سياسة لبنانيةلبنانيات

قلة متضامنة فازت واكثرية مفككة خسرت فهل تعلمت الدرس؟

البنك الدولي: التأخير في معالجة الازمة متعمد ولبنان دولة عاجزة عن الحكم

يتطلع المراقبون الى جلسة يوم الثلاثاء المقبل في مجلس النواب لانتخاب اللجان. ووصفوا جلسة انتخاب رئيس المجلس ونائبه بانها كشفت عن اقلية متضامنة فازت، واكثرية مشتتة خسرت المعركة. فعسى ان تكون تعلمت من هذه التجربة. وقد عزوا فوز مرشحي الاقلية بانه جاء نتيجة تحول بعض الاكثرية نحو الاقلية بسبب صداقات وعلاقات، والسبب الاخر هو عدم خبرة البعض الداخل حديثاً الى الحياة السياسية. ورداً على تبجح بعض وسائل الاعلام بفوز الاقلية، قالت اولاً ان هذا الفوز جاء نتيجة عدم التضامن وقلة الخبرة وبفضل الاكثرية وثانياً وهو الاهم، ان الفوز بـ65 نائباً بعد ان كان بمئة وعشرين صوتاً ليس انتصاراً بل هو تراجع وتأكيد ان نصف المجلس هو ضد هذه النتيجة. فالافضل التوقف عن هذه العراضات.
وتترقب الاوساط السياسية والدبلوماسية التي تراقب التطورات عن كثب، ان يحدد رئيس الجمهورية موعد الاستشارات النيابية الملزمة، لاختيار شخص يتولى تشكيل حكومة انقاذ باقصى سرعة ممكنة، فالوضع لا يحتمل التأجيل. وتوقعت هذه الاوساط ان تجرى الاستشارات الاسبوع المقبل، اذ امام رئيس الجمهورية بين اسبوع وعشرة ايام. غير انه حتى الساعة لا اتفاق على اسم محدد يتولى تشكيل الحكومة. وهذا يتوقف على موقف الاكثرية. فان عرفت كيف تتضامن وتتوجه الى الاستشارات بموقف موحد كان لها دور بارز في هذا الاختيار، وتكون قد عوضت خسارتها داخل المجلس، اما اذا بقيت مفككة فان اصواتها ستضيع وتصبح بلا قيمة، ولا ثقل لها، رغم تمثيلها للاكثرية.
بعد تشكيل اللجان وهذه الخطوة مهمة نظراً لاهمية بعض اللجان في الظرف الراهن، تطوى المرحلة الاخيرة من الانتخابات التي جرت في 15 ايار الماضي، وينصرف المجلس الى العمل، وامامه مهمات كبيرة لعل ابرزها اقرار القوانين التي يطالب بها صندوق النقد الدولي، لانجاز الاتفاق النهائي مع لبنان، وهي قوانين الكابيتال كونترول، واعادة هيكلة المصارف والموازنة العامة والسرية المصرفية. وهذه القوانين متوقفة في ادراج المجلس السابق ويجب نزع الغبار عنها بسرعة. ثم ان هناك مشاريع قوانين بارزة جداً، وعد النواب خلال حملاتهم الانتخابية بالعمل على اقرارها، واهمها اللامركزية الادارية الموسعة، وقد نص عليها اتفاق الطائف، وهي منذ ذلك الحين تتعثر بسبب العرقلة التي يقوم بها بعض الاطراف. وهناك مشروع قانون حماية الودائع التي حاولت حكومة تصريف الاعمال شطبها وتحميل الخسائر التي تسببت بها هي والحكومات السابقة للمودعين، وهذا ظلم لا يمكن القبول به مطلقاً. كذلك هناك مشاريع قوانين تتعلق بالحياة اليومية للمواطنين المتروكين للقدر، بعيداً عن اي اهتمام من قبل المسؤولين، لا بل على العكس انهم يتلقون الضربات اليومية من هذه المنظومة الفاسدة، بشهادة اكبر المنظمات والهيئات الدولية.
امس صدر تقرير على جانب كبير من الاهمية من مجلس المديرين التنفيذيين في البنك الدولي جاء فيه: ان اذان المسؤولين اللبنانيين لم تعد حساسة. فهم اداروا الاذن الصماء للشعب. وحمل التقرير تهديداً للمنظومة على مستوى كل الوطن واتهمها بانها تعمل لتهديم مؤسسات الدولة، مؤكداً ان التأخير في معالجة الازمة السياسية والاقتصادية القاتلة التي تدمر البلاد متعمد. واتهم المسؤولين باضاعة الكثير من الفرص بحيث ان التأخير رتب تكاليف باهظة جداً على المستقبل، ففاقم المصاعب التي اثرت على اللبنانيين، وبصورة خاصة على الاسر الفقيرة، والبطالة في ازدياد لافت. ورغم ذلك لا تزال المعوقات قائمة. انها باختصار دولة عاجزة عن الحكم كما يقول التقرير. ولم يفت مجلس المديرين التنفيذيين ان يشيد ببعض المؤسسات التي تقوم بواجباتها على اكمل وجه، وخص بالذكر مستشفى الحريري ومنصة امباكت، التي لعبت دوراً مهماً اثناء انتشار فيروس كورونا، وغير ذلك من المهمات. وانتقد استبعاد المرأة وتهميشها في الحياة السياسية.
ان هذا التقرير ليس الاول الذي يصدر عن مؤسسات دولية تحمل المنظومة مسؤولية ما جرى وما يجري، غير ان المسؤولين وكما جاء في التقرير «يديرون الاذن الصماء»، فكأن الامر لا يعنيهم، ولم يعودوا يبالون باي انتقاد، حتى ولو وصل الى حد التجريح. فهم منقادون وراء مصالحهم والمواطنون غير واردين في حساباتهم، الا من باب انهم البقرة الحلوب التي يلقون على كاهلها كل التبعات، وعليهم ان يغطوا كل ما يفرض عليهم من زيادات جائرة في محاولة للتملص من الخسائر. فهل في العالم مسؤولون يهملون شعبهم بهذا الشكل؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق