افتتاحية

المفاوضات الصعبة والاصلاح المتهاوي امام المافيات

الحكومة امام الامتحان الصعب. هل هي قادرة على مواجهة المافيات والمهربين والمحتكرين والمتلاعبين بسعر الدولار الذي ينعكس على اسعار كل السلع الحياتية والمعيشية؟ المعركة قاسية والتصريحات لا تنبىء بالحقيقة. فعند كل تحرك حكومي الى الامام تبرز المافيات متحدية بقوة، لتثبت انها اقوى من الدولة، وان خطتها هي التي يجب ان تستمر، ولن تسمح للاصلاح بان يأخذ مداه. الرئيس نجيب ميقاتي ليس في وضع يحسد عليه وعندما يجد نفسه عاجزاً امام بعض القضايا يتهرب من قول الحقيقة كما هي. ففي حديث تلفزيوني قبل ايام سئل عن المازوت الايراني الذي يدخل الى لبنان بصورة غير شرعية، فاجاب انه اكتشف المعابر غير الشرعية بعد وصول الصهاريج الى داخل لبنان. فهل هذا صحيح؟
نحن نعلم ان لدى الرئيس ميقاتي كل العزم للسير بالاصلاح، رغم صعوبة الوضع، ولكن القوى الفاعلة على الارض تبدو اقوى منه وهي التي تتحكم بكل شيء. فهل ان الدولة قادرة على مواجهة كل هذه القوى التي تعترض مسيرتها؟
مثلاً قال في الحديث اياه ان الدستور ينص على محاكمة الرؤساء والوزراء امام محكمة خاصة. ولكن امام جريمة ذهب ضحيتها اكثر من مئتي قتيل وسقط اكثر من 6500 جريح، هل يبقى اي معنى للحصانات التي يتلطى البعض وراءها، ويلجأون الى جميع الوسائل للهروب من المثول امام المحقق العدلي. فهل تبقى للحصانات قيمة في مثل هذه المواقف؟
بعد ايام تبدأ المرحلة الصعبة في المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، والذي سيشترط لضخ المال في خزينة الدولة، اقفال جميع المعابر غير الشرعية. هل ان الحكومة قادرة على تلبية الطلب المحق، فتفرض سلطتها على جميع المعابر الشرعية وغير الشرعية وتمنع التهريب، وتضع حداً للنزف الحاصل على حساب اللبنانيين؟ لقد انفقت اكثر من 17 مليار دولار على الدعم فلم يصل للشعب منها سوى الربع، في احسن الاحوال. وذهب الباقي الى المهربين والمحتكرين والشبيحة وغيرهم. ان هذا الوضع لا يمكن ان يستقيم الا اذا استطاعت الحكومة ان تفرض سلطة الدولة على جميع الاراضي اللبنانية، وتكون وحدها صاحبة القرار في الحل والربط. وفي ما عدا ذلك فان اي حديث عن الاصلاح يبقى بلا معنى ولا يوصل الى اي نتيجة.
قبل ايام اقفلت محطات المحروقات ابوابها بوجه اللبنانيين، وعادت الطوابير بحجة عدم صدور التسعيرة، مع ان وزير الطاقة كما قيل ليس ملزماً باصدارها، طالما انه لم تدخل محروقات جديدة تستوجب ذلك. فسقطت ذرائع اصحاب المحطات وتبين انهم كانوا ينتظرون رفع الاسعار، وهذا ما حصل، لتحقيق المزيد من الارباح. فماذا فعلت الحكومة؟ كالعادة لفلفت القضية وكأنها لم تحصل. ان هذه السياسة لا يمكن ان تبني بلداً. فاما ان تستعيد السلطة دورها واما ان يبقى القرار بيد العاملين على عدم قيام الدولة

«الاسبوع العربي»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً

إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق