أبرز الأخبارسياسة عربية

«النصرة» تتمدد في ادلب، والمواجهات الداخلية تتجاوز مرحلة «كسر العظم»

رغم اتفاق جميع الاطراف الناشطة في الداخل السوري على مخاصمة تنظيم داعش، وتوجيه كل تلك الاطراف سلاحها صوب التنظيم، اينما تواجد، بدا واضحاً ان ذلك لم يوقف الصراع الداخلي بين اطياف المعارضة. ولم ينجح في تقريب المواقف بين اطراف الصراع الرئيسيين خطوة واحدة.

هنا يمكن التوقف عند بعض الامثلة، من ابرزها الخلاف بين جبهة النصرة، وباقي اطياف المعارضة بما في ذلك الجيش الحر من جهة، وجيش النظام من جهة اخرى. حيث تتواصل المواجهات بين كل الاطراف، وعلى قاعدة «الكل يحارب الكل»، ما يعني غياب بوصلة الثورة، والدخول ضمن اطار الفوضى.
فقد اندلعت الاشتباكات بين جبهة النصرة من جهة، وتنظيم جبهة ثوار سوريا، احدى اكبر القوى المقاتلة في المعارضة السورية من جهة اخرى، في منطقة جبل الزاوية بمحافظة ادلب (شمال غرب البلاد)، وتبادل الطرفان الاتهامات عبر مختلف وسائل الاعلام المتاحة بما في ذلك مواقع التواصل الاجتماعي على الانترنت.
ويأتي ذلك بعد ايام على جولة من المعارك الدامية بين الطرفين في المنطقة ذاتها تمكنت خلالها جبهة النصرة من انتزاع السيطرة على سبع قرى وبلدات في جبل الزاوية (شرق ادلب) من مقاتلي جبهة ثوار سوريا. ولم يعرف السبب الرئيسي لهذه المواجهات.

اشتباكات عنيفة
وبحسب المرصد السوري لحقوق الانسان، تجددت الاشتباكات العنيفة بين مقاتلي جبهة النصرة ومقاتلي جبهة ثوار سوريا في محيط بلدة دير سنبل، المعقل الرئيسي للجبهة، في محافظة ادلب، ما ادى الى وقوع خس
ائر بشرية في صفوف الطرفين. وكانت معارك بين الطرفين وقعت في 26 تشرين الاول (اكتوبر)، واستمرت يومين.
وبحسب المرصد ايضاً، نجحت جهود وساطة محلية في التوصل الى اتفاق على نشر «قوة صلح» مؤلفة من مسلحي 15 فصيلاً مقاتلاً بينها فصائل اسلامية بين الطرفين في جبل الزاوية. الا ان الاشتباكات سبقت انتشار القوة. ووقعت الخميس اشتباكات آخرى بين جبهة النصرة وحركة حزم، احدى فصائل المعارضة، في بلدة خان السبل في ريف ادلب اسفرت عن مقتل ثلاثة مقاتلين.
ويؤيد مقاتلو «حركة حزم وجبهة ثوار سوريا» سوريا علمانية وديموقراطية، ويتميزون  بانتقادهم للكتائب الاسلامية.
في المقابل، افاد المرصد عن مشاركة مقاتلين من كتيبة جند الاقصى الاسلامية الى جانب جبهة النصرة ضد جبهة ثوار سوريا.
في سياق آخر، سيطر تنظيم الدولة الاسلامية «داعش»، على شركة للغاز في ريف حمص قريبة من حقل الشاعر النفطي والغازي الذي كان استولى على اجزاء واسعة منه قبل ساعات. وتعتبر الشركة مصدراً مهماً للغاز الذي يتم توزيعه على مناطق عدة، بينها دمشق.
وكان تنظيم الدولة الإسلامية سيطر الخميس على أجزاء واسعة من حقل شاعر عقب اشتباكات لايام مع قوات النظام والمسلحين الموالين لها وانسحاب هذه الأخيرة من هذه الأجزاء. وفي تموز (يوليو)، قتل نحو 350 من قوات النظام والمسلحين الموالين له وموظفي الحقل عندما شن التنظيم الجهادي المتطرف هجوماً على حقل شاعر، وقضى عدد كبير من هؤلاء ذبحاً. لكن قوات النظام استعادت الحقل بعد اسبوع.

دمشق تهاجم دي ميستورا
في الاثناء، هاجمت دمشق، الخطة التي اعلنها المبعوث الاممي الى سوريا. وانتقدت  صحيفة «الوطن» السورية القريبة من السلطات الاحد مبعوث الامم المتحدة الى سوريا ستافان دي ميستورا بعد اقتراحه «تجميد» القتال في بعض المناطق السورية، في اول انتقاد توجهه الصحافة السورية الى هذا المبعوث الدولي.
واتهمت «الوطن» المبعوث الاممي الجديد بانه بدا ضائعاً في تصريحاته، وانه قد يكون خضع لضغوطات دولية تتحدث منذ اسابيع عن اقامة مناطق عازلة او آمنة فوق التراب السوري».
ورأت ان «تصريحاته الجديدة تحدث فيها عن مصالحات تختلف كلياً عما يحدث على الارض، فالمصالحة تعني تسليم السلاح وعودة المقاتلين السوريين الى كنف الدولة».
وقدم مبعوث الامم المتحدة الى سوريا لمجلس الامن الدولي الخميس «خطة تحرك» لهذا البلد تقضي «بتجميد» القتال في بعض المناطق للسماح بنقل مساعدات والتمهيد لمفاوضات.
وقال ان مدينة حلب المقسمة قد تكون «مرشحة جيدة» لتجميد النزاع فيها، مضيفاً ان «الامر ينبغي ان يتعلق باتاحة الفرصة لتحسين الوضع الانساني وليشعر السكان بانه لن يحدث نزاع من هذا النوع على الاقل هناك».
وشدد دي ميستورا في مؤتمر صحافي عقده في دمشق اثر لقائه الرئيس بشار الاسد في ايلول (سبتمبر) في اول اجتماع بينهما منذ تسلمه مهمته في تموز (يوليو)، على ضرورة مواجهة «المجموعات الارهابية»، على ان يترافق ذلك مع حلول سياسية «جامعة» للازمة السورية.
وذكرت «الوطن» ان مبعوث الامم المتحدة «وفي زيارته الأخيرة لدمشق اعلن ان الاولوية الان لمكافحة الارهاب ومن ثم العمل على المصالحات الداخلية واخرها الدخول في مفاوضات الحل، وهو ما توافق عليه دمشق».
لكنها اعتبرت انه عاد و«تجاهل تصريحاته السابقة» في الاقتراح الذي تقدم به.
وترفض سوريا اقامة منطقة عازلة او «امنة» على اراضيها معتبرة ان هذا الامر يطعن في سيادتها ويوفر ملاذاً امناً للمعارضين الذي يقاتلون منذ اكثر من ثلاث سنوات لاطاحة بنظام الاسد.

مقاتلون اجانب
في سياق مواز، اعلن مسؤولون اميركيون ان المقاتلين الاجانب يواصلون التوجه الى سوريا بمعدل الف شخص في الشهر واكدوا انه رقم قياسي رغم الحملة الجوية التي تقوم بها الولايات المتحدة ضد تنظيم الدولة الاسلامية.
وقال مسؤول في الاستخبارات لوكالة فرانس برس ان عدد الاجانب الذين يغادرون الى سوريا للقتال الى جانب مجموعات مسلحة يتجاوز عدد الذين يتوجهون الى اليمن وافغانستان والصومال. وتقدر وكالات الاستخبارات الاميركية المكلفة مكافحة الارهاب عددهم بحوالي 16 الفاً بينهم قسم كبير ضمن تنظيم الدولة الاسلامية التي سيطرت على مساحات واسعة من الاراضي في العراق وسوريا. وقال المصدر نفسه رافضاً الكشف عن اسمه «الاتجاه هو نحو الارتفاع».
واوضح ان عمليات القصف اليومية التي تقوم بها القوات الاميركية وحلفاؤها ضد «الجهاديين» في سوريا والعراق، لا تردع الاجانب من الذهاب الى هناك من اجل القتال. وغالبيتهم ياتون من الشرق الاوسط او شمال افريقيا، والقسم الاكبر من تونس.
وهناك حوالي الفي مقاتل اتوا من اوروبا وحوالي مئة من اميركا بينهم عشرة يقاتلون الى جانب تنظيم الدولة الاسلامية.

وخلافاً لتنظيم القاعدة فان عناصر تنظيم الدولة الاسلامية تمرسوا في استخدام شبكات التواصل الاجتماعي باللغات العربية والانكليزية والفرنسية من اجل تجنيد متطوعين للقتال كما تقول وكالات الاستخبارات الاميركية.
في سياق آخر، اشارت بعض التقارير الى ان الفي معتقل في السجون والمقرات الأمنية التابعة للنظام السوري قضوا جراء التعذيب خلال العام الحالي.
وجاء في بيان للمرصد السوري ان عدد المعتقلين الذين نجح المرصد في توثيق مقتلهم جراء التعذيب، بلغ 1917 معتقلاً.
واضاف المرصد ان سلطات النظام السوري سلمت جثامين بعضهم لذويهم، فيما تم ابلاغ اخرين بان ابناءهم قضوا داخل المعتقلات، وطلبوا منهم اخراج شهادة وفاة لهم، كما اجبر ذوو البعض الاخر من الشهداء الذين قضوا تحت التعذيب داخل معتقلات النظام على التوقيع على تصاريح بان مجموعات مقاتلة معارضة هي التي قتلتهم.
وذكر المرصد ان من بين الذين قضوا في السجون 27 شخصاً دون سن الـ 18، و11 امرأة، وان اكبر عدد من المعتقلين الذين توفوا جراء التعذيب او الظروف السيئة او التجويع او المرض يتحدرون من ريف دمشق حيث بلغ عدد هؤلاء 411 معتقلاً، يليهم 299 معتقلاً من حمص و271 من درعا و243 من دمشق.
وبحسب المرصد، فان اكبر عدد من الوفيات كان في حزيران (يونيو) حين قضى 284 شخصاً من بين اكثر من 200 الف معتقل في السجون والفروع والمقرات الامنية.
وعلى مدار العام الماضي 2013، قتل 2389 معتقلاً في سجون النظام السوري وفقاً لارقام المرصد ايضاً.

عشرات آلاف المعتقلين
وتعتقل السلطات السورية، بحسب منظمات عدة مدافعة عن حقوق الانسان، عشرات آلاف الاشخاص بتهم «الارهاب»، بعضهم لنشاطهم المعارض ولو السلمي، وآخرون للاشتباه بانهم معارضون للنظام، او حتى بناء على وشاية كاذبة.
ويتعرض المعتقلون في السجون والفروع والمقرات الامنية «لاساليب تعذيب وحشية» تتسبب بحالات الوفاة، او الاصابة بأمراض مزمنة، مترافقة مع حرمان من الغذاء والادوية والعلاج اللازم، بحسب المرصد.
وادانت المفوضة العليا للامم المتحدة لحقوق الانسان نافي بيلاي في نسيان (ابريل) تعميم التعذيب في سجون النظام، واستخدامه ايضاً من طرف بعض المجموعات المسلحة، لا سيما المتشددة منها.
وانتقدت منظمات حقوقية بشدة اساليب التعذيب والاعتقال التعسفي الذي تقوم به الاجهزة الامنية السورية منذ اندلاع الاحتجاجات المناهضة لنظام الرئيس بشار الاسد منتصف آذار  (مارس) 2011 والتي تحولت الى نزاع دام قتل فيه نحو 195 الف شخص.

دمشق – «الاسبوع العربي»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق