رئيسيسياسة عربية

بعد قطيعة دامت 11 عاماً… السعودية تستأنف عمل بعثتها الدبلوماسية في سوريا

قالت وزارة الخارجية السعودية الثلاثاء، إن المملكة ستستأنف عمل بعثتها الدبلوماسية في سوريا، وذلك بعد قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين لأكثر من عشر سنوات، وبعد يومين من عودة سوريا لجامعة الدول العربية. وبدأت دول عربية، منها الإمارات، فتح صفحة جديدة مع دمشق، لتضع حداً لعزلة استمرت سنوات بسبب قمع الرئيس بشار الأسد للاحتجاجات في عام 2011 والحرب الأهلية التي تلت ذلك. وعارضت الولايات المتحدة، حليف السعودية، تحركات دول المنطقة لتطبيع العلاقات مع الأسد، مشيرة إلى وحشية حكومته خلال الصراع، والحاجة إلى إحراز تقدم نحو حل سياسي. كما تعارض بعض الدول العربية هذه التحركات.
قررت السعودية الثلاثاء استئناف عمل بعثتها الدبلوماسية في سوريا، بعد أكثر من عقد على إغلاق سفارتها في دمشق، إثر اندلاع النزاع الدامي في هذا البلد، حسبما أفادت وزارة الخارجية.
وقالت الوزارة في بيان نشرته وكالة الأنباء الحكومية «واس» إن الخطوة هذه أخذت «في الاعتبار» قرار مجلس وزراء خارجية الدول العربية الأسبوع الماضي، القاضي باستئناف مشاركة وفود سوريا في اجتماعات مجلس جامعة الدول العربية.
ولاحقاً، أكدت سوريا الخطوة. ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية سانا عن مصدر رسمي في وزارة الخارجية والمغتربين، قوله: «قررت الجمهورية العربية السورية استئناف عمل بعثتها الدبلوماسية في المملكة العربية السعودية».
وتستضيف الرياض في 19 أيار (مايو) «القمة العربية» الثانية والثلاثين.
وأوضحت الرياض أنه «انطلاقاً من روابط الأخوة التي تجمع شعبي المملكة العربية السعودية والجمهورية العربية السورية، وحرصاً على الإسهام في تطوير العمل العربي المشترك، وتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة (…) فقد قررت المملكة العربية السعودية استئناف عمل بعثتها الدبلوماسية في الجمهورية العربية السورية».
والأحد، قررت الجامعة العربية استئناف مشاركة وفود الحكومة السورية في اجتماعاتها، بعد أكثر من 11 عاماً على تعليق أنشطة دمشق، إثر احتجاجات تحولت نزاعاً دامياً قسم سوريا، وأتى على اقتصادها وبنيتها التحتية.
وانتهت بذلك عزلة دبلوماسية فرضتها دول عربية عدة منذ بداية النزاع في 2011 على الرئيس السوري بشار الأسد، الذي تتطلع حكومته اليوم إلى أموال إعادة الإعمار، رغم أن الطريق لا يزال طويلاً أمام تسوية سياسية في بلد مقسم، تتنوع القوى المسيطرة فيه.
وأودى النزاع المستمر بأكثر من نصف مليون شخص، وشرد أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها. وتحولت سوريا ساحة لتصفية حسابات بين قوى إقليمية ودولية.
وسرع الزلزال المدمر في سوريا وتركيا في شباط (فبراير) عملية استئناف دمشق علاقتها مع محيطها، مع تلقي الأسد سيل اتصالات ومساعدات من قادة دول عربية.

«دبلوماسية سعودية جديدة»

ورأى المحلل السعودي سليمان العقيلي في القرار استمراراً لنهج «الدبلوماسية السعودية الجديدة».
وقال لوكالة الأنباء الفرنسة إن الرياض تعمل على مشروع دبلوماسي يقوم على «الانفتاح على الجميع، وتصفير المشكلات، وإعادة هيكلة المنطقة»، استعداداً «للتعاون الاقتصادي والأمني». وأوضح أن السعودية تنكب على «مشروع اقتصادي ضخم يحتاج إلى تثبيت دعائم الاستقرار في المنطقة، وغطاء أمني، وتعاون مع الجيران»، وبينهم سوريا بالتأكيد.
في واشنطن، أكدت الولايات المتحدة وبريطانيا أنهما لا تزالان تعتقدان أنه لا يمكن تسيير الأمور في شكل طبيعي مع نظام الأسد.
وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في مؤتمر صحافي: «لا نعتقد أن سوريا تستحق إعادتها إلى الجامعة العربية. أوضحنا هذه النقطة لجميع شركائنا الإقليميين، لكن يتعين عليهم اتخاذ قراراتهم بأنفسهم».
وأضاف: «موقفنا واضح: لن نعمل على تطبيع العلاقات مع الأسد ومع ذلك النظام».
بدوره، قال وزير الخارجية البريطاني جيمس كليفرلي متحدثاً إلى جانب بلينكن، إن لندن «غير مرتاحة أبداً» لقرار الجامعة العربية.
وأضاف: «لا يمكننا فقط أن نتمنى التخلص من أفعال (ارتكبها) نظام الأسد خلال السنوات القليلة الماضية. لا يمكن تجاهل الوحشية ضد الشعب السوري… لكننا ندرك أن هناك قدراً هائلاً من الضغط على دول المنطقة».

«مزيد من الوحشية»

في 18 نيسان (أبريل)، التقى وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان الأسد خلال أول زيارة رسمية سعودية لدمشق منذ القطيعة. والشهر الماضي، أجرى وزير الخارجية السوري فيصل المقداد جولة على دول عربية، بينها مصر وتونس والأردن والجزائر والسعودية.
وكانت السعودية أعلنت في آذار (مارس) أنها تجري مع سوريا محادثات تتعلق باستئناف الخدمات القنصلية بين البلدين، بعد القطيعة التي بدأت بإغلاق السفارة في 2012.
وأعقبت المحادثات اتفاقاً بين الرياض وطهران، التي تدعم النظام السوري عسكرياً وسياسياً منذ بداية النزاع، على استئناف العلاقات الدبلوماسية، بعد قطيعة استمرت سبع سنوات بين القوتين الإقليميتين.
وزار الأسد في الآونة الأخيرة الإمارات وسلطنة عمان، علماً بأنه لم يزر أي دول عربية أخرى منذ بداية النزاع في بلده.
وصدر قرار إعادة دمشق إلى الجامعة العربية، والذي سبقته خلال الأسابيع الماضية مؤشرات انفتاح عربي على سوريا، قبل عشرة أيام من قمة عربية تعقد في السعودية في 19 أيار (مايو).
ولم تعلن دمشق ما إذا كان الأسد سيشارك في اجتماع الرياض. وكانت قمة سرت في ليبيا في 2010 آخر قمة حضرها.
وقررت الجامعة العربية، وفق بيانها، تشكيل لجنة وزارية لمواصلة «الحوار المباشر مع الحكومة السورية للتوصل لحل شامل للأزمة السورية» وانعكاساتها، وضمنها أزمات اللجوء و«الإرهاب»، وتهريب المخدرات الذي يعد أحد أكبر مصادر القلق بالنسبة إلى دول خليجية باتت سوقاً رئيسة لحبوب الكبتاغون المصنعة بشكل أساسي في سوريا.
في المقابل، اعتبر ممثلو ائتلاف المعارضة السورية المناهض لنظام الأسد في قطر، أن قرار الجامعة العربية استئناف مشاركة وفود الحكومة السورية في اجتماعاتها هو «ضوء أخضر لمزيد من الوحشية».
يذكر أن قطر، الداعمة للمعارضة السورية، أعلنت أنها لن تطبع العلاقات مع دمشق.

فرانس24/ أ ف ب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق