دولياترئيسيعالم

اردوغان: حملة باهتة تؤسس لفوز كاسح، ونظام رئاسي متسلط

المتابعون لتفاصيل الحملة الانتخابية للرئاسة التركية يتوقفون عند كم من الملاحظات الاساسية. والتي تدور في مجملها حول فوز مؤكد للمرشح الاسلامي ورئيس الوزراء الحالي رجب طيب اردوغان.

من ابرز الملاحظات، توظيف اردوغان لموقفه من حرب غزة الاخيرة في تلك الحملة، محاولا كسب تعاطف الناخبين مع الشارع الحمساوي، وبالتالي ترجمة الموقف كله الى اصوات تصب في صالحه.
ومن الملاحظات ايضاً تلك القراءات التي يمكن استخلاصها من بين السطور، والتي تؤشر على رغبة اردوغان في الحصول على «فوز كاسح» يؤهله لاحداث التغيير الذي يحلم به، والذي يتمثل بتحويل الدولة من نظام برلماني خالص، الى رئاسي يمكنه من تولي الامور كافة بما في ذلك تجريد رئيس الوزراء من جزء كبير من صلاحياته. الخطوة التي يرى محللون انها تلامس المشروع «الاتاتوركي» اكثر من انها تلامس المشروع الاسلامي الذي قدمه، والذي وضع حزبه في موقع متقدم.
هنا، يعتقد محللون ان اردوغان يبدو مطمئناً لفوزه في اول انتخابات رئاسية تجري وفق نظام الاقتراع العام المباشر في تركيا، ما يتيح له في هذه الحالة مواصلة هيمنته على الحياة السياسية للبلاد وكذلك متابعة التحولات التي يجريها فيها.

ولايتان اضافيتان
وبوصوله الى سدة الرئاسة سيتمكن رئيس الوزراء من الاستمرار في تسلم مقاليد الحكم ممثلاً لحزبه «حزب التقدم والعدالة» ولدولة عدد سكانها اكثر من 76 مليون نسمة، خلال ولايتين اضافيتين من خمس سنوات.
وتتوقع استطلاعات الرأي فوز الرجل القوي في البلاد بما بين 51 و55% من الاصوات في الاقتراع المرتقب اجراؤه في 10 و24 اب (اغسطس).
وفي ختام حملة لم تثر اي حماسة يبقى العنصر المجهول الوحيد معرفة ما اذا كان رئيس الحكومة الاسلامية المحافظة البالغ من العمر 60 عاماً سيفوز من الدورة الاولى ام سيكون من الضروري اجراء دورة ثانية.
وفي حال فوزه بهذا الاقتراع من الجولة الاولى، سيحطم اردوغان رقماً قياسياً لجهة استمراريته السياسية بعد مصطفى كمال اتاتورك مؤسس تركيا الحديثة والعلمانية التي قامت على انقاض السلطنة العثمانية.
ويتمنى رجب طيب اردوغان تجاوز الظرف الذي يعتبره طارئاً، والذي يصفه متابعون بانه كان عبارة عن ظرف صعب امتد خلال الاثني عشر شهراً الاخيرة، وبدأت بغضب شعبي غير مسبوق ندد بانحرافه الاستبدادي خلال صيف العام 2013، واعقبها الشتاء المنصرم فضيحة فساد مدوية طاولته شخصياً.
ويبدو ان خصميه اكمل الدين احسان اوغلي الامين العام السابق لمنظمة التعاون الاسلامي والنائب الكردي صلاح الدين دمرتاش غير قادرين على الوقوف في وجه طموحاته في تركيا منقسمة اكثر فاكثر منذ تسلمه الحكم في 2003.
وفي خطاب ترشيحه عبر اردوغان عن نيته خلق «تركيا جديدة، حيث الشعب وحده صاحب القرار». ولم يخف رئيس الحكومة التركية مطلقاً عزمه على ابدال النظام البرلماني القائم بنظام شبه رئاسي لابقاء سيطرته على السلطة التنفيذية.
ولا يزال اردوغان الاسلامي المحافظ صاحب الحضور القوي من اصول متواضعة يجسد آمال جسم انتخابي ديني بعمق يهتم برأي بعض المراقبين بالمبادىء الاسلامية اكثر من الديموقراطية مرادف الفوضى بنظره. الامر الذي يسود معه اعتقاد بان طريقته في الحكم تؤسس لحالة من التفسخ في المجتمع التركي.

اللعب على المشاعر
في الاثناء، يتوقف المتابعون عند مهارة اردوغان في مجال اللعب على المشاعر الدينية وصولاً الى ذلك الهدف. ففي الوقت الذي احتفظ حزبه وحكومته بعلاقات كاملة مع اسرائيل، نجح اردوغان في توظيف الهجوم الذي شنته اسرائيل في الثامن من تموز (يوليو) على حركة المقاومة الاسلامية (حماس) في قطاع غزة، وقدم نفسه من خلاله كمدافع شرس عن القضية الفلسطينية اثناء حملته الانتخابية.
وخلال الحملة، عبر اردوغان عن غضبه قائلاً «ان اسرائيل ترتكب ابادة بحق مدنيين ابرياء» مقارناً اساليبها باساليب هتلر.
في الاثناء، يعتقد متابعون ان الحركة الاحتجاجية ضد اردوغان قد تكون هدأت، ولكن تصريحات نائبه حول الواجب الاخلاقي للمرأة بعدم الضحك في العلن تحولت الى قضية جديدة للعلمانيين الاتراك الذين يخشون حكم اردوغان الاسلامي المحافظ.
وبرغم ذلك يبقى اردوغان الاوفر حظاً للفوز في الانتخابات الرئاسية التي ستجري الاحد بفضل قاعدة شعبية اسلامية محافظة ازدهرت كثيرا خلال فترة حكمه المستمرة منذ حوالي عقد من الزمن.
ويخشى الكثير من الاتراك ان يكون حزب العدالة والتنمية الحاكم يسعى الى تحويل تركيا العلمانية تدريجيا نحو النظام الاسلامي المحافظ. هذه الدولة التي بنيت على المبادىء العلمانية البحتة منذ تأسيسها في العام 1923 على يد مصطفى كمال اتاتورك.

ا. ح
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق