افتتاحية

هل انتم فاعلون؟ حتماً كلا

اجتاز لبنان الاسبوع الماضي قطوع 13 نيسان، قطوع التمديد للمجلس النيابي للمرة الثالثة على التوالي، وهو اشد تدميراً من 13 نيسان 1975 تاريخ الحرب اللبنانية التي قضت على الحجر ولكنها لم تستطع ان تقضي على البلد وكيانه، بدليل انها ما ان حطت رحالها حتى استعادت الدولة عافيتها رغم بعض العثرات. غير ان التمديد للمجلس النيابي للمرة الثالثة، رغم التحذيرات الدولية التي تريد للبنان خيراً، كان من شأنه ان ينهي الدولة والمؤسسات، ويدل على اي نوع هي الطبقة السياسية التي عجزت على مدى عقود من اقرار قانون انتخابي عادل يراعي مصلحة الشعب ومصلحة الوطن.
فما ان اقتربت المهلة المحددة لنهاية عمر هذا المجلس حتى هب المستميتون على بقاء المجلس الحالي الى التحرك. واقدم متعهد التمديد على تقديم مشروع قانون اعطاه صفة المعجل رغم علمه انه مخالف للدستور والقوانين، ويسيء الى البلد، ولا عجب في ذلك اذ انه اعتاد على هذه المسيرة من المرة السابقة. هذه العملية فرضت التمديد بنداً رئيساً على جدول اعمال الجلسة التشريعية التي حددها رئيس مجلس النواب ليوم الخميس الماضي، معللاً خطوته بأنها من اجل تلافي الفراغ، واستمرار عمل المؤسسات.
الناس يعلمون جيداً ان المجلس كان في حالة اشبه بالفراغ على مدى ولايته الرسمية والولاية الممددة. كما ان المجلس النيابي سبق ان اقفل اكثر من سنة ونصف السنة دون ان يرف جفن لاكثرية النواب بدليل سكوتهم عن هذه الحالة طوال تلك المدة. فماذا استجد لاشعال هذه الحرب بحجة تلافي الفراغ؟
منذ اشهر وبالتحديد منذ عودة مؤسسات الدولة الى العمل، بعد فراغ رئاسي تجاوز السنتين ونصف السنة، ونحن نسمع على لسان المسؤولين وهم يؤكدون، بان التمديد والفراغ ممنوعان، وانه سيتم وضع قانون جديد للانتخابات يراعي صحة التمثيل. وككل وعود السياسيين التي اعتاد عليها اللبنانيون سقط الوعد، وتغلب القرار اللادستوري على كل القرارات، وقرر النواب ان يمددوا مرة ثالثة لانفسهم، متجاوزين الارادة الشعبية الرافضة لهذه الخطوة. ولكي يخففوا من وطأة الجريمة قالوا ان التمديد سيتم لمدة سنة فقط، ولكن لا بد من التذكير انه في التمديد الاول عام 2013، قالوا انه لفترة سنة وخمسة اشهر، وما كادت المهلة تنتهي حتى سارعوا الى التمديد مجدداً لانفسهم لمدة سنتين وسبعة اشهر، واكملوا ولايتين، واحدة شرعية تمت بارادة الشعب، والثانية غير شرعية تمت بارادتهم غصباً عن الشعب، فمن كان سيمنع النواب مثلاً في نهاية السنة الممدة الا يمددوا مجدداً ثلاث سنوات جديدة وفق القاعدة المتبعة.
التمديد له قواعد واصول وشروط وفي طليعتها الظروف الاستثنائية، فاين هي هذه الظروف، والبلد في حالة طبيعية، بفضل القوى الامنية، وفي طليعتها الجيش اللبناني، التي استطاعت فرض الامن والاستقرار. فهل يوافق المجلس على التمديد لو حصل؟ اسئلة كثيرة تطرح اجاب عليها رئيس الجمهورية بالتشاور مع رئيسي المجلس النيابي والحكومة، ومنع التمديد لمدة شهر، على امل ان يعود النواب الى رشدهم ويغلبوا مصلحة البلاد والشعب على مصالحهم الخاصة. اما اذا استمروا في خلافاتهم فانهم عاجلاً ام آجلاً سيمثلون امام محكمة الشعب، الذي اذا تحرك فعل المعجزات. ولكن هذا الشعب عودنا على الخيبات، وهذا ما يشجع الممددين لانفسهم على السير بخططهم المخالفة للدستور. هذا الشعب الذي عندما يتحرك يبدأ بالقاء زجاجات المياه الفارغة على القوى الامنية، مع ان هذه القوى هي من الشعب ومغلوبة على امرها مثله ويلحقها من ظلم السياسيين ما يلحقه. لقد كان من الاجدر بهم ان يتوجهوا الى منازل النواب، اصل العلة والازمة ويحاسبوهم، ويفرضوا عليهم احترام القوانين، وخصوصاً الدستور. ان على قادة التحرك المدني ان يحسنوا وضع الخطط الناجعة والا فان كل تعبهم سيذهب سدى.
عندما تكون الامور لصالحهم ينادون بالميثاقية ويتغنون بها، ويهددون من يتجاوزها، وعندما تتغير المصالح تصبح ميثاقية المؤسسات، على حد قولهم، اهم من ميثاقية الطوائف. انهم يفصلون الامور وفق مصالحهم واهوائهم، فيما الفساد مستمر ينخر في جسم المواطن والوطن على حد سواء. احد النواب قال انه سيصوت للتمديد لانه لا يريد ان يشارك في اسقاط لبنان، ونسأله هل ان تجاهل ارادة الشعب واسقاط الدستور وتجاوز القوانين تحمي الوطن؟ كفاكم تبريرات مكشوفة لدى الرأي العام، وكفاكم استخفافاً بعقول الناس، فهم اعقل منكم واحرص على الوطن اكثر منكم، انتم الذين تقامرون بمصير الشعب والوطن.
ان التمديد ايها السادة موجه ضد العهد ويسيء اليه كثيراً، فهل يقبل الرئيس عون بعرقلة مسيرته وهو في بداية الطريق، اذا غداً وبعد انتهاء مهلة الشهر عادوا الى التمديد؟
قانون الانتخاب هو ككل القوانين، فلماذا اذا بقيت الخلافات، وتعذر اقراره، لا يلجأ المسؤولون الى التصويت، كما يحصل في كل دول العالم،ومن ينل الاكثرية يربح؟ ولينسوا قصة الظروف الاستثنائية. هل ان وجود طبقة سياسية غير اكفاء هو الذي اوحى بالظروف الاستثنائية،  هل هم الظروف الاستثنائية؟ فاذا كان الامر كذلك عليكم ان تسارعوا الى انهاء هذه الاستثناءات وتأتوا باناس اكفياء ينهون الظروف الاستثنائية فهل انتم فاعلون؟ حتماً كلا.

«الاسبوع العربي»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً

إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق