى تمويل القطاع الخاص بمحفظة تسليفات إلى الناتج المحلي الإجمالي تجاوزت عتبة الـ100%، ناهيك عن توظيفه ما يقارب 26،000 موظف من ذوي المهارات العالية، يشكّلون مدماك الطبقة الوسطى في لبنان».
وتابع: «الا ان القطاع المصرفي ليس بمنأى عن محيطه. عندما تردّت الأوضاع الاقتصادية العامة وزادت المخاطر السياسية في البلد، كان لا بد ان تتأثر  الظروف المالية والنقدية سلباً ويكون لها انعكاس مباشر على الشروط التشغيلية للقطاع المصرفي اللبناني».
وقال: «الواقع أن الازمة الراهنة والتي يعاني منها القطاع المصرفي منذ تشرين الأول 2019، هي أزمة قطاعية (systemic crisis)، تعود جذورها الى أوضاع اقتصادية غير منتظمة والى مالية عامة واهنة في ظلّ تعرض ملحوظ لميزانيات المصارف لمخاطر القطاع العام».
ولفت الى ان «عمق الازمة التي يمر بها الاقتصاد اللبناني وتشعبّها يستوجبان قرارات شجاعة وقوانين إصلاحية لإعادة هيكلة القطاع المصرفي ليصبح في وضع سليم بعد عقود من السياسات الاقتصادية والمالية الخاطئة او غير المتوازنة. هذا ما ورد في صلب مشروع قانون إعادة هيكلة القطاع المصرفي على مستوى الإطار التنظيمي، حيث برزت أهمية تمتين القطاع المصرفي بجهود إعادة الهيكلة لتعزيز وضعيته المالية وحوكمته وقدرته على مواجهة الضغوط في سبيل اعادة دوره المميز في الاقتصاد اللبناني».
وقال: «لا بد في الختام من التذكير بأن هناك خيارين متاحين اليوم، الخيار الأول الذي يجب تجنّبه بكل الطرق يتمثّل بسيناريو المراوحة والجمود واللااصلاح والذي قد يؤدي في نهاية المطاف إلى «الليلرة» المطلقة، في حين أن الخيار الثاني يقوم على إعادة هيكلة منتظمة وفق برنامج إصلاحي مع صندوق النقد الدولي من شأنه أن يكون المفتاح للتصحيح الضروري للوضع المالي بشكل عام».
وتابع: «باختصار، الخروج من المأزق يجب أن يكون عن طريق حلّ عام وتسوية عامة تنطوي قبل كل شيء على انتخاب رئيس للجمهورية في أسرع وقت ممكن وتشكيل حكومة جديدة والاسراع في عجلة الإصلاحات المنشودة وإبرام اتفاق نهائي مع صندوق النقد الدولي وبالتالي الحصول على المساعدات الدولية الموعودة، وذلك في سبيل احتواء المخاطر الكامنة حالياً كشرط مسبق لأي نهوض اقتصادي مرجو على المدى المتوسط والطويل».
وختم: «شكراً لحضوركم واتمنى منكم ان التوصيات الصادرة عن المؤتمر لكي تؤخذ بعين الاعتبار دراسة الهيئات الاقتصادية. اعتقد التعافي والنهوض سيكونان اقرب بكثير  مما نتصور. هذه السنة حقق الاقتصاد اللبناني نمواً بنسبة اثنين في المئة، وينتظر ان يكون النمو العام المقبل ٣ ونصف في المئة وسنة ٢٠٢٤ خمسة في المئة. نحن من الدول والاقتصاديات التي ستنمو سريعا وسنقدم درساً في كيفية التعافي بعد الازمة الكبيرة التي حصلت»<

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق