افتتاحية

افرحوا وابتهجوا لقد تحققت احلامكم!

انتصر المعطلون وشُلت البلاد وتعطلت كل المؤسسات وعم الفراغ. فلا رئاسة الجمهورية تعمل، ولا المجلس النيابي يشرّع، ولا مجلس الوزراء يتخذ قرارات. انتصر المعطلون ولكن الى متى؟ والى اين هم يسيرون بالبلد وبالناس؟ قسم من المعطلين يشكو من التهميش، وقسم اخر يتضامن دون ان تكون له نوايا ظاهرة، وقسم ثالث لا يبالي، كل همه البحث عن مصالحه ومكاسبه، والناس متروكون لا من يسأل عنهم، ولا عن ظروف حياتهم، ولا كيف يحصلون معيشتهم.
المعطلون يقولون انهم مهمشون، وهم يريدون الدفاع عن حقوقهم وحقوق المسيحيين. فاين هي هذه الحقوق؟ الكل يعلم انها تسقط كلها وتضيع في غياهب النسيان، ما ان تتحقق مطالب المتاجرين بالناس. فيصبح كل شيء على ما يرام. الا يعلم هؤلاء ان حقوق المسيحيين هم وراء ضياعها؟ فالغيارى عليها يجعلونها مادة متاجرة، والاخرون يتنكرون لها رداً على الفئة الاولى، وهكذا تضيع الحقوق بين هؤلاء واولئك.
هل يعلم المعطلون انهم لو يساهمون بانتخاب رئيس للجمهورية، تختفي كل المشاكل المتنازع عليها، وتستوي كل الامور؟ فلماذا لا يتوجه الجميع الى المجلس النيابي، ويشاركون في انتخاب رئيس للجمهورية، ويضعون حداً وحلاً لكل ما يحصل؟ هل بتعطيل انتخابات رئاسة الجمهورية تعود الحقوق؟ هل بتعطيل المجلس النيابي تعود الحقوق؟ هل بشل عمل مجلس الوزراء المؤسسة الوحيدة الباقية على اخر رمق من الحياة تستعاد الحقوق؟
هل يعلم المعطلون انهم بتصرفاتهم يبعدون كثيراً عن قضايا الناس واحتياجاتهم، فينفر منهم الجميع؟ هل يعلمون انهم بتحركهم المرفوض هذا يبعدون عن الناس وعن الاهداف التي يتحركون من اجلها، خصوصاً بعدما حولوا تحركهم من السياسة الى الطائفية، فاذا بالكثيرين يتكتلون ضدهم ويرفضون مبايعتهم؟
ثم نريد ان نعلم كيف ان خصم هذا الفريق الاول، يخرج عن انضباطه وصراحته، فيتضامن مع المعطلين؟ الا يعلم ان تحركهم وتعطيلهم موجه ضده في الدرجة الاولى؟ صحيح اننا نعيش زمن العجائب التي لا يصدقها عقل، والتي تظهر في اي غابة مجانين نحن نعيش؟
التعطيل والمقاطعة هما اساس البلية، فهل نكمل السير بهما؟ لقد بتنا نخلق المشاكل ثم نجتهد حول كيفية حلها، وخارج الاطار الدستوري. الدستور يحتم انتخاب رئيس للجمهورية فهل انتم ملتزمون؟ هل تعطيل المجلس النيابي والحكومة عمل دستوري؟ كفاكم متاجرة بالميثاقية التي استخدمتموها لتفجير الازمة الخطيرة التي نمر بها؟ معكم تكاد الميثاقية ان تضيّع معناها. فان كنتم جاهلين بخفاياها عودوا الى ميثاق 1943، عودوا الى بشارة الخوري ورياض الصلح لتدركوا معنى الميثاقية. اذا وافقتكم الامور تكون ميثاقية، واذا لا تصبح غير ميثاقية. ثم ان ما ترونه ميثاقياً اليوم قد يصبح غير ميثاقي غداً. كفى تعطيلاً وتلاعباً بعقول الناس. البلد لم يعد يحتمل. المنطقة كلها تغلي وانتم تتلهون بالقشور والامور التافهة، صحيح القول عند تغيير الدول احفظ رأسك فماذا تفعلون انتم؟
نريد رجالاً وطنيين شعارهم مصلحة الوطن، فمن اين نأتي بهم؟ هل من هذه الطبقة السياسية الفاسدة؟ هل اذا بقي قائد الجيش الماروني تتعطل الميثاقية. بربكم ما هذا الهذيان أالى هذا الحد اعمتكم المصالح عن الحقيقة، فتحول الحلم الى هاجس تلهجون به ليل نهار وعلى حساب مصلحة البلد والناس؟ كل فريق يدعي انه هو الذي يمثل، فهل فكرتم يوماً انكم كلكم لم تعودوا تمثلون، بعدما مددتم لانفسكم رغماً عن ارادة الناس؟ لقد انفجر لغم الميثاقية على طاولة الحوار فاطاحها، فهل هذا ما كنتم تخططون له؟ لقد تحول الفراغ الى ما يشبه بقعة الزيت وهو يواصل تمدده في كل اتجاه، فافرحوا وابتهجوا لقد تحققت احلامكم.
عطلتم طاولة الحوار، ونحن لا نأسف عليها لانها منتج غير دستوري. ولكن نحن نؤمن بالحوار، فان كان هدفكم الاتفاق ومصلحة البلد، تحاوروا داخل المؤسسات الرسمية، في المجلس النيابي ومجلس الوزراء، وبهذا فقط تستقيم الامور  شرط ان يكون الحوار لاهداف محددة تنتج حلولاً وسلاماً على البلد.

«الاسبوع العربي»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً

إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق