افتتاحية

لمصلحة من تطلق الصواريخ من جنوب لبنان؟

على مدى ايام طويلة واسرائيل تصب نار حقدها على قطاع غزة، وقذائفها تسقط على منازل الامنين فتدمرها فوق رؤوسهم. لقد وجدت في القطاع ضالتها. فهي تريد ان تهرب من مفاوضات السلام، خصوصاً وان الفلسطينيين قدموا كل التسهيلات اللازمة حتى تتقدم المفاوضات الى الامام ويتحقق الحل العادل.
لقد بات واضحاً ان السلام لا يخدم اسرائيل، وهي غير قادرة على البقاء الا على هدير الطائرات ودوي المدافع. فالسلام يدمر اهدافها ويهمش دورها.
لقد هالها ان ترى المصالحة تتحقق بين الفصائل الفلسطينية كلها، بين منظمة التحرير وحماس، بين الضفة الغربية وغزة، وقد ترجمت هذه المصالحة بتشكيل حكومة وحدة وطنية، الامر الذي رأت فيه الدولة العبرية تهديداً لكيانها المصطنع، وخطراً على وجودها، فاختلقت الاعذار لتنسف عملية السلام من اساسها وتسقط حل الدولتين، بعدما كثرت الضغوط الدولية عليها لحملها على السير في هذا الحل. فبدأت بتكثيف الاستيطان الى ان سنحت لها الفرصة في غزة.
واسرائيل لا تعدم الحيلة اذا ارادت تحقيق امر ما. فالكل يذكر انها في العام 1982، اتخذت من اغتيال سفيرها في لندن، وربما هي كانت وراء عملية الاغتيال، حجة لتجتاح لبنان من اقصى الجنوب حتى العاصمة بيروت، وضربت منظمة التحرير بزعامة ياسر عرفات، وارغمتها على ترك لبنان والانتقال الى تونس. وكانت قبل ذلك قد نفذت عمليات اغتيال بحق عدد من القادة الفلسطينيين على امل ان تحقق غايتها، ولما عجزت لجأت الى اغتيال السفير، افلا يجوز ان تكون قد دبرت اغتيال المستوطنين الثلاثة لتنفذ ضربتها على غزة؟ وتطيح عملية السلام والمصالحة الفلسطينية؟
ولكن كيف كانت ردة فعل العالم على هذه العملية الهمجية ضد المدنيين من النساء والاطفال في غزة؟ وماذا فعل لوقف آلة الدمار الاسرائيلية؟
فالولايات المتحدة مثلاً لم يروعها مئات القتلى والجرحى العزل من سكان غزة، وكل ما رأه رئيسها باراك اوباما هو بضعة صواريخ اطلقت على الاراضي الفلسطينية المحتلة دفاعاً عن النفس، فاستنكر سقوط هذه الصواريخ وادانها ولم يأت على ذكر مئات الضحايا في غزة، بل دعا الى ضبط النفس، وحاول بشكل خجول جداً ان ينهي نتانياهو عن عمله فلم يفلح، ذلك ان الدولة العبرية اعتادت على استضعاف الولايات المتحدة صاحبة الفضل الكبير عليها، فلم تعرها اهتماماً واعلنت انها مستمرة في عدوانها الى ان تحقق اهدافها.
ولكن ما هي هذه الاهداف التي تريد ان تحققها؟
انها حتماً ضرب عملية السلام واقفال ملفها عبر المضي في سياستها الاستيطانية، من اجل خلق المزيد من الاجواء العدائية في المنطقة.
ولا يختلف موقف فرنسا وبريطانيا والمانيا والغرب كله عن موقف اوباما المتخاذل، ليثبت العالم مرة جديدة ان شريعة الغاب هي السائدة، وان الاحداث تتحكم بها سلسلة مصالح خاصة، بعيداً عن منطق الحق والعدل وحقوق الانسان، وهي شعارات اصبحت ممجوجة من كثرة ما تغنوا بها دون ان يحترموها ولو مرة واحدة.
وماذا فعل العرب لوقف هذا العدوان المتمادي، وما هي الضغوط التي مارسوها لحمل العالم على التدخل بفاعلية لوقفه؟ ربما انهم اكتفوا باجتماع طارىء لوزراء خارجية دولهم لم يؤد الى اي نتيجة. وماذا فعلت كل هذه التيارات المتصارعة في العراق وسوريا واليمن وغيرها؟
افليس من الاجدى ان تحول بنادقها ضد اسرائيل، بدل ان تقاتل بعضها البعض؟
هذه المنظمات التي تحمل الف اسم ولون، لو ان القذائف التي تبادلوها فوق الاراضي العربية، وجهوها الى الدولة العبرية اما كان من الممكن على الاقل ان تلجم الهجمة الاسرائيلية الشرسة؟
انهم يتصرفون بلا تخطيط وبلا تفكير، ولذلك هم يخسرون دائماً. فمثلاً ما هي الفائدة من اطلاق صاروخين او ثلاثة من الجنوب اللبناني فتسقط في ارض قاحلة داخل الكيان الصهيوني دون ان تتسبب بأي ضرر. ولكن ضررها الكبير ينعكس على لبنان الذي قدم للقضية الفلسطينية ما لم تقدمه اي دولة من الدول العربية. فلماذا يسعون الى توريط لبنان وجره الى حرب مدمرة، وجراح الحرب الماضية لم تندمل بعد؟
مطلقو الصواريخ هؤلاء هل هم حقاً اعداء اسرائيل ام انهم يخدمونها من حيث يدرون ، او لا يدرون؟ فبربكم كفوا عن هذه التصرفات العشوائية وتضامنوا في ما بينكم ومع الدولة اللبنانية حتى تتمكن من اجتياز هذه المرحلة الخطرة باقل قدر ممكن من الخسائر. وادعموا فلسطين بالتخطيط السليم لتتمكنوا من مواجهة هذا العدو الوحشي الشرس، وبالتضامن مع ابناء غزة ودعمهم، وعندها فقط تكسبون المعركة وتخدمون القضية.

«الاسبوع العربي»

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً

إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق