فناننجوم ومشاهير

يوسف الخال: انتقلنا من ديكتاتورية الأنظمة الى ديكتاتورية الدين

تقصده وفي جعبتك أسئلة من البدايات وصولاً إلى «الجذور». لكن الحديث مع الممثل والفنان والمؤلف الموسيقي يوسف الخال ينقلك مباشرة الى الجذور ويأخذك بثقافته وخلفيته الفنية الى حيث يمكنك أن تتأكد من أنه لا يشبه الا نفسه. أدواره طبعت في الدراما، كيف لا وهو الذي لا يرضى بالعادي أو بالأدوار المتقاربة. وعلى هذا الأساس رسم استراتيجيته التمثيلية: عملان في السنة وليس مجرد أي عملين. وكما في التمثيل كذلك في الغناء لكن أيضاً ضمن استراتيجية تضعه في مصاف الفن الراقي. يؤمن بأن في الحياة فرصاً قد تأتي وقد لا، المهم ألا تضيع عصمة الحرية من يديه. ومن «الجذور» و«أشرقت الشمس» كان اللقاء المتمايز مع يوسف الخال.

مجرد أن تسأله عن اللغز الذي أعاده إلى التلفزيون من خلال مسلسل «الجذور» ينتفض، فالعودة في قراءات يوسف الخال تعني الغياب لمدة عن الشاشة أو الجمهور «وهذا لم يحصل لأنني أعمل وفق الإستراتيجية التي رسمتها لنفسي بعد تأسيس شركة الإنتاج» خيال بروداكشن، مع شقيقتي ورد. وتعتمد على تصوير مسلسل أو إثنين كحد أقصى سنوياً. وهكذا يتسنى للممثل أن يكون أكثر جهوزية وقادراً على التجدد في الشكل والمضمون. حتى فكرة إعادة عرض المسلسل لا أوافق عليها إلا بعد مرور ما لا يقل عن العامين أو الثلاثة عن العرض الأول، لأن المشاهد سيمل ويفقد الممثل بريقه.

أعمال لا تعلّم
لكن المسألة لا تتوقف فقط على الممثل أو سياسة المحطة؟
صحيح. فغالبية الأعمال اليوم تطبخ بسرعة مما يمنع الممثل من أن يكون في حالة نفسية متجددة تسمح له بتقديم صورة جديدة للمشاهدين. حتى الكاتب صار يكرر نفسه والنتيجة أعمال درامية لا تعلّم ولا تطبع في أذهان الناس.
الإستراتيجية التي فرضتها على نفسك تنسحب أيضا على طبيعة العمل؟
طبعاً. فأنا أحب الإنتقائية والجدية لأن التمثيل في حساباتي ليس مجرد وظيفة. وعندما اشعر أنني ملزم به كوظيفة أكره نفسي.
لكنك عملت كموظف مصرف سابقاً؟
صحيح وقد دخلتها قسراً ولفترة قصيرة، وتحديداً عندما شعرت أن الدراما اللبنانية خرجت من إطار الدهشة والجدية. لكنني كنت أعلم أنني أغرد خارج سربي.
وما هو العمل الذي أخرج هذا العصفور من القفص؟
الفنان أسامة الرحباني هو الذي استفز الخلايا التي كانت تعيش حالاً من الحرد في داخلي فأيقظها من جديد عندما عرض علي فكرة البطولة في مسرحية «آخر يوم». ولن أنسى فضله خصوصاً أن العوامل التي اجتمعت من دور بطولة في مسرحية  غنائية للرحابنة كانت كافية لتحريري من القفص.
ما هي الحوافز التي تستفزك لقبول عمل تلفزيوني ما؟
كلما تقدمت في الخبرة صرت أكثر انتقائية ودقة في اختيار نص مميز، لكن هذا يكون لصالح المشاهد، لأنني أصر على الا أخذله في منتصف الطريق.
واضح أنك تثق بهذا المشاهد على رغم الآراء التي تجمع على أنه يتلقى كل ما تعرضه الشاشة الصغيرة؟
أنا اثق جداً بالمشاهد اللبناني خصوصاً، والعربي عموماً، ولا يجوز الإستخفاف برأيه بعدما تحولت الدراما إلى مرآة للمجتمع وهموم الناس. وهذا لم يكن وارداً سابقاً إذ كنا نمثل لبعضنا ولم تكن هناك نظرة جدية للدراما في أذهان الناس والمحطات التلفزيونية.

تراجع الدراما
لكنك تكلمت عن مرحلة «سلق الأعمال الدرامية»؟
بداية لا بد من الإعتراف بالنهضة التي عرفتها الدراما اللبنانية بين العامين 2003 و2007 وهذا ما يفسر رواج وانتشار وجدية الدراما في حينه. لكن منذ العام 2010 دخلنا مرحلة التراجع مع دخول الإنتاج عالم التوفير، مما أعاق عملية انتشار الدراما وتصديرها إلى الخارج. قد يكون هناك استثناء تمثل في المغامرة التي قام بها المنتج الراحل أديب خير في مسلسل «روبي». عدا ذلك لم يجرؤ أحد على القيام بإنتاج عربي مشترك، إلى أن جاء منتج مسلسل «الجذور» وقام بالخطوة على مستوى الإنتاج المصري – اللبناني المشترك.
هل يفسر كلامك أسباب رفض المحطات التلفزيونية العربية شراء مسلسل لبناني؟
حجة المحطات العربية أن الدراما اللبنانية تعتمد على اللهجة اللبنانية، وهذه ذريعة لأن السبب الرئيسي يتوقف على عدم توافر العناصر المطلوبة لتصدير أي عمل إلى المحطات العربية. هذا لا يعني انتقاصاً من قيمة الدراما اللبنانية. فقد يكون الإنتاج اللبناني كريماً، لكنه لا يقارن بالإنتاج العربي. من هنا لا بد من اعتماد استراتيجية تقوم على إنتاج مسلسل ضخم بدلاً من أربعة أو خمسة مسلسلات في السنة. وهكذا لا تعود هناك حجة لدى المحطات العربية في رفض أي مسلسل من إنتاج لبناني.
وكيف تفسر هجمة التركي بعد المكسيكي؟
التركي جاء ليعوض عن الفراغ الحاصل خلال فترة 11 شهراً حيث تغيب الدراما المحلية في انتظار حلول شهر رمضان الكريم. وهذا ما شجع المنتجين العرب على استغلال هذه الفرصة وتعبئة الشاشات بالمسلسلات التركية التي تعالج قضايا إجتماعية وإنسانية قريبة إلى حد ما من ذهنية اللبناني. وبذلك احتلت صدارة اهتمامات المشاهد اللبناني ورفع من سعر الأعمال التركية التي كانت تباع بـ «تراب المصاري».

مش غلط!
واضح ان الشواذ تحول إلى قاعدة فكيف يكون المخرج – الحل لهذه المعضلة؟
الحل يتطلب تركيبة تعتمد على خلطة كما حصل في «روبي» ويحصل اليوم في مسلسل «الجذور» حيث اعتمد المنتج مفيد الرفاعي (سوري الجنسية) على خلطة مصرية – لبنانية. ومش غلط، إذا افترضنا أنها ستكون بمثابة جسر عبور حتى يتمكن الممثل كما المنتج اللبناني من فرض نفسه على المحطات العربية التي ستتعرف إلى الدراما اللبنانية من خلال هذه الخلطة. وبذلك لا يعود لديها حجة لرفض اي عمل.
هل تفسر الخلطة الجديدة في تركيبة «الجذور»؟
يكمن السر في تركيبة الكاتبة كلوديا مرشليان التي اشتغلت على التفاصيل. فالقصة تدور حول عائلة متجانسة في الظاهر لكن كل فرد فيها يعاني مشكلة نتيجة عقدة معينة. وتسعى الكاتبة إلى حلها من خلال العودة الى الجذور لتنتهي في إصلاحها في نهاية القصة. والمسلسل من 60 حلقة يبدأ عرضه قبل شهر رمضان لتبدأ الحلقة 30 في اليوم الأول منه. وهذه السياسة الذكية قد تكون أيضاً بمثابة حل للفراغ الذي يسيطر على الشاشات في انتظار برامج ومسلسلات شهر رمضان. وسيعرض هذا المسلسل على شاشتي «الحياة» المصرية والـ «إل بي سي» اللبنانية.
هل تؤيد فكرة حصرية الممثلين المتداولة في شركات الإنتاج اليوم؟
أنا ضد الحصرية لأنها بمثابة القفص الذي يحتجز الفنان ويحرمه من خيارات وفرص عمل عدة، وقد لا تأتي. لكن الحرية أجمل.

على خشبة مسرح
أدوارك المسرحية طبعتك في إطار المسرح الغنائي، سواء في «آخر يوم»، أو «زنوبيا»، أو «صاحب الغبطة والسلطان»؟
صحيح ولا أجد نفسي إلا على خشبة مسرح غنائي لأنني أطلق العنان للفنان الذي يعيش في داخلي. هذا لا يعني أنني أستخف بالمسرح العادي أو البوهيمي لكنني افضل مشاهدة هذا النوع من الأعمال من دون أن اشارك فيها.
ما دمت تعشق الفن ولديك شهادة من الفنان أسامة الرحباني بجدارتك الغنائية فماذا يمنعك من إصدار أغنيات خاصة بك؟
أنا مرتاح حيث انا. وأعترف بأنني لا أملك الجرأة للوقوف أمام جمهور والغناء علماً بأنني أؤدي أدواراً أصعب على المسرح أو في التمثيل. لذلك اكتفي بالمسرح الغنائي ووضع صوتي على جينيريك المسلسلات وتأليف الموسيقى.
ماذا تعلمت من مشوار التمثيل مع شقيقتك ورد الخال؟
تعلمت منها الإلتزام والتحضير والقلق وعدم المساومة. أما الدرس الأهم الذي يرافقني فهو التحرر من الحالة التي اكون فيها لحظة الوقوف أمام الكاميرا. وهذه قوة ورد وما أنا عليه اليوم.
ما مدى انعكاس التحولات الحاصلة في العالم العربي على الإنتاج الفني؟
التحول الذي حصل لا يبشر بالخير لأننا انتقلنا من ديكتاتورية الأنظمة إلى ديكتاتورية الدين. وأخشى على مستقبل الفن في ظل أنظمة متشددة تفترض أن الفن يتعارض مع الأخلاق والقيم  في حين أن الصلاة فن.

ج. ن

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق