افتتاحية

هدايا ترامب العشوائية الى نتانياهو

يبدو ان الرئيس الاميركي رونالد ترامب يقود حملة رئيس وزراء اسرائيل بنيامين نتانياهو الانتخابية، فبدأ منذ مدة يغدق العطايا عليه، على امل ان يجمل صورته، بعدما وجهت اليه تهم عدة بالفساد، ويمكّنه من الفوز باكبر عدد من النواب، يستطيع بعدها ان يشكل الحكومة التي يريد، دون ان يقع تحت ضغط الاطراف الاخرى وخصوصاً اليمين المتصلب الذي لا يقل عن نتانياهو ارهاباً ودموية.
ولكن هل ان ترامب بهذا الكرم والسخاء، وهل انه يوزع الهدايا من حسابه الخاص؟ بالطبع لا، لقد نصب نفسه قيماً على الاراضي العربية يمنحها لصديقه ساعة يشاء. فبدأ بتقديم القدس، هذه المدينة المقدسة التي هي ملك العالم كله، بما تحتوي عليه من رموز تعود الى مختلف الاديان، متجاوزاً بذلك قرارات الامم المتحدة، التي رفضت ضم القدس الى اسرائيل، واكد على هذا الرفض العالم كله. انتظر ترامب فترة اشهر، ولما ادرك ان ردود الفعل الدولية لم تكن على مستوى الجريمة، عمد الى الاعتراف بسيادة اسرائيل على الجولان، وهي ارض سورية محتلة، رفض العالم كله ايضاً هذه المرة ضمها الى اسرائيل. والخوف الان من ان يستغل ترامب هذا التخاذل الدولي فيعمد الى اقتطاع الضفة الغربية في فلسطين ومزارع شبعا في الجنوب اللبناني ويمنحهما لصديقه بيبي.
اليس هذا التصرف من قبل الرئيس الاميركي بمثابة رشوة انتخابية لدعم حملة نتانياهو الانتخابية؟ ثم من اعطى الرئيس الاميركي صكوك الاراضي العربية ليهبها لمن يشاء، ومن نصبه قيماً على المنطقة باسرها. صحيح ان هدايا ترامب هي بمثابة رشوة ولكنها ليست بدون حساب، كما يعتقد الراشي والمرتشي، بل ان العالم سيحاكمهما على فعلتهما. وكان واضحاً الامين العام للامم المتحدة الذي اعتبر ان الجولان باق ارضاً عربية محتلة ويجب ان تعود الى اصحابها. ثم ان جلسة مجلس الامن التي عقدت من اجل الجولان، كشفت الحقيقة اذ لم يجد ترامب صوتاً واحداً يقف الى جانبه ويؤيده في قراره الخاطىء والمتسرع. فوجد نفسه في عزلة تامة.
لقد اعتاد ترامب على اتخاذ قرارات عشوائية، عاد عن بعضها واستمر في تصلبه بالنسبة الى البعض الآخر. وهذا يدل على العشوائية التي يتخذ بها قراراته.
هذا التأييد اللامحدود لنتانياهو يجعله يضرب بالقوانين الدولية والاتفاقات عرض الحائط، ويقبل منها ما يخدم مصلحة اسرائيل ويطرح الباقي. الا يدري الرئيس الاميركي انه بذلك يؤسس الى حرب تدمر المنطقة وتنعكس سلباً على السلام العالمي؟ هل هذا ما يخطط له؟
ترامب لا يملك اي حق في تشريع الاحتلال والتصرف باراضي الغير. فكيف يقبل بما جنت يداه في القدس والجولان، ويرفض بالمقابل ضم روسيا للقرم بعد اسقاط ملكية اوكرانيا عنها؟ انه التناقض بعينه. فمن يحاسب؟ كان الاولى بان تكون للامم المتحدة سلطة الوقوف بوجه هكذا سياسات خاطئة وتمنعها ولو بالقوة. ولكن جبابرة العالم الذين يهيمنون على المنظمة الدولية سنوا قوانينها وفق مصالحهم. فمنحوا انفسهم سلطة «الفيتو» التي تمكنهم في اي لحظة من تعطيل اي قرار لا يتناسب مع سياستهم. وسيبقى العالم خاضعاً لشريعة الغاب، القوي فيه يأكل الضعيف، الى ان يجلس الكبار حول طاولة مستديرة ويعدلوا نظام مجلس الامن، فيلغوا «الفيتو» ليصبح الجميع متساوين امام القانون.
اخيراً اننا نسأل ترامب لو ان عصابة اقدمت على احتلال نيويورك وقام في العالم من يعترف بهذا الاحتلال وينادي بنيويورك منحة للمعتدي، فماذا كان يفعل الرئيس الاميركي؟ لو فكر قليلاً لما وصل الى هذه القرارات الخاطئة ولكن عرفت عنه عشوائيته. فوقانا الله شر التسرع والتأييد الاعمى للخطأ.

«الاسبوع العربي»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً

إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق