أبرز الأخبارلبنان

ماذا بعد مواجهات عبرا؟ وهل تواصل الدولة استرجاع هيبتها؟

تجاوز لبنان اختباراً أمنياً – سياسياً مأسوياً، وان بكلفة باهظة، تمثّل في الاجهاز على واحدة من الظواهر الخطرة التي نمت من خلف ظهر سلطة الدولة، وفي أحشاء الاحتقان الناجم عن تداعيات الأزمة السورية، وبسبب سياسة عدم التوازن في مقاربة مسائل مثل تطبيق القانون واحتكار السلاح والمشاريع الفئوية التي تستقوي على الشرعية ووحدتها وهيبتها ومؤسساتها.

كالعادة كان الجيش، المؤسسة الوطنية الضامنة للإستقرار، على هشاشته، وللوحدة على شروخها، في المرصاد حين تجرّأت ظاهرة إمام مسجد بلال بن رباح الشيخ احمد الاسير، على السلم الاهلي ومعه على الدولة، بإستهداف المؤسسة العسكرية وبأسلوب غادر، فكان القرار الحازم بإنهاء هذه «الحال الخطرة» واستئصالها وتفكيك معقلها، الامر الذي نجح الجيش في تحقيقه خلال 24 ساعة.
وإذ يذكّر مصير الاسير، الذي تحول لغزاً شبيهاً بمصير زعيم حركة «فتح الاسلام» الارهابية شاكر العبسي، بحرب المئة يوم التي خاضها الجيش اللبناني في العام 2007 في مخيم نهر البارد لـ «وأد» مخطط جهنمي في حينه، فإن معركة الـ 24 ساعة في عبرا على تخوم مدينة صيدا، ربما كانت اكثر اهمية كونها اول مواجهة يخوضها الجيش اللبناني بعد إنفجار الصراع في سوريا ومع واحدة من إرتدادات ما يجري هناك.
والاكثر إثارة في تلك المواجهة التي إستشهد فيها نحو 20 ضابطاً وعسكرياً من الجيش اللبناني انها بدت كـ «عملية جراحية» في الامن والسياسة خاضها الجيش ببراعة مكّنته من الحد من الخسائر البشرية في صفوف المدنيين، ومن الحد من الخسائر السياسية في البلاد، خصوصاً في ضوء التغطية التي حظي بها من المرجعيات السياسية، تماماً كما من المسؤولين في الدولة، الامر الذي حوّل التحدي الامني الخطير إنتصاراً للدولة ومنطقها وللجيش وهيبته.
ولم يكن الجيش انتهى من «تنظيف» المربع الامني للأسير في عبرا، والذي وُصف بـ «القلعة» لشدّة تحصيناته، حتى سارعت الدوائر المراقبة الى معاينة ما حدث في «الميني نهر البارد» والخروج بـ «عبر» وخلاصات في ظل الصدمة الموجعة التي احدثها هذا التطور الخ
طر في لحظة إستمرار المراوحة «القاتلة» في عملية تفكيك الازمات اللاهبة، كتورط «حزب الله» في الحرب في سوريا واستمرار تعطيل قيام حكومة جديدة، وتلويح مَن بيدهم «الحل والربط» بالفراغ الزاحف الى رأس الدولة ورأس الجيش.

اسير بلا أثر
… ماذا
بعد طيّ صفحة أحمد الأسير؟ وماذا عن «الحال» الأسيرية التي عبّرت عنها ظاهرة هذا الشيخ الذي لمع نجمه في صيدا حين رفع راية مناهضة لـ «حزب الله»؟ وهل «اجتثاث» هذه الظاهرة بالقوة بعد مواجهات عبرا هو «خط النهاية» لمرحلة امتدت نحو عامين شغل خلالها إمام مسجد بلال بن رباح المسرح السياسي والأمني، ام بداية مرحلة من تأجّج الاحتقان في لبنان الذي يعاني «انشطاراً» سياسياً ومذهبياً؟
هذه الا
سئلة تدافعت مع تصاعُد دخان حسم الجيش اللبناني المعركة التي خاضها مع الاسير ومناصريه، ونجاحه بعد مواجهات ضارية في إسقاط المربع الامني الذي كان يتحصّن فيه، وسط غموض كان لا يزال يلف مصير الاسير، وتقارير رجّحت ان يكون فرّ عبر نفق ارضي الى احد المباني قبل الانسحاب مع مجموعة من مرافقيه، وبينهم الفنان المعتزل فضل شاكر، ربما الى مخيم عين الحلوة القريب.
ولم يكن مشهد الجيش اللبناني لحظة دخوله مجمع الاسير و«مربعه الامني» والابنية المجاورة كافياً
لسكب «مياه باردة» على الوضع اللبناني الذي عاش هاجس فتح جبهات جديدة رداً على «سقوط الأسير»، وهو ما كانت اشارت اليه حركة قطع الطرق احتجاجاً، والتي تمددت في اكثر من منطقة وصولاً الى بيروت، اضافة الى «الغليان» الذي عرفته عاصمة الشمال التي بدت على قاب قوسين من الانفجار، ولا سيما مع اعلان رئيس هيئة العلماء المسلمين في طرابلس الشيخ سالم الرافعي بعد فشل الوساطة التي اضطلع بها و«الجماعة الاسلامية» مع قيادة الجيش يوم «الاحد الاسود»، في محاولة للقاء الأسير وتسليم قتلة العسكريين الذين قضوا على حاجز للجيش، «اننا لن نتدخل بعد اليوم لضبط الشارع ولتتحمل الدولة مسؤولية تآمر بعض عناصرها مع «حزب الله»، ولن نتواصل مع احد بعد اليوم في طرابلس لضبط الامور».
ورغم ضرب الجيش مجموعة الأسير في نحو 24 ساعة، فان تشظيات المواجهات التي سقط فيها نحو 40 من عناصر امام مسجد بلال بن رباح بدت كبيرة  ولا سيما انها «تطايرت» في لحظة لبنانية بالغة التأزيم سياسياً وأمنياً وزاد من «حماوتها» الانقسام العمودي والافقي حيال الأزمة السورية وسلاح «حزب الله» الذي جاهر بأنه يقاتل في سوريا دعماً لنظام الرئيس بشار الاسد.
ومع «
إطفاء» ظاهرة الأسير، لم تتبدّد الهواجس من ان يكون لبنان دخل نفقاً مظلماً عبر بوابة الجنوب التي كانت انطلقت منها الشرارة الاولى للحرب الاهلية العام 1975 باغتيال معروف سعد في 26 شباط (فبراير) من العام نفسه، ولا سيما ان التوترات المترامية من طرابلس الى بعض مناطق البقاع الغربي والشمالي وبعض أحياء العاصمة عكست انهياراً متزايداً لحال الاستقرار الهش رغم ان سرعة حسم المواجهة مع إمام مسجد بلال بن رباح قللت من مخاطر تمدّد المواجهات.

سؤالان
وفي اول يوم بلا اي اثر للأسير، حين كان الجيش اللبناني يلملم جراحه مع أبناء بلدة عبرا في صيدا بعد الاشتباك الدامي، انشغلت القوى السياسية والامنية اللبنانية في البحث عن اجابة عن سؤالين: كيف تمكّن إمام مسجد بلال بن رباح من الفرار رغم كثافة النيران والحصار العسكري ومعه أسرته والحلقة الضيقة من حوله؟ وهل سيتحوّل «إختفاء» الاسير لغزاً تتكّرر معه تجربة نهر البارد صيف العام 2007 حين قاتل تنظيم «فتح الاسلام» الارهابي الجيش اللبناني وتمكن زعيمه العبسي من الفرار قبيل حسم المعركة التي دامت مئة يوم وكبّدت الجيش الكثير من التضحيات والدماء؟
  مَن دخل الى مربع الاسير بعدما وضع الجيش يده على المنطقة وصف ما جرى بانه «ميني نهر بارد»، في اشارة الى حجم المواجهة التي دارت بين الجيش اللبناني والشيخ الاسير في بلدة عبرا، لناحية كثافة النيران وحجم الخسائر، حتى ان البعض ذهب الى القول ان مقاتلين من جنسيات مختلفة حاربوا الى جانب الاسير، ولديهم خبرات عسكرية وتكتيكية على طريق «جبهة النصرة» لجهة الاستعداد والمستشفى الميداني والتجهيزات وتوزيع المقاتلين ومدّهم بالذخائر والطعام وسواها. وكان لسان حال الجميع الذين جاءوا الى المربع المهجور يقول: اين الاسير وكيف تمكّن من الفرار مع مجموعة كبيرة من معاونيه؟!
الروايات والتفاصيل تضاربت حول طريقة فرار الاسير والمكان الذي لجأ اليه ومنه مخيم عين الحلوة في صيدا حيث اكدت المعلومات في اليومين اللاحقيْن عدم صحتها، انطلاقاً من ان الجيش اللبناني يحكم سيطرته على مداخل المخيم ويضع كاميرات المراقبة وتالياً لا يمكن ان يكون إمام مسجد بلال بن رباح عبر خلال الاشتباك لان الجيش بالاساس شدد من اجراءاته الامنية وكان يدقق في بطاقات العابرين منعاً لخروج شباب مناصرين للاسير لمساندته في القتال، وبالتالي فان رواية لجوئه الى المخيم لم تتقاطع مع اي معلومات امنية او فلسطينية، وبقيت مجرد تكهنات اعلامية.
وهكذا بقي الاحتمال الآخر، وفق الترجيحات الاولية ان يكون الأسير توجه الى منطقة اخرى يجد فيها الاحتضان الكافي والحماية اللازمة اي منطقة سنية بامتياز، ما يشير الى منطقة طرابلس كمحطة اولية ومنها قد يتوجّه الى سوريا كما تردّد، علماً بأن الجيش اللبناني كان قد رصد مكالمة له عبر جهاز اللاسلكي فجر 24 حزيران (يونيو) اي قبل ساعات من حسم المعركة، واتصالاً هاتفياً في منطقة صيدا بقيت تفاصيله غامضة، في وقت وُضعت الكثير من الخطوط تحت المراقبة لتعقبه ومعرفة مكانه وصولاً الى القاء القبض عليه وعلى مجموعته.

قلعة امنية
وثمة تقارير تحدثت عن انه بعد انقشاع غبار الاشتباك في عبرا ظهرت معالم معركة حامية الوطيس استُخدمت فيها جميع انواع الاسلحة الخفيفة والمتوسطة والثقيلة، واسفرت عن نحو 20 شهيداً للجيش اللبناني واكثر من 100 جريح، وعن مقتل نحو 40 من مسلحي الاسير و50 جريحاً والقاء القبض على أكثرمن 40، والاشتباه بـ 20 آخرين يجري التحقيق معهم، بينما كشفت مصادر امنية ان مربع الاسير كان محصناً جيداً وبمثابة «قلعة امنية» اذ عثر الجيش اللبناني فيه على كميات كبيرة من الأسلحة والمتفجرات ومنها مدافع هاون عيار 120 ملم مع القذائف ومواد «تي. أن. تي» الخطيرة التي تستخدم في اعداد العبوات الناسفة، وأسلحة رشاشة وذخائر إضافة إلى عدد من الجثث، وبعضها متفحمة بشكل كامل، وصناديق جرى تفخيخها.
وكان طبيعياً ان تتحول عاصمة الجنوب قبلة المسؤولين غداة الاجهاز على الحالة الاسيرية، اذ تفقد قائد الجيش العماد جان قهوجي الوحدات العسكرية المنتشرة فيها وفي عبرا وترأس وزير الداخلية والبلديات مروان شربل اجتماعاً لمجلس الامن الفرعي في الجنوب، في سراي صيدا الحكومي، وتفقد مربع الاسير الامني الذي زاره ايضاً الرئيس فؤاد السنيورة، وكلف القاضي العسكري صقر صقر مخابرات الجيش اجراء التحقيقات الأولية مع 40 الى 60 موقوفاً.

عبرا والعبر
ولم تكن النتيجة الوحيدة للمواجهة التي خاضها الجيش اللبناني الاجهاز على ظاهرة الاسير وتفكيك مربعه الامني، بل شكل هذا الانجاز رافعة لحالة تضامنية مع الجيش، على المستويين السياسي والشعبي ربما تؤسس لصحوة ما، يمكن ان تفيد منها الدولة التي تعاني نهشاً لسلطتها وتهشيماً لهيبتها بفعل ازدواجية السلاح والسلطة والقرار الاستراتيجي، مما جعلها اشبه بـ «دولة معلقة» يحوطها خطر الانزلاق الى مستوى «الدولة الفاشلة».
إجتماعات في القصر الجمهوري وفي السرايا وبيانات دعم للجيش وموجات عارمة إستنكاراً للتجرؤ عليه، واكبت عملية الاجهاز على الاسير وجماعته، وهو ما توجه به الزعيم السني الابرز، رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، الذي رد على «من يحاولون استغلال المواقف أو النعرات الطائفية»، مؤكداً: «سنبقى نقف مع الجيش اللبناني، مهما قالوا وحاولوا، وسيبقى مشروعنا الدولة، وهذه الطريق لا يحاولن أحد إزاحتنا عنها، وسنبقى حازمين في هذا الاتجاه»، ومعلناً في اشارة ضمنية الى «حزب الله»، تبقى المشكلة الأساسية في لبنان هي مشكلة السلاح، فلولا وجود سلاح بيد فلان أو فلان لما وصلنا إلى هنا».
واذ اشار الى «أن الاستفزازات التي يقوم بها «حزب الله» سواء في صيدا أو في بيروت أو في كل لبنان أو حتى في سوريا تُخرج المرء من جلده»، تدارك: «لكن هذا لا يعني الا نسير بمشروع الدولة»، مضيفاً:«الجيش دفع ثمناً كبيراً وقد آن الأوان للتمديد لقائد الجيش، وهناك قانون في مجلس النواب بهذا الشأن. لذلك علينا إقراره، ويجب أن ننتهي من هذه المسألة لأن الفراغ في قيادة الجيش أمر لا يجوز».
الموقف الحازم لسعد الحريري جاء بعيد ساعات من «نداء الاستغاثة» الذي وجّهته النائبة بهية الحريري من دارتها في مجدليون (صيدا)  ليل الاحد 23 حزيران (يونيو) حين أعلنت فيه: «انا محاصَرة، والمسلحون من حولي من كل الجهات»، قبل ان تكشف ان عناصر «سرايا المقاومة» التابعة لـ «حزب الله» هم الذين «طوّقوا منزل العائلة وعمدوا الى إطلاق النار على منزلي بعدما احتلوا تلة مار الياس المتاخمة للمنزل واستخدموا مدفعية الهاون في القصف (على عبرا) ولم ينسحبوا الا غروب الاثنين»، معلنة «نحن لا نطالب بسحب سلاح المقاومة لأن هذا الموضوع هو محل نقاش على مساحة الوطن ولا يُحل في صيدا فقط، أما ما يسمى بسرايا المقاومة الذين هم مجموعة من الخارجين على القانون و«محبحبين» وبحقهم مذكرات توقيف، فلا يجوز أن تلوّث المقاومة نفسها بهؤلاء الاشخاص، وتوزيع العناوين يميناً ويساراً ليس من مصلحة المقاومة».
ويُذكر ان النائب جنبلاط كان اول مَن كشف عن محاصرة دارة آل الحريري في صيدا اذ اشار الى «وضع محرج وصعب تعيشه السيدة الحريري»، مستذكراً حصاره والرئيس سعد الحريري، في دارتيهما في السابع من ايار (مايو) 2008 من قبل مقاتلي «حزب الله».

الاعتداء على دارة الحريري
تَرافق كلام النائبة الحريري التي وزّع مكتبها الاعلامي صوراً تظهر «آثار الرصاص من العيار الثقيل» الذي تعرضت له دارتها في مجدليون، مع  تطورين هما:
– تأكيد الجماعة الاسلامية «وجوب استكمال الجيش اجراءاته لانهاء الحالات المسلحة خارج إطار الدولة والمتمثلة بما يسمى «سرايا المقاومة» كأبرز ظاهرة تقض مضاجع الآمنين وتهدد السلم الأهلي والتي كانت سبباً أساسياً في ما آلت إليه الأمور في صيدا»، مشددة على «رفض ممارسات «حزب الله» في دهم بعض الشقق السكنية، ومحاولة استثمار ما جرى لكسر معنويات أهل صيدا وعموم الساحة اللبنانية».
– نعي «حزب الله»  «القائد الحاج ساجد البيروتي» (من بلدة جبشيت) الذي قضى بحسب بيان النعي «أثناء قيامه بواجبه الجهادي»، و«المجاهد إبرهيم حسن عساف (أبو علي) من بلدة كفرحتى»، كما تم نعي «الشهيد القائد محمد صالح من (حارة صيدا) الذي قضى أثناء قيامه بواجبه الجهادي».
وكانت تقارير اشارت الى ان الثلاثة هم بين اربعة من «حزب الله» قضوا في اشتباكات صيدا.
ومجمل هذه الوقائع تضافرت لتضع الدولة ككلّ امام تحدي «الأمن بالتساوي»، ولا سيما ان طريقة التعاطي الجذرية مع الحالة الاسيرية افقدت «حزب الله»، بحسب دوائر مراقبة، الذريعة للإبقاء على مربعه في حارة صيدا، كما ان الدولة لم تعد تملك ايّ ذريعة لعدم الطلب من الحزب إنهاء هذه الحالة التي كانت اصلاً الذريعة التي استولدت حالة الاسير.
وكان بارزاً في هذا السياق ايضاً البيان الذي صدر عن اجتماع رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي ورئيس الوزراء المكلف تمام سلام ورؤساء الحكومة السابقين غداة «الاحد الاسود» في صيدا والذي دعم الجيش واكد التمسك بالدولة ومؤسساتها، رافضاً «المحاولات المتكررة والفاشلة لوضع الجيش في مواجهة المسلمين السنّة وتصويرهم بانهم جماعة متطرفة رافضة للدولة»، مشدداً في المقابل على «تطبيق القانون على جميع اللبنانيين بالتساوي» وداعياً الى وضع خطة أمنية لصيدا تمنع كل المظاهر المسلحة «وتطاول كل المربعات الامنية والشقق الامنية المسلحة» في اشارة ضمنية الى الشقق التابعة لـ «حزب الله».


مبادرات وخطوات سياسية
لم يكد غبار معركة عبرا ان ينقشع حتى بدأت الاوساط السياسية على اختلافها ترصد مرحلة ما بعد «سقوط الأسير» لتبيان ما اذا كان ممكناً إطلاق مبادرات وخطوات سياسية تغطي الاحتواء الامني لمنع حصول المزيد من المضاعفات والتطورات الامنية ولا سيما ان انهاء حالة الاسير لم يخمد المخاوف المتعاظمة من المزيد من الاضطرابات ما لم تحصل صدمة سياسية ايجابية في البلاد توقف مسار التدهور.
وفي هذا الاطار انطلقت جهود كبيرة من اجل دفع المساعي الآيلة الى تشكيل الحكومة الجديدة قدماً وخصوصاً ان الرئيس سلام أفضى برغبته في اعلان تشكيلته الحكومية في غضون اسبوع الى كل من الرئيس نبيه بري ورؤساء الحكومات السابقين في اجتماعهم في السرايا وسط معلومات عن ان بري وعد سلام بالدفع نحو استعجال التأليف من دون التزام اي تغيير جوهري مسبق في موقف قوى 8 آذار المتمسك بالثلث المعطل، كما ان النائب جنبلاط أوفد الوزير وائل ابو فاعور الى السعودية للبحث مع الرئيس سعد الحريري ومسؤولين سعوديين في الملف الحكومي.
وأعربت اوساط معنية عن اعتقادها بأن أحداث صيدا، التي أثارت مخاوف دولية كبيرة على الاستقرار اللبناني واستدعت تجديد الخارجية الأميركية تحذير مواطنيها من السفر الى لبنان، يفترض ان تحرك مساعي خارجية وإقليمية داعمة لتشكيل الحكومة بأقرب وقت باعتبار ان هذه الخطوة ستضع لبنان على الاقل على سكة مرحلة انتقالية و«ستاتيكو» يجمد الانزلاق الى زعزعة استقراره وتهديده بخطر الفتنة المذهبية.
وكان لافتاً غداة انتهاء أحداث صيدا الاجتماع الموسّع لقوى 14 آذار في دارة الرئيس سعد الحريري في وسط بيروت والذي خلص الى «تأكيد التمسك بالدولة ومؤسساتها السياسية والعسكرية، ولا سيما الجيش اللبناني، لما تقوم به في الدفاع عن لبنان وعن أمن وأمان اللبنانيين إزاء المخاطر المحدقة بهم».
واذ تناولت هذه القوى في اجتماعها «المخاطر التي تمر بلبنان وتلك التي يتعرض لها المجتمع اللبناني والدولة اللبنانية من تفتيت واختراقات»، لفتت الى «الضرورة القصوى لإنجاز تأليف الحكومة العتيدة، والتي نعتقد بأنها قادرة على الالتزام بمذكرة قوى 14 آذار التي رفعناها الى رئيس الجمهورية ميشال سليمان (حول تورط «حزب الله» بالازمة السورية) وبإعلان بعبدا، وأن تنجح في استعادة الثقة بالاقتصاد اللبناني بما يؤدي إلى تحسين الظروف المعيشية والحياتية للبنانيين».

فؤاد اليوسف

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق