افتتاحية

ماتت سريرياً فلماذا هي باقية؟

الحكومة الفاشلة بشهادة رئيسها لماذا هي باقية؟ انسحب منها وزيرا الكتائب الان حكيم وسجعان قزي، وقبلهما اللواء اشرف ريفي فماتت سريرياً، ولكنها باقية بقوة الامر الواقع، بانتظار ان تموت نهائياً.
عقدت الاسبوع الماضي جلسة بغياب الوزراء المستقيلين والوزراء المتغيبين بداعي السفر او لظروف اخرى، فغرقت في الملفات التي توصف بانها خلافية مع ان حلها من ابسط الامور، لو اتبعت الطرق القانونية السليمة، غير ان الخلافات التي تعصف بين افرادها، وعدم الاتفاق على الحصص اديا الى الهروب الى الامام. فبدل مواجهة هذه الملفات، اتبعت طريقة المماطلة. فقضية الانترنت غير الشرعي التي ضيعت على الخزينة ملايين الدولارات، وحرمت المواطنين من خدمات  كان من الممكن ان تكون افضل بكثير مما هي عليه اليوم، هذه القضية تائهة بين محاولة التستر عليها والتسويف، حتى اذا ما يئس الناس واصابهم الملل، تدخل الى الادراج ولا تعود تجد من يحركها. اننا نسمع الكثير من التهديد والوعيد، والتأكيد على ملاحقة القضية حتى النهاية، ولكننا لم نعد نؤمن بهذا الكلام من كثرة من خبرناه في الماضي، وقد ضاعت في ظله قضايا كثيرة. فعسى ان ينتفض القضاء هذه المرة، ويرفض المداخلات السياسية ويسير بالملف حتى النهاية، لكشف الحقائق امام الرأي العام.
وهناك قضية امن الدولة وما يجري بشأنها بعد فضيحة مدوية يرتكبها بعض السياسيين المتنفذين، غير عابئين بما يتردد في الاوساط الشعبية عن تصرفاتهم. كلام كثير رافق هذه القضية، وشائعات هي اشبه ببالونات اختبار اطلقت من هنا وهناك لجس النبض، علهم يستطيعون ان يقفزوا فوق القوانين ويحققوا غاياتهم المشبوهة، المخالفة لكل عرف ودستور. بعد ايام تنتهي ولاية نائب مدير عام امن الدولة الذي عطل خلافه مع المدير العام المؤسسة منذ مدة طويلة، في فترة امنية حرجة، لبنان بامس الحاجة الى كل مؤسساته الامنية لمواجهة الاخطار التي تتهدده. بعض السياسيين لا يريدون ان يرحل هذا الضابط حتى ولو كان القانون ينص على ذلك. فدارت الاتصالات والوساطات في محاولة للتمديد لهذا الضابط خلافاً لكل القوانين. فما الهم طالما انهم اعتادوا على القفز فوق كل القوانين، حتى ان الدستور واعادة تطويعها لتنسجم مع طموحاتهم ومصالحهم. هذا الملف الذي يعتبرونه شائكاً وخلافياً كان يمكن ان يحل بخمس دقائق، وذلك عبر اتباع الاصول القانونية. فالتمديد لهذا الضابط مستحيل، طالما ان المدير العام لامن الدولة لم يطلب التمديد له، لا بل على العكس قدم مذكرة بتسريحه في الموعد المحدد منذ اكثر من شهرين، ولكنه لم يتلق جواباً، لان هناك من يضغط لمخالفة القوانين. فلو كان رئيس الحكومة عازماً على ممارسة صلاحياته لرفض اي بحث في التمديد، ولأعلم المتدخلين انه ملزم باتباع الاصول، وكان رد على مذكرة المدير العام. وفي السابع والعشرين من حزيران الجاري يحال العميد الطفيلي الى التقاعد وتنتهي القضية، ولكن ما العمل والقرارات يلزمها رجال اشداء لا يخشون سطوة احد ويواجهون بقوة. وهناك من يصر على تسريح المدير العام ونائبه فلماذا؟ الثاني انتهت مدة خدمته ويسرح تلقائياً ولكن الاول لا يوجد اي سبب لتسريحه فلماذا هذا الاصرار؟
القضية الثالثة هي قضية سد جنة الذي غزا الحديث عنه الصالونات السياسية والاجتماعية. لن ننصب انفسنا خبراء في البيئة لنقول ان هذا الطرف او ذاك هو على حق، ولكننا نعلم ان اللبنانيين يعطشون في بلد المياه، وهم بحاجة ماسة الى السدود والمشاريع المائية الكفيلة بتأمين حاجاتهم.
يقال ان الخلاف ليس بيئياً بل سياسي بامتياز. وهناك خلاف على المحاصصات، فاذا استطاعت الحكومة ان تعيد النظر بحصص المنتفعين، زالت العقبات واحترمت القوانين، وهي من ابسط واجبات المواطنية. ولكن هل لا يزال عند الطبقة السياسية الفاسدة شيء من الوطنية. ام ان المصالح الشخصية هي فوق كل اعتبار؟ لم يبدأ فصل الصيف بعد، ومع ذلك بدأوا بالتقنين القاسي للمياه، فلماذا لا يتفقون على تنفيذ المشاريع التي تؤمن للمواطنين حاجاتهم من هذه المادة الحيوية، خصوصاً وان لبنان غني بالينابيع ولو استغلت مياهه بطريقة علمية سليمة لارتوى اللبنانيون وتوقفت الشكوى واستطاع ان يصدر مياهه الى الخارج ولكن من اين لنا بسياسيين يقدمون مصلحة الوطن والمواطن على كل مصلحة؟ انه ضرب من الخيال.

«الاسبوع العربي»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً

إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق