سياسة لبنانيةلبنانيات

الشغور الرئاسي يدخل غداً شهره الخامس والنواب يتجاهلونه ويتطلعون الى التشريع

الحكومة تتفلت من قيود «تصريف الاعمال» والدولار يجتاح الاسواق ويدمر المواطنين

منتصف هذا الليل يحتفل المجلس النيابي باطلالة الشهر الخامس من عمر الشغور الرئاسي، وهو من صنع يديه ولا يزال يرعاه ويحرص على استمراره وتمدده. هذا الشغور الذي كشف الخطأ الكبير الذي وقع فيه اللبنانيون، عندما توجهوا الى صناديق الاقتراع، وكانت الفرصة سانحة لهم للتغيير وازاحة هذا المنظومة التي تربعت على كراسي السلطة، فدمرت كل ما وقعت عليه ايديها. الا انهم بكثير من عدم الكفاءة او الاهمال، او عدم تحمل المسؤولية عاودوا الكرة. فكانت الكارثة التي وصلت الى هذا الحد. ويبدو ان المجلس النيابي نسي ان الدستور يفرض عليه واجبات عليه تنفيذها، ومن اولى هذه الواجبات الدعوة الى جلسة لانتخاب رئيس للجمهورية، تتفرع عنها دورات متلاحقة الى ان يتم التوافق على انهاء الشغور واختيار رئيس. لذلك فان همه اليوم التشريع وهو محرم عليه قبل ملء الشغور. وقد فشلت المحاولات لعقد جلسة سموها «تشريع الضرورة» كمهرب لمخالفة الدستور. ولكن هل هناك ضرورة اكثر من اختيار رئيس للبلاد؟
ويتمدد الشغور ليشمل المجلس النيابي فيصيبه بالشلل والتقاعس، والحكومة وهي اصلاً شاغرة لانها مستقيلة وباقية لتصريف الاعمال والقضاء الذي يعمل فيه معول الخلافات والانقسامات التي سببها التدخل السياسي ويشل حركته، والادارات العامة المعطلة بالاضرابات والاعتصامات منذ اشهر طويلة ولان المعالجات تتم بالترقيع، سرعان ما يعود الموظفون الى التعطيل. اما القطاع التربوي فحدث ولا حرج، لان اضراب المعلمين الرسميين يدمر مستقبل مئات الاف الطلاب، امل الغد والمستقبل. وحدها الحكومة تمردت على الدستور والقوانين، وهي تعقد جلسات لمجلس الوزراء بغياب رئيس للجمهورية، فتأخذ دوره وتصدر القرارات متجاهلة كل الموانع التي تقف في طريقها. وامس عقدت جلسة لمجلس الوزراء، والذريعة دائماً حاضرة، فقالت انها من اجل بحث امور ملحة، الا انها فشلت في ايجاد مخرج قانوني للتمديد لمدير عام الامن العام اللواء عباس ابراهيم، الذي يحال الى التقاعد يوم الخميس المقبل لبلوغه السن القانونية. كما فشلت في اقرار بدل انتاج للموظفين لحملهم على العودة عن الاضراب. وهذا الحل الوحيد الجيد، لا لان الموظفين لا يستحقون الزيادات، بل لان زيادة الانفاق دون تأمين التمويل ينعكس كوارث على الموظفين وعلى اللبنانيين عموماً، في غياب خطة مدروسة تؤمن الحقوق للجميع. والتجارب السابقة اكدت ذلك.
وتجدر الاشارة الى ان الثنائي الشيعي، وبعدما فشل حتى الساعة في التمديد للواء ابراهيم، بدأ البحث عن خليفة له، اذ من غير المسموح في نظرهم شغور المركز، على عكس القادة المسيحيين الذين بدل ان يتكاتفوا ويتفقوا على مرشح يتمتع بكل المواصفات المطلوبة لتقديمه الى المجلس النيابي لانتخابه رئيساً، فانهم يختلفون وينقسمون، ولا يبالون بالمركز الاول في الدولة. وهذا قمة الامعان في التدمير. لذلك قال البطريرك الراعي «ما حدا يقول انا مش منن». كلهم معطلون وكلهم مسؤولون.
ازاء هذا الوضع الاسود الذي يتحكم بالبلاد، يواصل الدولار الاميركي تفلته من كل القيود ويواصل ارتفاعه الجنوني زارعاً الفقر والبؤس بين المواطنين، ويثبت مرة جديدة، ان المراهنين والمضاربين والمافيات هم اقوى من الدولة، وهم الذين يتحكمون بحياة الناس. لقد اعتقد المسؤولون انهم باعتقال عدد من المضاربين الصغار يضعون حداً لتدمير العملة الوطنية. ولكن الرؤوس المافياوية الكبيرة التي تقف وراء هذه الجرائم، هي فوق قدرة الحكومة على ان تطاولها، وبالتالي فان الدولار الذي اصبح بلا سقف سيواصل تحليقه ويجر معه اسعار المواد الغذائية والسلع الاخرى، وكل ما يقع تحت سلطته، ولن تقوى سلطة على لجمه، قبل ازاحة المنظومة واعادة انهاض البلد على اسس صحيحة، وكل ما عدا ذلك اضاعة للوقت ومزيد من الانهيار. ولا ننتظر اصلاحاً مهما صغر على ايدي هذه المنظومة التي صفتها الاولى التي يلقيها عليها العالم باسره الفساد والانكار والانانية والتضحية بالمصلحة العامة خدمة لمصالحها الشخصية. فمتى يحين اوان الخلاص؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق