سياسة لبنانيةلبنانيات

منظومة الفرص الضائعة تتحكم بلبنان وهو سائر الى الانهيار التام

في كل يوم قضية تطرح بين المسؤولين، فتتمسك بها المنظومة، لا لايجاد الحلول لها، بل لالهاء الناس عن الفساد المستشري الذي بلغ حداً غير مسبوق. وهكذا يمر الوقت. لا انجازات، لا خطط مدروسة تعالج المشاكل القائمة بل مزيد من الانهيار والتدهور. فقد طرحت فكرة تطبيق الميغاسنتر فاختلفت المنظومة حولها وتشكلت لجنة لدرس امكانية تطبيقها، خصوصاً وان الوقت ربما لم يعد يسمح لتطبيقها. فكان الخلاف سيد الموقف داخل اللجنة وقد استغلها البعض ليطرح فكرة تأجيل الانتخابات، رغم ان اي تغيير في موعد الاستحقاق مرفوض داخلياً ودولياً بشكل قاطع. وفي النهاية قد تؤدي هذه الخلافات الى نسف الفكرة، بعدما تكون المنظومة قد ضيعت وقتاً ثميناً عليها.
انها قضية داخلية تأثيرها يبقى محدوداً. غير ان القضية الكبرى المطروحة هي ترسيم الحدود البحرية. فجميع دول المنطقة جدّت في سعيها ووجدت الغاز في مياهها، وبدأت باستخراجه وتصديره والافادة منه، خصوصاً في هذه الفترة التي بلغت الاسعار حداً قياسياً، وحده لبنان لا يزال يتلهى بخلافاته وبات يخشى ان تضيع القضية على غرار قضايا اخرى سبقتها. فالرد الذي على لبنان ابلاغه للموفد الاميركي الوسيط في الترسيم راموس هوكشتاين يتطلب توافق الرؤساء الثلاثة عون وبري وميقاتي، وهذا ما ليس مؤمناً لان الرئيس بري يرفض المشاركة في لجنة تتولى الرد، وكذلك فعل حزب الله. وها هي الفرصة تضيع مرة جديدة وتبقي الغاز مطموراً تحت المياه وفي باطن الارض، في وقت ان الوضع الاقتصادي المنهار في امس الحاجة اليه. فالخلافات والانقسامات داخل المنظومة سدت جميع طرق الاصلاح، واوصلت البلد الى ما نعانيه اليوم.
يتحدثون طويلاً عن خطط، وتطلق التصريحات في كل الاتجاهات وكلها تتغنى بفوائد هذه الخطط. الا ان شيئاً على الارض لم يتحقق. ونبدأ بالموازنة التي خلت من اي اصلاح، وكانت موضع انتقاد واسع من مختلف الاطراف. فكأن الاصلاح اصبح عدو للمنظومة. فهي تبتعد عنه كلما طرح عليها. لانها تخاف من ان يقبعها. ان كل ما تضمنته الموازنة، زيادة قاتلة في الرسوم والضرائب، وكأن الحكومة تقول للمواطن المعدم، المنظومة بددت مال الدولة وعليك انت ان تسدد الخسائر. انه منطق لا يقبل به عقل او عاقل. اين الخطة الاقتصادية، وماذا تتضمن من اصلاحات لتستحق ان تسمى خطة التعافي. اين خطة الكهرباء التي عصفت حولها الخلافات، وبعد اخذ ورد قيل انها حظيت بموافقة مبدئية من مجلس الوزراء، وانصرف وزير الطاقة ليعيد صياغة التعديلات التي اقرت، فذهب وانقطع الحديث عن الخطة. ويبدو انها لم تحظ بموافقة البنك الدولي، لذلك توقف البحث في استجرار الكهرباء من الاردن والغاز من مصر، وتوقفت الحكومة عن تحديد تواريخ لتنفيذ المشروع. وهكذا كتب على اللبنانيين ان يعيشوا في العتمة ومع مسؤولين غير مسؤولين يطلقون الوعود ويخدرون المواطنين بها، اما التنفيذ فمعدوم، لان الاصلاح يهدد موقعهم.
ماذا حققت الحكومة منذ تشكيلها حتى اليوم؟ فالوقت عندها لا قيمة له، والفرص تضيع الواحدة تلو الاخرى، والمسؤولية غائبة، والفلتان على اشده في جميع القطاعات. وهذا امر طبيعي، عندما تتخلى الدولة عن مسؤولياتها وتصبح الامور بلا ضوابط، وبات يخشى ان تسوء الاوضاع اكثر اذا استمرت على ما هي عليه اليوم.
الخيار الوحيد امام الناس اليوم، هو الانتخابات وهي ما تسعى المنظومة الى تطييرها، لانها خائفة من ان يستيقظ الشعب ويحدث التغيير في صندوق الاقتراع، رغم علمها الاكيد بانها متجذرة في الارض وقبعها ليس بالامر السهل، والامتيازات التي تتمتع بها لا يمكن انتزاعها منها بسهولة. والمعركة اليوم اما ان ينجح الشعب ويسير نحو بناء دولة عادلة ديمقراطية ذات سيادة مطلقة، او ان تبقى الامور على حالها وبذلك ينتهي لبنان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق