سياسة لبنانية

«لقاء نصرالله – الحريري» لم يحن أوانه بعد

سئل الرئيس سعد الحريري على هامش جلسة انتخاب الرئيس التي حملت الرقم 37 عن إمكانية حصول لقاء قريب مع السيد حسن نصرالله، فأجاب: «قلت في مقابلتي أنني لست ضد، ما يهمنا أن ننتخب رئيس جمهورية ونفتح حواراً حقيقياً لنخرج البلد من المشاكل التي نعيشها والمخاطر التي نواجهها، لكن انتخاب رئيس بالنسبة إليّ أساسي»… وقبل ذلك سئل أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله في مقابلة تلفزيونية عن الموضوع نفسه فقال: «منذ عودة الرئيس الحريري الى لبنان شن هجوماً عنيفاً على حزب الله ولم يتوانَ إعلام تياره ومسؤولوه عن مهاجمة حزب الله… من يريد الجلوس مع الآخر لا يستمر في مهاجمته»… وأضاف نصرالله: «إذا تقدم الحوار ووصل الى مكان معيّن يحتاج استكماله الى لقاء بيني وبين الرئيس الحريري فلا مشكلة»…
من الواضح أن نصرالله والحريري مع «مبدأ اللقاء» ولكنهما ليسا متحمسين ولا جاهزين لحصوله الآن، ولدى كل طرف «شروطه» وتصوره لظروف اللقاء وتوقيته: السيد نصرالله يطلب وقفا شاملاً للنار السياسية التي يطلقها الحريري وتياره ضد حزب الله، وهو يطلب ذلك كمؤشر حسن نية أو كخطوة حد أدنى في مجال إعادة بناء الثقة المتصدعة رغم وجود حوار سياسي بين الحزبين… والرئيس الحريري يطرح مسألة رئاسة الجمهورية كأولوية ويفترض أو يشترط استعداد حزب الله للبحث في هذه المسألة وإبداء مرونة وحلحلة حيالها. وهو يطلب أن تصدر عن الحزب إشارات تدل على تغيير في موقفه الرئاسي أو استعدادا للتغيير والخروج من «مربع العماد عون» كي يكون ذلك بمثابة حافز له على لقاء السيد نصرالله.
«لقاء القمة الشيعية – السنية» مطروح على بساط البحث ولكنه عالق عند شروط متبادلة واستعدادات غير مكتملة، وبما يوحي أن ظروفه لم تنضج وأن أوانه لم يحن بعد. فالرئيس الحريري ليس قادراً على تحييد نفسه نهائياً عن المناخ الاقليمي ضد حزب الله وهو مناخ تعبئة ومواجهة حتى إشعار آخر، ولا على اعتماد سياسة النأي بالنفس. الحريري فعل أقصى ما يمكن أن يفعله عبر ردة فعل منضبطة لم تصل الى وقف الحوار والانسحاب من الحكومة، ولكنه ليس قادراً على وقف حملته وسياسته الهجومية على حزب الله.
وفي المقابل، فإن السيد حسن نصرالله ليس راغباً في تغيير موقفه الرئاسي والخروج من التزامه بدعم ترشيح العماد عون وانتخابه رئيساً، وهو يعتبر أن الكرة ليست في ملعبه وإنما في ملعب الحريري الذي بدل أن يتوقع تغييراً في موقف حزب الله عليه أن يبادر هو الى تغيير موقفه، وبدل أن يسعى عبر الرئيس بري الى إقناع الحزب بالتخلي عن عون عليه أن يقنع الحزب أولاً لماذا يرفض ترشيح عون الذي يمثل شريحة مسيحية وازنة وبات لديه بعد تأييد القوات له أغلبية مسيحية، وهو الذي لديه أيضاً المواصفات السياسية والاستراتيجية التي لدى النائب سليمان فرنجية…
في حسابات حزب الله ليس الوقت وقت تنازلات، خصوصاً في موضوع رئاسة الجمهورية، لأن ذلك سيكون مؤشر ضعف وتراجع من جانبه أمام الهجوم الذي يستهدفه في هذه المرحلة… وفي نظرته ويقينه أن الربط بين انفراجات رئاسية في لبنان وانفراجات في المنطقة يقوم على تقديرات وتخيلات أكثر مما يستند الى وقائع، إن لجهة التسوية في اليمن والعلاقة الإيرانية – السعودية، أو لجهة الوضع في سوريا بعد القرار الروسي بالانسحاب. فمن يراهن على تبدلات جوهرية ستحدث عقب هذا القرار سيكون مخطئاً لأن ما حققه التدخل الروسي على الأرض أكثر من كافٍ ومكاسب الحزب كانت كبيرة… وهناك التزام مستمر بمحاربة «داعش» وبغطاء جوي روسي. وما يجري في تدمر التي سقطت، وما يجري في «القريتين» في ريف حمص التي على وشك السقوط، يؤكد على وضع ميداني لم يتأثر بخفض روسيا طائراتها من الـ 90 الى 30 طائرة.
إذا كانت المسألة عند الحريري تتعلق بتطورات إقليمية إيجابية تدفع في اتجاه تليين موقف حزب الله وسلوكه طريق التسوية الرئاسية في لبنان، فإن المسألة عند حزب الله ليست كذلك، وهو ينظر الى الأمور من زاوية مختلفة: أولاً، هل الحريري جاهز للدخول في تسوية وإبرامها وتسويقها وتنفيذ التزاماتها وتبعاتها؟! ثانياً، هل حان وقت عودة الحريري الى رئاسة الحكومة وعلى أي أساس ومع أي رئيس؟!
في الخلاصة لقاء نصرالله – الحريري لم يحن أوانه بعد لأن أوان التسوية في سوريا وأوان الحوار السعودي – الإيراني وأوان التسوية في لبنان وأوان انتخاب رئيس للجمهورية لم يحن بعد… هذا اللقاء ليس لقاء للصورة وإنما لقاء يؤسس لمرحلة ويُبنى عليه، وعندما يتقرر ويحصل سيكون المؤشر الحاسم الى نضوج ظروف التسوية وانتخاب الرئيس…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق