افتتاحية

التيار الكهربائي من تشيلي… الى لبنان

تناقلت الاخبار الاسبوع الماضي ان السلطات في تشيلي، لجأت الى توزيع الطاقة الكهربائية على مواطنيها في البيوت بالمجان، بعد ان شهد قطاع صناعة الطاقة الشمسية تطوراً سريعاً خلال الاعوام الماضية. وذكرت الانباء ان اسعار الكهرباء في تشيلي، في الفترة الاخيرة، بلغت مرحلة الصفر، فوزعت الكهرباء مجاناً على المواطنين. وتعمل في تشيلي محطات توليد الطاقة الكهربائية بواسطة الشمس، وهي تقوم بتوليد كميات زائدة من الكهرباء لدرجة ان هذا البلد يتمتع بعدد كبير من الايام المشمسة. فماذا عن لبنان؟
في الاسبوع الماضي وفي الوقت عينه، تزامنت بيانات عدة صادرة عن شركة كهرباء لبنان تنذر المواطنين بقطع التيار عنهم في بعض المناطق وفي اخرى، بحجة الصيانة واعادة التأهيل، وغيرها من الحجج الواهية التي اعتاد المواطنون صدورها عن هذه المؤسسة، التي اشتهرت بالفشل الكلي ولم تكتف بذلك بل بشرت بصيف صعب من حيث تأمين التيار. ربع قرن مرت على انتهاء الحرب اللبنانية، انفقت خلالها اكثر من 20 مليار دولار على الكهرباء، بهدف اعادة التأهيل والاصلاح كما قيل للمواطنين، فمرت السنوات وانقضت، وتبخرت الاموال ونهبت، والكهرباء يا ليتها بقيت على حالها، بل تراجعت اميالاً الى الوراء. فمن المسؤول؟
اين الاموال التي انفقت، واين المشاريع التي انجزت، واين الدولة المفروض فيها ان تجيب على اسئلة المواطنين؟ اين اجهزة الرقابة، وقبلها اين النواب الذين يفترض فيهم ان يمثلوا الشعب ويحاسبوا باسمه؟ لماذا لم نر تحقيقاً واحداً فتح في هذا المجال؟ ولماذا لم نسمع بمحاسبة نيابية جدية تروي غليل المواطن، الذي اصبح البقرة الحلوب للدولة، تنتف جيوبه وتفرغها تحت عنوان المشاريع والاصلاح، فاذا بالاموال تطير والعتمة تعم، والشعب مقهور لا حول له ولا قوة.
سئل احد موظفي الكهرباء عن سبب هذا التراجع في تأمين التيار الكهربائي فاجاب، ان على رأس المؤسسة ادارة عمرها ثماني عشرة سنة، لم تحقق يوماً انجازاً واحداً، فلماذا هي باقية وما هو المؤمل منها؟ فلو كانت قادرة على الاصلاح لبانت النتيجة، ولكن المكتوب يقرأ من عنوانه.
في لبنان ايام كثيرة وطويلة مشمسة، فلماذا لا نتشبه بتشيلي وننشىء محطات شمسية لتوليد الكهرباء، فنؤمن التيار للمواطنين، ونوفر عليهم دفع فاتورتين في اخر كل شهر، واحدة للمولد وواحدة لشركة الكهرباء؟ نحن نعلم ان اصلاح الوضع في الكهرباء ممنوع بضغط من قوى سياسية، مجهولة لدى الناس ربما، ولكنها حتماً معلومة ومكشوفة لدى الدولة، ذلك ان هذه القوى لها مصلحة في بقاء المولدات التي تدر عليها الاموال، فكيف يمكن ان تقفل هذا الباب اذا سمحت باصلاح الكهرباء؟
اين المعامل التي انشئت، واين المشاريع التي نفذت، ولماذا تكتفي الدولة بمعالجة الوضع بالابر المسكنة. والى متى ستستمر هذه الحالة؟ اننا مقبلون على ايام حارة، يزداد فيها استهلاك الطاقة فهل فكرت الدولة كيف ستؤمن حاجات المستهلكين؟ ام انها اعتادت على دفن رأسها في التراب وسد اذانها، وليصرخ من يصرخ وليحتج من يحتج، فالامور باقية على ما هي والدولة بشهادة رئيس حكومتها اصبحت دولة فاشلة وعلى الله التوكيل.
نقول للحكومة تشبهي بتشيلي واخطي ولو خطوة واحدة الى الامام.
وتشبهوا ان لم تكونوا مثلهم ان التشبه بالكرام فلاح.

«الاسبوع العربي»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً

إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق