رئيسيسياسة عربية

تونس: مبادرات وفاقية هشة تصطدم بجدار الازمة

مرة اخرى يصطدم المشروع الوفاقي التونسي بكم من حواجز الصد، ويعود الى نقطة البداية. فبعد كم من المبادرات التي صنفها البعض ضمن اطار «حسن النوايا»، واعتبرها البعض الاخر مشروعاً لتأسيس مرحلة جديدة عنوانها الانتقال بالدولة التونسية الى قدر من الوفاق على مفاصل اساسية املاً بأن تنهي الحالة الخلافية المستعصية، عاد الحوار الى نقطة البداية، بعد ان توقف الخلاف عند ملفات يجمع المحللون على اعتبارها اساسية، وانها تكشف عن عمق الازمة التي تعيشها البلاد.

على مدى الاسابيع القليلة الفائتة توقف المتابعون عند مشاريع وفاقية ابرزها موافقة الحكومة المؤقتة على الاستقالة لصالح حكومة مستقلين، واتفاق على الاطار العام لتركيبة تلك الحكومة، وبالتالي اطلاق الحوار الوطني العام بين الاطياف السياسية المتعددة العاملة على الساحة، والتي تتقاطع في ما بينها في الموقف والرؤية بخصوص واقع ومستقبل البلاد التي يجمع المحللون على انها تقع  قريباً من فوهة بركان جاهز للانفجار في اية لحظة. بينما غباره قادر على الامتداد الى كل انحاء البلاد.
فبعد ساعات من البداية المتأخرة لجلسات الحوار الوطني بين اطراف الائتلاف الحاكم بزعامة حزب النهضة الاسلامي والمعارضة برعاية رباعي المنظمات الراعية، ادرك المشاركون انهم امام عناصر ازمة لم توفق اطراف المعادلة في التوصل الى حل لها، كما تم الكشف عن خلاف جديد بين طرفي الازمة السياسية العميقة في البلاد.
ونجم التأخير في افتتاح جلسات الحوار الوطني عن رفض الائتلاف الحاكم بقيادة حزب النهضة الاسلامي التوقيع على خريطة الطريق التي تنص ايضاً على تبني دستور جديد في غضون شهر. الا ان حوارات جانبية نجحت في تجميد الخلاف الى وقت لاحق.
الحوار المتعثر كان قد انطلق تحت مظلة اتفاق وقعته المعارضة وحركة النهضة الاسلامية التي تقود الائتلاف الثلاثي الحاكم هو «خريطة طريق» تنص خصوصاً على تشكيل حكومة مستقلين لاخراج البلاد من ازمة سياسية حادة، اندلعت اثر اغتيال المعارض محمد البراهمي في 25 تموز (يوليو) الفائت.

توقيع خريطة الطريق
ووقع خريطة الطريق عن الائتلاف الثلاثي الحاكم راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة، والمولدي الرياحي القيادي في حزب التكتل، فيما تسلم عماد الدايمي الامين العام لحزب المؤتمر الذي أسسه الرئيس التونسي المنصف المرزوقي نسخة من خريطة الطريق ورفض التوقيع عليها. ووقع بعض اطياف المعارضة على تلك «الخريطة».
وبحسب خريطة الطريق سيتم تشكيل حكومة كفاءات ترأسها شخصية وطنية مستقلة لا يترشح أعضاؤها للانتخابات المقبلة تحلُّ محلّ الحكومة الحالية التي تتعهد بتقديم استقالتها، خلال ثلاثة اسابيع، وتكون للحكومة الجديدة الصلاحيات الكاملة لتسيير البلاد، ولا تقبل لائحة لوم ضدها إلا بإمضاء نصف أعضاء المجلس الوطني التأسيسي (البرلمان) ويتم التصويت على حجب الثقة عنها بموافقة ثلثي أعضائه على الاقل.
الخلافات التي تكشفت في بدايات مرحلة الحوار، ادت الى ارجاء الجلسات الحوارية بين اطراف الازمة، وعلى خلفية الغموض الذي لف تشكيلة اللجنة الانتخابية المستقلة.
وأدى ذلك الى نوع من الارباك في العملية السياسية التي تعثرت على وقع ذلك الخلاف، وصولاً الى تراجع بعض الاطراف عن وعودها. وتحديداً تراجع الحكومة عن موعد استقالتها، وتبرير ذلك التراجع بان الحكومة المستقلة لم تتشكل بعد.
وفي هذا السياق قال رئيس الحكومة المؤقتة علي العريض ان حكومته ستسلم مهام تسيير البلاد لحكومة جديدة عقب استكمال المسار الانتقالي، وفور المصادقة على الدستور والقانون الانتخابي والهيئة العليا المستقلة للانتخابات، وتحديد موعد الانتخابات المقبلة، مقراً بان تأجيل جلسات الحوار كان بسبب وجود اختلافات بشأن الهيئة المستقلة للانتخابات.
ونقلت وكالات الأنباء عن العريض تراجعه عن وعود والتزامات نصت عليها خريطة الطريق، حيث اكد في تصريحاته انه «لا وجود لآجال محددة لاستقالة الحكومة الحالية»، وذلك خلافاً لمهلة الثلاثة أسابيع التي حددتها الخريطة الرباعية للوساطة.
وعاد رئيس الحكومة الى ابداء تحفظاته حول «خريطة الطريق» قائلاً إنه لا يمكن تطبيقها بحذافيرها، وبرر ذلك بانها لا تقدم أجندة واضحة للاستحقاقات المقبلة بما في ذلك الهيئة المستقلة للانتخابات، التي اصبحت تمثل التحدي الأبرز للفرقاء السياسيين في الحوار الوطني.
وسبق أن تم انتخاب ثمانية أعضاء من أصل تسعة للهيئة داخل المجلس الوطني التأسيسي (البرلمان) قبل أن تطعن المحكمة الإدارية في إجراءات فرز الترشيحات بسبب ما اعتبرته «غياب المعايير الموضوعية».

العريض يدافع
من جهة أخرى دافع العريض عن حكومته المؤقتة، واعتبر انها لم تفشل في مهامها، وأنها عملت بصمت لإصلاح الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية، وأنها حققت نجاحات خصوصاً في حملتها ضد الإرهاب.
وفي سياق آخر نفى العريض إمكانية ترشحه للانتخابات الرئاسية المقبلة، وقال: إن الأمين العام لحركة النهضة حمادي الجبالي لن يترشح بدوره للمنصب. الى ذلك، تتواصل اعمال العنف في بعض المناطق، ويتم الكشف عن استعدادات وترتيبات لمواجهات منتظرة. حيث كشف مسؤولون في وزارة الداخلية ان أجهزة الامن فككت «خلية إرهابية» متخصصة في صناعة القنابل اليدوية، تابعة لجماعة «أنصار الشريعة بتونس» والتي صنفتها الحكومة «تنظيماً ارهابياً» وأصدرت بطاقة جلب دولية ضد مؤسسها سيف الله بن حسين. وبحسب معلومات رسمية تم ايقاف كامل عناصر الخلية. وفي الوقت نفسه نفى المسؤولون ان يكون التنظيم استأنف مؤخراً نشاطاً دعوياً أو خيرياً في البلاد بعد حظره، وسط تأكيدات على انه تلقى ضربات موجعة متتالية بعد تفكيك جناحيه العسكري والامني واعتقال المسؤولين عنهما، وحجز الاسلحة التي هربها من ليبيا نحو تونس.
وفي تقارير لاحقة، اعتقلت الشرطة محمد العوادي رئيس الجناح العسكري في جماعة «أنصار الشريعة بتونس»، وقتلت عادل السعيدي الرجل الرابع في التنظيم خلال عملية خاصة نفذتها وحدات من جهاز مكافحة الارهاب غربي العاصمة.
وقالت وزارة الداخلية في بيان لها إن قوات مكافحة الارهاب قتلت خلال عملية خاصة وإثر تبادل كثيف لإطلاق النار مع مسلحين في إحدى الضواحي الغربية للعاصمة تونس، عادل السعيدي وعنصراً آخر «جار التعرّف على هويّته». وبالتزامن، اشتبكت قوات الجيش والامن التونسية مع متطرفين اسلاميين مسلحين ملاحقين عند سفح جبل الشعانبي بولاية القصرين، الذي اتخذه انصار القاعدة ملاذاً لهم قرب الحدود مع الجزائر. وقال المصدر ان فرقة من وحدات مكافحة الارهاب داهمت منزلاً في المدينة كانت تجتمع فيه عناصر ارهابية بينهم المسؤول الثاني في المجموعة مراد غرسلي.

تونس – «الاسبوع العربي»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق