أخبار متفرقة

عودة الحريري الى بيروت مؤقتة أم نهائية؟

عودة الرئيس سعد الحريري الى بيروت باتت ضرورة وحاجة سياسية ملحة في نظر أوساطه وحلفائه في ضوء التحديات والمشاكل المتراكمة داخل المستقبل و14 آذار وفي الملفين الرئاسي والحكومي. وتكشف هذه الأوساط أن النائب وليد جنبلاط كان أكثر المشجعين للحريري على العودة من خلال إيفاد الوزير وائل بو فاعور الى الرياض. رمت زيارة بو فاعور الى تشجيع الرأي القائل بالعودة وإبراز فوائدها، والسعي الى الحصول على موافقة تشكّل ظهيراً للحريري في لبنان في المرحلة المقبلة. كما تكشف أن الحوارات المسهبة التي أجراها في الرياض مع أركان تيار المستقبل وزراء ونوابا بازاء حظوظ رجوعه، انقسمت من حولها الآراء بين مشجع عليها، ومتريث في الوقت الحاضر. ويقول المشجعون بضرورة استيعابه على الأرض، في بيروت، تداعيات ما أفضى إليه اجتماع باريس في تشرين الثاني وترشيحه النائب سليمان فرنجيه لرئاسة الجمهورية. تسبّب هذا التفاهم في تباين داخل تيار المستقبل وزراء ونواباً لم يخفه أصحابه، ومع الحلفاء في قوى 14 آذار.
كيف تقرأ أوساط 8 آذار المطلعة على أجواء ومواقف حزب الله، عودة الحريري، أسباباً وأهدافاً وظروفاً؟!
تقول هذه الأوساط إن قرار العودة ساهم في إنضاجه وضع القاعدة الحريرية التي لم يعد خافياً ما شهدته من تصدع وتردٍ في فترة الغياب، إضافة الى قيادات لبنانية أخرى غير «مستقبلية» زينت له اتخاذ هذا القرار رغبة منها في خلق واقع سياسي مختلف يصب في طاحونة تطلعاتها وأهدافها على المديين المتوسط والبعيد.
السبب الأبرز أن الحريري عاد ليؤكد حضوره ودوره وزعامته على ساحة مكتظة بالأحداث ويتحرك فيها منافسوه وخصومه بحرية، وهذا أمر بديهي، لكن السؤال المهم بالنسبة الى الذين يبادرون الى طرحه ويلحّون في معرفة الإجابات القاطعة عنه كونه يتصل بمرحلة مستقبلية، هو: هل إن الرئيس الحريري عاد ليسترجع مساحة دور بدأت تتآكل وتتقلص، أم أنه عاد في هذه المرحلة.
ولا تخفي هذه الأوساط أنها توافق في الوقت عينه على خلاصة استنتاج برز في الاجتماع الأخير لتكتل التغيير والإصلاح وجوهره أن الحريري الذي لا يملك أية حلول ومخارج للأزمات لم يأت إلا لأمر عاجل وهو تبديد ما أرساه «تفاهم معراب» من نتائج.
أما السبب الثاني فهو رغبة الحريري في ترتيب البيت الداخلي، خصوصاً أننا على أبواب انتخابات بلدية مفترضة، لا بل إن الأوضاع لم تعد تحتمل التوجيه عن بعد وباتت تستلزم أن يكون على تماس مباشر مع المشاكل التي يعاني منها تياره في بعض المناطق لا سيما في طرابلس والشمال.
ووفقاً للمعلومات فقد عمد قبل عودته الى معالجة بعض المشاكل المادية لجزء من المتفرغين في تياره لا سيما العاملين في الدائرة المركزية على المستوى السياسي والإداري والأمني، وأنه يعوّل على استكمال حل المشاكل المادية للعاملين في مؤسسات «المستقبل» الأخرى.
وتضيف أن الحريري يتجه الى استخدام أسلوبين في وقت واحد: أولاً احتواء بعض المشاكل والاعتراضات بأسلوب مرن يراعي نظرة ومطالب المعترضين، وثانياً استخدام الحسم خصوصاً مع الذين يجنحون الى التمرد وخلق حالات سياسية انفرادية داخل التيار.
ومن البيت الداخلي الى ساحة 14 آذار يسعى الحريري قدر الإمكان الى الاحتفاظ بهذا العنوان السياسي رغم الانقسامات والخلافات التي تضرب جسد هذا الفريق، وهو سيعمل على تقوية أواصر التنسيق والتواصل مع حزب الكتائب والأطراف والشخصيات المسيحية الأخرى، من دون أن يقطع العلاقة مع رئيس حزب «القوات» الدكتور سمير جعجع رغم الجرح الذي أحدثه لقاء معراب.
أما السبب الثالث لعودة الحريري فهو رغبته في إعادة تأكيد حضوره السياسي من باب مبادرته الأخيرة بترشيح فرنجيه، رغم إدراكه مسبقاً أن هذه الحركة محكومة بالدوران في حلقة مفرغة طالما أن حزب الله قال كلمته مرة أخرى مؤكداً الاستمرار في ترشيح عون.
وإذا كان في الحركة بركة، فإن الجولة التي بدأها الحريري يمكن أن تساهم في مقاربة بعض المواضيع والملفات السياسية وربما الاقتصادية وبالطبع الأمنية، لكنها لن تؤدي الى تقريب موعد انتخاب الرئيس لأن هذا الاستحقاق بات معلقاً على حبل الحرب الباردة التي تدور على الساحة الدولية والإقليمية.
في رأي بعض المصادر أن أي هدف لقدوم الحريري الى لبنان لا ينتهي بعودته الى السرايا يعتبر مهمة هامشية لا تساوي شيئاً، فمعركة «زعيم المستقبل» هي العودة الى رئاسة الحكومة، وليست انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وفي الأمرين معاً لا يملك مع فريقه السياسي المتشرذم مفتاح الحل والربط في الاستحقاقين، وجل ما يمكن للحريري أن يحققه من نتائج هو العودة الى الإمساك بملف تياره السياسي، وتجميع المختلفين، تحت عباءته. من جهة ثانية قد ينجح في تنظيم الخلاف مع رئيس القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع، مع العلم أن اختبار الانتخابات البلدية، إذا ما حصلت، سيكون مفصلياً في تحديد مدى الضرر الذي أصاب العلاقة بين الجانبين. أما الاستحقاقان الأهم، فلا يملك بين يديه أي أوراق تمكنه من تحقيق النتائج المرجوة.
يحتاج الحريري بشدة رئاسة الحكومة التي تمثل بالنسبة إليه خشبة الخلاص لعودته الى ساحة العمل السياسي الجاد، الموقع الرسمي يوفر له نفوذاً سياسياً يفتقد إليه منذ مدة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق