سياسة لبنانيةلبنانيات

فشل نيابي معيب وعجز حكومي خدماتي كامل فهل تكون زيارة لودريان باب امل ام خيبة؟

سكان بيروت والمتن يفكرون باللجوء الى القضاء اما تأمين المياه للمنازل واما وقف الجباية

جلسة مجلس النواب الثانية عشرة لانتخاب رئيس للجمهورية، والتي حلت بعد توقف دام اكثر من ستة اشهر، كانت صادمة ومعيبة، ولا تزال اصداؤها تتردد في الداخل والخارج على حد سواء. لقد صعق اللبنانيون والعالم معهم، وهم يرون، ممثليهم في البرلمان، يهرولون في مغادرة القاعة، وكأن خطراً داهماً يطاردهم، وهدفهم تعطيل الجلسة ومنع انتخاب رئيس، رغم الازمات الكارثية التي تتهدد البلد، واثبتوا ان الحل الداخلي اصبح من المستحيلات، وسط هذا الانقسام العمودي الحاد الذي يزداد تصلباً، فيضيف علامة سوداء الى سجل المنظومة الشديد السواد، ويؤكد فشل هذا المجلس الذي لا يزال سجله خالياً من اي انجاز، رغم مرور سنة على تكوينه… لا انتخاب لا اصلاحات، بل انقسامات وتعطيل.
فقد اللبنانيون الامل بسياسييهم وهم يتطلعون الى الخارج، الى يد نظيفة، مخلصة تمتد لانتشالهم من هذا الجحيم. اتجهت لانظار الى باريس، حيث عقدت قمة على جانب من الاهمية بين الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان، وعلقوا عليها الامال العريضة. انها قمة مهمة قد يكون الملف اللبناني طرح خلال المحادثات، وسط كم كبير من الملفات، غير ان اي نتائج لم تظهر حتى الساعة. وما صدر عنها كان الدعوة الملحة الى النواب بالاسرع في انتخاب رئيس، وما التعليقات السياسية والاعلامية التي عقبت القمة سوى من باب التكهنات، لان شيئاً رسمياً لم يصدر حتى الساعة. ثم اتجهت الانظار الى ايران التي زارها وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، ومن الطبيعي ان يكون الملف اللبناني قد طرح، والدولتان معنيتان في ايجاد حل لهذا البلد، الذي يعاني فوق قدرته، وتبقى الانظار شاخصة الى زيارة مبعوث الرئيس الفرنسي جان ايف لودريان الذي يصل يوم الاربعاء المقبل، عله يكون مزوداً بتعليمات من قمة ماكرون – بن سلمان وحتى من زيارة بن فرحان الى ايران. فعلى امل الا تكون زيارته خيبة امل.
صحيح ان بعض الخارج قد يكون مهتماً بلبنان، ولكنه لن يكون احرص عليه من سياسييه، الذين يسيرون وراء مصالحهم الخاصة، بعيداً عن مصلحة بلدهم وشعبهم الذي تنكروا له. لم تبق جهة خارجية من مجموعة الدعم الدولية للبنان، الى وزارة الخارجية الاميركية وغيرهما، الا ودعت النواب الى الاجتماع فوراً وانتخاب رئيس. ولكن اذانهم كانت صماء، فلم يسمعوا ولم يبالوا وكأن الامر لا يعنيهم. فهل يستطيع لودريان، بما سيحمل من افكار ان يحركهم؟
الملف الثاني الذي شغل اللبنانيين كان ملف النازحين السوريين الذين عقد اجتماع اوروبي في بروكسل من اجل البحث في قضيتهم، وكانت خيبة امل كبرى من موقف الاتحاد الاوروبي الذي انبرى مسؤول الخارجية فيه جوزف بوريل الى التشبث ببقاء النازحين في الدول المضيفة، حتى ولو تدمر لبنان وشعبه وهذا الموقف ليس من باب انساني كما يدعي، بل انه موقف سياسي بامتياز همه الوحيد منع اللاجئين من التوجه الى الدول الاوروبية لذلك رفض المسؤولون اللبنانيون الكلام الصادر عنه بشدة، وقرروا السير بخطة الحكومة لاعادة النازحين الى بلدهم. فعسى ان تنفذ هذه الحكومة التي تتكلم اكثر مما تنجز، حتى ان اللبنانين كفروا بها. اما الموقف الاوروبي الذي يدعي الاهتمام بلبنان وعينه عليه، فقد كشف عن زيف ادعاءاته ولذلك جاءت الردود على بوريل حادة وعنيفة. هل يقبل هذا المسؤول الاوروبي بأن يأوي في الدول التابعة لاتحاده، لن نقول نصف عدد سكانها كما هو الحال في لبنان، بل عشرة ملايين نازح فقط؟ وهل يتلقى المسؤولون اللبنانيون الرسالة ويدركون انهم وحدهم مسؤولون عن بلدهم وفق مبدأ «ما حك جلدك الا ظفرك».
ولكن الشك يبقى يساور المواطنين بقدرة هذه الحكومة على الانجاز، وهي التي فشلت في تقديم ابسط ما يتوجب عليها تأمينه من مقومات الحياة. فبيروت مثلاً منذ اسبوع وهي بلا مياه، ولا من يسأل او يهتم. رفعوا التعرفة بنسب تفوق بكثير القدرة الشرائية للمواطنين، ومع ذلك يحرمونهم من المياه فاين تذهب هذه الملايين؟ وهل صحيح انهم يريدون فرض المزيد من الاعباء مقابل قساطل جافة، يضطر المواطن الى ان يلجأ الى الصهاريج لتأمين حاجته من هذه السلعة الضرورية للحياة، وهل تعتقد مياه بيروت وجبل لبنان ان المواطنين سيستمرون في التزام الصمت؟ في الماضي كانوا يتذرعون بان لا كهرباء لضخ المياه، ولا مال لشراء المازوت… واليوم اصبح المال كافياً والكهرباء مؤمنة، فلجأوا الى ذرائع اخرى ونسبوها الى الاعطال. فكأن المواطن مسؤول. واياً تكن طبيعة عطل بسيط فهل يحتاج الى اسابيع لاصلاحه؟ انها ذرائع لم تعد تنطلي على احد. لذلك يفكر المواطنون باللجوء الى القضاء وانهم يدفعون الملايين بدل سلعة تمتنع مياه بيروت وجبل لبنان عن مدهم بها. لذلك على القضاء ان ينصفهم. اما يحصلون على المياه 24/24 ساعة والا فلتتوقف الجباية، فيحول المواطن ملايينه الى الصهاريج التي اثبت اصحابها انهم اقدر من مياه بيروت وجبل لبنان على تأمين حاجاته. اننا نشجع اللجوء الى القضاء لوضع حد لهذا الظلم الذي لا يحتمل.
فهل بعد كل ما تقدم يمكن الاعتماد على المنظومة لحل ازمات لبنان المستعصية، وهل ان حكومة تصريف الاعمال وهمها اصدار المراسيم والتطبيقات غير الدستورية، مؤهلة لانصاف الانسان اللبناني. انها اضغاث احلام وكوابيس يبقى المواطن عائشاً عليها.
في الختام يتقرر خلال ساعات مصير الجلسة النيابية التي دعا اليها الرئيس بري لتشريع الضرورة لاقرار نقل اعتمادات تمكن وزارة المال من دفع رواتب القطاع العام وقد قررت القوات والكتائب وبعض المستقلين والتغييريين مقاطعتها لان المجلس النيابي لا يمكنه ان يشرع قبل انتخاب رئيس. ويبقى مصير الجلسة مرهوناً بقرار التيار الوطني الحر الذي زار رئيسه جبران باسيل قطر لمدة 24 ساعة حيث جرى البحث في الاستحقاق الرئاسي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق