افتتاحية

الشعب حر فمتى ينفض عنه غبار التبعية؟

تعرض لبنان الاسبوع الماضي لهزة امنية خطيرة وخطيرة جداً كادت تشعل فتنة طائفية في البلاد. شارعان متخاصمان نزلا على الارض الواحد في مقابل الاخر، بذريعة ان كلاً منهما يؤيد طرفاً قضائياً معيناً. والحقيقة ان لا علاقة لاي منهما بالاطراف القضائية، بل انهما استنفرا تلبية لنداء زعمائهما السياسيين الذين كانوا يسعون لتحقيق اهداف ومآرب شخصية بعيدة عن مصلحة الوطن والمواطنين.
ماذا يعني هذا التحرك المشبوه والى اين يوصل؟
اولاً: لقد اثبتت التظاهرات الفئوية التي قام بها الشارعان، ان اللبنانيين لم يتعلموا شيئاً ولم يستفيدوا من دروس الماضي وانهم لا يزالون على استعداد للسير وراء هذا الزعيم السياسي او ذاك دون قيد او شرط، حتى ولو ادى بهم التحرك الى اعادة اشعال الحرب الاهلية وهذا ما اثار الحزن العميق في نفوس العقلاء في هذا الوطن. ولو كان المتظاهرون حقاً كما ادعوا انهم يفتشون عن اموالهم الضائعة، لكانوا طرقوا ابواباً اهم بكثير من الباب الذي طرقوه، ولكانوا بالدرجة الاولى طرقوا باب السياسيين انفسهم الذين افلسوا البلد وهدروا الاموال واوصلونا الى الحالة التي نحن فيها. ان ذلك يثبت ان الشعب لا يزال متعلقاً بزعمائه السياسيين يسير وراءهم كالغنم حتى ولو اوصلوه الى الهلاك.
ثانياً: ان السياسيين المتجذرين في الارض هم ايضاً لم يتعلموا شيئاً وانهم لا يزالون مستعدين لاحراق البلد من اجل اشعال سيكارتهم. فاثبتوا مرة جديدة ان مصالحهم هي فوق كل اعتبار، لا مصلحة البلد تعنيهم ولا مصلحة الشعب الذي يسير وراءهم، وهو لا يشكل اكثر من وقود لنار مكاسبهم. فماذا يريد هؤلاء ومتى ترتوي هذه الطبقة السياسية التي عشش الفساد في زواياها. لقد افرغوا الخزينة، وبددوا بالتعاون مع المصارف اموال الناس ومدخراتهم وهي جنى عمرهم، حتى اصبح اكثر من نصف اللبنانيين تحت خط الفقر، واستغلوا جهل الذين يسيرون وراءهم لتحقيق مآربهم.
لمصلحة من هم يعملون على ضرب القضاء، الذي وحده لو رفع السياسيون ايديهم عنه لاستطاع ان يعيد تصويب الامور ويعيد الحقوق الى اصحابها. فما هي فائدتهم من تقسيم القضاء. ثم ما هو هدفهم من التصويب على الجيش، المؤسسة اللبنانية الشريفة الباقية في هذا الوطن لتبعث الامل في انقاذ اللبنانيين يوماً؟ ان اهدافهم باتت مكشوفة امام العالم كله وهذاما جعل الدول الشقيقة والصديقة تبتعد عن لبنان وتتركه يغرق طالما ان سياسييه لا يريدون مصلحته وهم يعملون على اغراقه، وسيكتب التاريخ قصصهم يوماً بالشحار والفحم الشديدي السواد. لذلك نقول لا امل للبنان الا بتغيير هذه الطبقة الفاسدة والعمل بجدية على تثقيف الشعب لينفض عنه غبار التبعية ويعلم انه حر وان ارادته هي ملك له وليست للسياسيين.

«الاسبوع العربي»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق