أبرز الأخباردوليات

الانفجار النووي الروسي: يعود بالذكرى الى حادثة تشيرنوبيل

دفن خمسة مهندسين نوويين روس قتلوا في انفجار محرك صاروخي في مدينة ساروف الواقعة على بعد 373 كيلومتراً إلى الشرق من مدينة موسكو، التي تضم مصنعا للرؤوس النووية الحربية الروسية.

وقالت وكالة الطاقة النووية الحكومية الروسية، روساتوم، إن الخبراء كانوا يختبرون محركاً صاروخياً نووياً، ولكنها لم تعط أي تفاصيل تقنية بشأن الحادث.
وكان الاختبار يجري قبالة منصة في المنطقة القطبية الشمالية، في ميدان اختبار بحري للتجارب العسكرية.
وسبق لروسيا أن اختبرت صاروخ كروز يعمل بالطاقة النووية يدعى «بوريفيستنيك».
بيد أن المسؤولين لم يحددوا النظام التقني الصاروخي المستخدم في تجربة الخميس التي انتهت بكارثة الانفجار.
وأعقب الانفجار وميض اشعاع نووي نحو أربعين دقيقة في مدينة سيفيرودفينسك الواقعة على بعد 40 كيلومترا إلى الشرق من ميدان التجربة في نيونوكاسا في البحر الأبيض.
وقال مسؤولون في سيفيرودفينسك إن الإشعاع في المدينة وصل إلى 2 مايكروسيفيرت في الساعة، ثم انخفض إلى المستوى ضمن المدى الطبيعي وهو 0.11 مايكروسيفيرت، وكلا المستويين يُعد صغيراً ولا يمكن أن يسبب أمراضاً من جراء الإشعاع.
وجرح ثلاثة مهندسين آخرين في الانفجار، وما زالوا يتلقون العلاج في المستشفى، بحسب روساتوم.
ويقول خبراء من روسيا والغرب إن من المرجح أن يكون الاختبار على صلة بصاروخ 9 أم 730 بوريفيستنيك، والذي يعني بالروسية «طائر النوء، وهو أحد أصغر الطيور البحرية».
وسبق للرئيس بوتين أن تحدث عن هذا الصاروخ في خطاب له أمام البرلمان الروسي في آذار (مارس) 2018، وقد وصف حلف الناتو الصاروخ بأنه نوع أس أس سي- إكس -9 سكايفول.
ويقول مارك غاليوتي، المحلل الروسي البارز والباحث في معهد «رويال يونايتد سيرفيسس» إن نظام الدفع النووي يمثل تحدياً تقنياً هائلاً.
وأضاف متحدثاً لبي بي سي: «ثمة قضية السرعة مقابل الوزن في هذا النظام، فضلاً عن خطر أن الصاروخ يخلف إشعاعا أينما ذهب».
وأوضح «هذه الأنظمة (الصاروخية) الجديدة لها أصولها من المرحلة السوفيتية، وقد أخرجت مشاريعها من فوق الرفوف ومنحت استثمارات جديدة».
وسيكون نظام الدفع النووي في صاروخ بوريفيستنيك، بحسب الرئيس الروسي بوتين، «غير محدود» المدى، بيد أن انفجار نيونوكاسا قد يشمل سلاحاً مختلفاً مثله قادراً على حمل الرؤوس النووية:
• نوع جديد من صواريخ كروز طويل المدى مضاد للسفن يدعى زيركون، يسير بسرعة تفوق سرعة الصوت، إذ يمكن أن يسير بسرعة تصل الى 8 مرات أسرع من الصوت، بحسب الجيش الروسي.
• نوع جديد من المركبات المسيرة تحت الماء تُطلق من غواصة وتدعى بوسيدون.

ماذا نعرف عن الانفجار؟
قال فالنتين كوستيوكوف، الموظف البارز في روساتوم، إن المهندسين الخمسة القتلى في الانفجار كانوا من «نخبة» الخبراء و«أبطالاً» خبروا المخاطر وأجروا تجارب سابقة مماثلة «تحت ظروف بالغة الصعوبة واستثنائية».
ويرأس كوستيوكوف مركز ساروف النووي، الذي يعد منشأة سرية من حقبة الحرب الباردة مسؤولة عن ترسانة القنابل الهيدروجينية الروسية.
وأعلن أسماء القتلى الخمسة وهم: أليكسي فويوشين (مصمم وخبير برمجيات) ويفجيني كوروتافيف (مهندس كهربائي بارز) وفياتشسلاف ليبشيف ( رئيس فريق التجارب العلمية) وسيرغي بيتشوغين (مهندس اختبارات) وفلاديسلاف يانوفيسكي (نائب رئيس وحدة التجارب العلمية).
وكانت وزارة الدفاع الروسية قالت في البداية إن الانفجار الذي وقع في الثامن من آب (أغسطس) شمل محرك صاروخ يعمل بالوقود السائل وقد أسفر عن مقتل شخصين، من دون تحديد أسماء الضحايا.
وفي وقت لاحق، قالت روساتوم إن الاختبار شمل «مصدر دفع يعمل بوقود من النظائر المشعة» وأجري في منصة بحرية.
وأضافت أن المهندسين أكملوا الاختبار لكن حريقاً مفاجئاً اندلع أدى إلى انفجار المحرك وقذف بالرجال في البحر.
وأفادت الإدارة المحلية في مدينة سيفيرودفينسك أن وميض إشعاع عم المدينة نحو 40 دقيقة، وأفادت تقارير أن سكانها هرعوا إلى الصيدليات لشراء حبوب اليود.
وتعطي حبوب اليود للحماية من اليود المشع، وكان ثمة طلب هائل عليها عند وقوع كارثة مفاعل تشيرنوبل عام 1986.
وقبيل إجراء التجربة، فرضت وزارة الدفاع منطقة حظر في خليج دفينا، في المنطقة البحرية الواقعة إلى الشمال من ميدان التجربة في نيونوكاسا. وظلت هذه المنطقة مغلقة أمام إبحار المدنيين حتى مطلع أيلول (سبتمبر).
وأفاد الموقع النرويجي المختص بأخبار منطقة القطب الشمالي، بارينتس أوبزرفر، أن سفينة الشحن النووية الروسية، سيريبريانكا، كانت داخل منطقة الحظر البحرية في التاسع من آب (أغسطس).
وثمة تكهنات أن السفينة قد ارسلت إلى هناك لرفع أي حطام ملوث إشعاعياً من موقع التجربة الفاشلة، وقد تكون مستمرة في مهمتها حتى الآن.
وقد تكون المنطقة المغلقة إجراءً احتياطياً لمنع تسرب وقود الصاروخ السام إلى المياه التي يمارس فيها المدنيون الصيد.

هل يمثل الصاروخ المسير نووياً تحولاً كبيراً؟
وقال مارك غاليوتي «ثمة الكثير من الشك بشأن إمكانية أن يرى (صاروخ) بوريفيستنيك النور».
وأشار إلى أن صاروخاً حديثاً آخر يدعى بولافا «فشلت تجارب له لسنوات عدة».
ويعد صاروخا زيركون وبوسيدون مشروعين أكثر تقدماً. ويتخذ بوسيدون شكل مركبة مسيرة عن بعد تسير تحت الماء ومازال في طور نموذجه الأولي.
بيد أن بوسيدون، مثل بوريفيستنيك، يبدو أنه سلاح «مدمر»، بحسب قول غاليوتي، وغير مناسب للاستخدام في أي شيء أقل من الحرب النووية الشاملة.
ووصفت صحيفة الحكومة الروسية روسيسكايا غازيتا الشهر الماضي بوريفيستنيك بأنه «سلاح انتقامي». وهذا الوصف سبق أن استخدمه النازيون لوصف الصواريخ التي اطلقت على بريطانيا في المراحل الأخيرة من الحرب العالمية الثانية.
وقالت الصحيفة إن بوريفيستنيك قادر على الطيران لفترة طويلة وتجنب الدفاعات الجوية، ويستهدف أي بنى تحتية حيوية تبقى في أعقاب ضرب الصواريخ البالستية العابرة للقارات لمنطقة تابعة للعدو.
وقال غاليوتي إنه مع الانهيار الأخير لمعاهدة القوى النووية متوسطة المدى، ستركز الولايات المتحدة أكثر على «تطوير ترسانة من الأسلحة متوسطة المدى، وهي شيء غير كاف في حالة الحرب الشاملة».
واضاف «إن الجيش الروسي يريد الحصول على هذه القدرة بسبب مخاوفه من الصين أيضاً».

مستوى اشعاع عالٍ
وأعلنت وكالة الأرصاد الجوية الروسية أن النشاط الإشعاعي في مدينة سفرودفينسك التي تبعد ثلاثين كيلومتراً عن قاعدة نيونوسكا التي وقع فيها انفجار الخميس بقاعدة تجارب الصواريخ، تجاوز 16 مرة المستوى المعتاد، من دون أن يشكل مع ذلك خطراً على الصحة.
وذكرت روسغيدرومت في بيان، أنه بعد الانفجار مباشرة، في الثامن من آب )أغسطس( 2019، سجلت ستة من أجهزة الاستشعار الثمانية الموجودة في مدينة سفرودفينسك، التي تبعد نحو ثلاثين كيلومتراً عن قاعدة نيونوسكا التي وقع فيها الانفجار، تجاوزات لقوة الإشعاع في وقتها بلغت أربع مرات إلى 16 مرة أعلى من المعتاد.
وكشف أحد أجهزة الاستشعار خصوصاً نسبة نشاط إشعاعي بلغت 1،78 مايكروسيفرت في الساعة، فيما الحد المسموح به هو 0,6 مايكروسيفرت في الساعة في روسيا، وان متوسط النشاط الإشعاعي الطبيعي في سفرودفينسك هو 0,11 مايكروسيفرت في الساعة.
وأوضحت روسغيدرومت أن مستويات النشاط الإشعاعي هذه قد انخفضت بسرعة وعادت إلى الوضع الطبيعي بعد الظهر.

لا وجود لأي خطورة صحية في الوقت الحالي
ويوم وقوع الحادث، كان المسؤول في الدفاع المدني المحلي، فالنتين ماغوميدوف، أعلن لوكالة الأنباء الروسية تاس، أن مستوى الإشعاع ارتفع إلى 2,0 مايكروسيفرت في الساعة لمدة ثلاثين دقيقة.
ولا تشكل هذه المعدلات أي مخاطر صحية، حيث تقدر منظمة الصحة العالمية، على سبيل المثال أن مخاطر السرطان يمكن أن تزداد اعتبارا من التعرض لـ 50،000 مايكروسيفرت، فينل يوصي المعهد الفرنسي للحماية من الإشعاع والسلامة النووية بإجلاء السكان ابتداء من 10،000 مايكروسيفرت.
وقد توفي خمسة موظفين في وكالة روساتوم النووية الروسية في هذا الانفجار. وذكرت الوكالة أنهم كانوا يعملون على «أسلحة جديدة» ويقدمون الدعم الهندسي والتقني لـ «مصدر الطاقة النظائرية» المستخدمة في محرك الصواريخ التي يجري تطويرها.

بي بي سي/فرانس24/ أ ف ب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق