الأسبوع الثقافيرئيسي

سلطنة عمان: «خطوة مهمة» لحفظ التراث من الاندثار

دشنت وزارة التراث والثقافة في سلطنة عمان خمس دراسات توثيقية متكاملة لخمس حارات عمانية قديمة في مختلف محافظات السلطنة. وصدرت النسخة الإنكليزية أولاً من الدراسات الخمس، فيما قطعت الترجمة إلى اللغة العربية شوطاً طويلاً مع وصولها إلى المراجعات النهائية. وتشكل حارات: السيباني بنيابة بركة الموز، وحارة اليمن بولاية إزكي، وحارة فنجاء أو كما يعرفها السكان هناك حارة حجرة فنجاء بولاية بدبد، وحارة السليف بولاية عبري، وحارة العقر بولاية بهلا الدفعة الأولى من مشروع كبير تتبناه السلطنة لحصر وتوثيق وحماية تجمعات المباني التاريخية.
وعقد السيد سالم بن محمد المحروقي وكيل وزارة التراث والثقافة للتراث مؤتمراً صحفياً كشف فيه بعض تفاصيل المرحلة الثانية من المشروع والمتمثلة في توثيق الحارات بعد أن كان الجزء الأول من المشروع استكمل حصر وتسجيل اكثر من 1100 حارة في مختلف محافظات السلطنة أغلبها في المنطقة الداخلية.

حماية الاثار
وأكد المحروقي ان الهدف الرئيسي من المشروع الذي يشكل أهمية كبيرة للوزارة هو حماية وتوثيق الموروث العماني قبل مرحلة الاندثار. إلا أن المحروقي قال إن الوزارة لن تتمكن من ترميم كل الحارات في السلطنة نظراً لكثرتها وصعوبة إعادتها إلى الحياة مرة أخرى. مشيراً إلى ارتفاع تكلفة ترميم مثل هذه الحارات وإلى كونها ما تزال ممتلكات خاصة. وقال ان حارة «البلاد» كلف ترميمها حتى الآن قرابة أربعة ملايين ريال عماني. وقال المحروقي إن الوزارة رصدت الكثير من الممارسات «المؤسفة» في حارات كثيرة في السلطنة تحولت إلى مكان تستوطنه الأيدي العاملة الوافدة وأحيانا مردما للنفايات. ورداً على سؤال حول آلية تدخل الوزارة في مثل هذه الحالة قال المحروقي ان هناك تشريعات تحمي هدم مثل هذه المباني وتنظم طرق ترميمها فيما لو أراد المواطن ترميمها بشكل شخصي، إلا أنه أكد أن الوزارة تدرس الآن استئجار هذه البيوت في الحارات بمبالغ مغرية مقارنة مع المبالغ المؤجرة بها الآن للأيدي العاملة الوافدة والتي تدور حول مبلغ «20» ريالاً فقط، إلا أن الوزارة على استعداد لدفع أضعاف هذا المبلع مقابل أن تحافظ على هذا التراث من العبث. وقال المحروقي في سياق رده على سؤال آخر إن الوزارة على استعداد لتقديم كل الدعم المادي والهندسي متى ما أراد المواطنون ترميم هذه البيوت والحارات.
وشملت الدراسات الخمس التي دشنتها الوزارة أمس مخططات دقيقة للحارات وفق آلية البناء الهندسي والدفاعي الذي يتمتع به المعمار العماني ويتشابه فيه إلى حد كبير، إلا أن الدراسات كشفت أيضا عن تباينات جوهرية بين مختلف الحارات سواء من حيث الهندسة العامة أو من حيث النقوش والتجهيزات الدفاعية التي تميز كل حارة عن الأخرى.
وقال المحروقي ان الدراسات الخمس هي التأصيل النظري للمعمار العماني وفيها مادة نظرية ثرية ومهمة للدارسين والباحثين في مجال الهندسة المعمارية العمانية والتي نتمنى أن تتسلل وتدخل ضمن نتاج المكاتب الهندسية المنتشرة في السلطنة للاستفادة منها، وكذلك تستفيد منها وزارتا الإسكان والبلديات الإقليمية وموارد المياه. وفي السياق نفسه أكد الوكيل انه تم الاتفاق مع جامعة السلطان قابوس لإضافة مقررين لطلاب الهندسة حول المعمار العماني تكون نواتهما الأساسية الدراسات الخمس المنجزة، مشيراً الى أن هذا المشروع في طريقه للتبلور وإن لم يطبق في الفصل المقبل فمن المنتظر أن يطبق مع بداية العام الدراسي المقبل.

بنية الحارات
وتكشف الدراسات عن بنية الحارات العمانية من حيث أشكالها الهندسية ومن حيث الاستحكامات الحربية ومن حيث موقع المسجد فيها والمدارس والسبلة العامة التي يجتمع فيها أبناء الحارة، وكذلك التوصيف الإنشائي لمكوناتها والسياق التاريخي الذي مرت به منذ الإنشاء وحتى مرحلة الهجرة، والخصائص المعمارية لكل حارة على حدة. وكذلك الجوانب الجمالية والتوزيع القبلي والسكاني فيها. وتتميز حارة السيباني بنيابة بركة الموز بطبوغرافيتها الجبلية وبوقوعها ضمن محيط فلج الخطمين المدرج في قائمة التراث العالمي، وحارة اليمن التي تتميز بتخطيطها المستطيل الشكل والطرق الواسعة والمتقاطعة، أما حارة فنجاء فلا تزال تحتفظ بمعالمها العامة ولا يزال الأهالي يمارسون تقليد «العزوة» في الأعياد، وحارة السليف بولاية عبري تتمتع بأهمية معمارية وتاريخية كبيرة وكذلك الحال بالنسبة الى حارة العقر بولاية بهلا فهي مدرجة في قائمة التراث العالمي ضمن مفردات واحة بهلا.
كما تحدث المحروقي عن المخاطر التي تمر بها الحارات العمانية والمتمثلة في التغيرات المناخية وسوء الاستخدام وكلها ناتجة في المقام الأول عن هجرة الناس عن هذه الحارات.
مشيراً في الوقت نفسه إلى أن هناك توجهات إلى إعادة الحياة في بعض هذه الحارات عن طريق تزويدها بمختلف الخدمات العامة وفتح مطاعم فيها على مستويات تجذب السياح والمواطنين المحليين، إضافة إلى الاشتغال على بعض البيوت التي لها مميزات ملحوظة وتحويلها إلى فنادق ومطاعم وبعضها إلى متاحف لتكون مركز جذب سياحي، وبث روح الحياة في هذه الحارات.
وفيما نقل المحروقي أمنية وزارة التراث رؤية حارة عمانية تعود إلى سابق عهدها دعا الشباب العماني إلى تكوين شركات ترميم مشيراً الى أنها مربحة جدا في ظل ندرة شركات الترميم العاملة في السلطنة، على أن الوزارة على استعداد تام للتعاون مع أي جهود هدفها ترميم أي مبنى أثري في السلطنة وحفظه من الاندثار.
واشار الى أن العمل جار على توثيق تسع حارات إضافية هي حارة المضيرب بولاية القابل وحارة الجيلة بنيابة طيوي وحارات الصواوفة وآل براشد بنيابة سناو وحارة سيجاء بولاية سمائل وحجرة مسلمات بولاية وادي المعاول وحارة الخبت بولاية الخابورة وحارة قصرى بولاية الرستاق، وذلك بالتعاون مع جامعة السلطان قابوس وجامعة نزوى وجامعة نوتنغهام ترنت البريطانية والتي سيتم الانتهاء منها في مطلع العام المقبلم.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق