سياسة لبنانية

تعاظم خطر «داعش» في لبنان

توسعت رقعة العمليات الميدانية والعسكرية في الأسابيع الأخيرة ضد تنظيم «داعش» الإرهابي في ميادين سوريا والعراق وسلسلة الجرود الشرقية اللبنانية. من ريف دمشق إلى محيط تدمر والرّقة، إلى ريف منبج وحلب في سوريا، إلى الفلوجة في الميدان العراقي، وصولاً إلى الساحل الليبي.
ويتوازى الضغط العسكري على «داعش»، مع ما يحكى عن حصار اقتصادي. بالإضافة إلى العمليات الجوية التي نفّذها الطيران الروسي ضد خطوط تهريب النفط السوري والعراقي نحو الأراضي التركية، ما يضع التنظيم في ضائقة مادية وأمنية وعسكرية، تدفعه بحسب أكثر من مصدر أمني لبناني وسوري، إلى توسيع رقعة عملياته والقيام بعمليات أمنية انتقامية، خارج ميادين القتال الكلاسيكية.
الأجهزة الأمنية اللبنانية، من استخبارات الجيش وفرع المعلومات إلى جهاز الأمن العام، تبذل جهداً قياسياً في ملاحقة الخلايا الإرهابية التابعة لـ «داعش» و«تنظيم القاعدة في بلاد الشام – جبهة النصرة». وقد سُجل على مدى الأشهر الماضية أكثر من إنجاز أمني.
 وما يجري الحديث عنه في محضر أكثر من مرجع أمني رفيع المستوى في البلاد، هو صدور «أمر عمليات داعشي» لتخريب الأمن اللبناني، وتوجيه ضربات إلى الأجهزة الأمنية والعسكرية والقطاع السياحي اللبناني.
وفضلاً عمّا ثبت في تحقيقات الأجهزة الأمنية السورية، عن أن جزءاً من العمليات الإرهابية التي ضربت الساحل السوري قبل أسبوعين، قد جرى إعداده في شمال لبنان وعبور أحد الانتحاريين إلى الداخل السوري عبر معبر الدبوسية الحدودي، فإن تهديدات جدية من عمليات إرهابية قد تطاول الضاحية الجنوبية لبيروت ومنطقة جبل محسن في طرابلس ومناطق أخرى، تعمل الأجهزة الأمنية على متابعتها وكشفها قبل حدوثها.
وتدور الإجراءات الأمنية «العائدة» إلى الضاحية الجنوبية لبيروت ومدينة صيدا، في فلك الإجراءات الاحترازية التي تتخذها الأجهزة الأمنية، على خلفية المعلومات الأمنية، والخوف من تمدد تنظيم «داعش» في مخيم عين الحلوة لاستقطاب إسلاميين من مختلف التنظيمات والاتجاهات، بهدف السيطرة على المخيم لاحقاً.
تتضاعف المخاوف الأمنية في لبنان مع بدء شهر رمضان على خلفية التهديدات المستمرة من قبل تنظيمي «داعش» و«جبهة النصرة» وآخرها ما صدر عن الناطق بإسم «النصرة» في القلمون السوري سراج الدين زريقات، عبر سلسلة تغريدات على موقع «تويتر» حملت عنوان «تجهز لرمضان» حث من خلالها المقاتلين على «الجهاد».
ويبدو أن عملية الدهم التي نفذتها قوة من الجيش في بلدة خربة داود في عكار تأتي في السياق نفسه، إذ كشفت مصادر أمنية عن أن العملية تأتي في إطار «استباقي، وقد استهدفت مجموعة من المنفذين، بحيث ضبط بحوزتهم حزام ناسف وعبوات وأسلحة».
الأشخاص الذين تم إلقاء القبض عليهم٬ وهم 3 أشقاء٬ شقيقهم الرابع بالسجن بتهم إرهاب، والخامس جندي منشق قتله الجيش حين تصدى له خلال محاولة إلقاء القبض عليه قبل نحو شهرين، على علاقة مباشرة بقيادة التنظيمات الإرهابية وبالتحديد «داعش» و«النصرة»، ويشكلون نقطة تواصل بين عناصر هذه التنظيمات المنتشرين من طرابلس إلى عرسال. وس. س، أحد الأشقاء الذين ألقي القبض عليهم،  هو القيادي الفعلي للمجموعة، وكان قد سجن لـ 6 أشهر وتم إطلاق سراحه قبل نحو عام. وأعضاء هذه المجموعة يتنقلون ليلاً وبسرية مطلقة داخل البلدة ويعتمدون على فرقة لوجستية تؤمن لهم التنقلات كما الطعام.
وفي المعلومات حول هذه الخلية إنها كانت تجهز البنى التحتية والوسائل اللوجستية والمواد التي تستخدم في صنع المتفجرات وتفخيخ السيارات وتصنيع الأحزمة الناسفة، إضافة إلى محاولة تجنيد بعض شباب منطقة عكار، بعد التغرير بهم وتقديم إغراءات مالية لهم.
وبينّت الاعترافات الأولية للموقوفين الثلاثة أن المجموعة الإرهابية كانت مكلفة بفرض موطىء قدم لـ «داعش» في منطقة عكار وتوسيعها تباعاً وصولاً إلى محاولة تأمين منفذ بحري على المتوسط. كما تبيّن أن هذه الخلية نفذت عمليات إرهابية استهدفت الجيش اللبناني في محلتَي البيرة والريحانية في قضاء عكار عبر كمائن تهاجم دوريات عسكرية، وكانت نتيجتها سقوط ثلاثة شهداء للجيش اللبناني وعدد من الجرحى.
وفي السياق نفسه، تكشف معلومات أن فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي تمكن قبل ثلاثة أسابيع في صيدا من إلقاء القبض على شبكة لـ «داعش» تأتمر بأوامر القيادي «أبو وليد السوري» الموجود في مدينة الرقة السورية، وتضم خمسة أشخاص على الأقل، يقودهم اللبناني (محمود أ. ع.) ومعه ثلاثة سوريين وشاب فلسطيني (بقي عضو واحد من الشبكة متواريا عن الأنظار).
ووفق المعلومات، فإن إلقاء القبض على اللبناني (محمود ع.) هو الذي أدى إلى تدحرج رؤوس باقي الشبكة، ليتبيّن أن لبنان كان أمام سيناريو يكاد يكون نسخة طبق الأصل عن سيناريو تفجيري عين السكة في برج البراجنة، خصوصاً أن المخطط واحد وهو «أبو الوليد السوري».
وقد تبين أنه تم تحضير انتحاريين مع أحزمة ناسفة كانوا ينوون تفجير أنفسهم «في أماكن للفسوق والفجور» على حد تعبير أحد الموقوفين، ليتبيّن أنه تم وضع ثلاثة أهداف سياحية في مناطق مسيحية في شرق العاصمة بيروت.
ووفق مراجع لبنانية معنية، فإن حالة التأهب فرضت نفسها بسلسلة إجراءات أمنية مشددة تشهدها الضاحية الجنوبية منذ حوالي الأسبوع وسترتفع وتيرتها خلال شهر رمضان، كما تشمل الإجراءات الوقائية دوريات ومواقع ومواكب القوات الدولية الموقتة العاملة في جنوب لبنان (اليونيفيل)، فضلاً عن رفع حالة الجهوزية إلى الدرجة القصوى، خصوصاً في مطار رفيق الحريري الدولي والمرافىء البحرية والمعابر البرية الحدودية، وذلك بناء على نصائح غربية «لأن تنظيم «داعش» لن يتردد في ضرب أي ساحة يتمكن من النفاذ إليها عبر أية نقطة ضعف محتملة».
وتشير المراجع إلى أن قوات «اليونيفيل» تتخذ إجراءات احترازية، أبرزها عدم التنقل إلا عند الضرورة على خط الجنوب – بيروت ذهاباً وإياباً (تفادي التنقل بسيارات تحمل علم أو إشارة الأمم المتحدة).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق