أخبار متفرقة

جبهة عرسال تعود الى الواجهة: تمدد «داعش»… جهوزية الجيش… استنفار حزب الله

أفادت مصادر سياسية بقاعية بأن استنفاراً واسعاً يسود الجرود حالياً، وأبدت تخوفها من انفجار خطير يقترب، وذلك بحسب المعطيات الأمنية الظاهرة حالياً، وكشفت أن حزب الله أرسل تعزيزات عسكرية كبيرة الى المنطقة، ما ينبئ بتوتر كبير وببروز الجرود الى الواجهة العسكرية من جديد. في حين أكد مصدر أمني أن الجيش في أقصى جهوزيته، وهو في المرصاد للتنظيمين الإرهابيين («داعش» و«النصرة»)، لأنه يستهدف تحركاتهما يومياً بالمدفعية الثقيلة، خصوصا في جرود عرسال ورأس بعلبك، ويوقع قتلى وجرحى بأعداد كبيرة في صفوفهما، لافتاً الى أن أشرس المعارك تشهدها المنطقة منذ أيام، وأنه بات في جهوزية كبيرة لصد أي هجوم، خصوصاً بعد معلومات عن قيام ارهابيي «داعش» بتحريك خلاياه النائمة في عرسال، والتي تحوي شبكة قادرة على التحرك والرصد، فيما تنشط الأجهزة الأمنية وتأخذ في الاعتبار كل السيناريوهات العسكرية المحتملة.

ولفت المصدر الأمني الى أن جبهة عرسال متماسكة والتفوق العسكري واضح لمصلحة الجيش اللبناني الذي ينشر ما يزيد عن 4 آلاف جندي على تلال البلدة ويستخدم الصواريخ والأسلحة المتطورة لاستهداف المسلحين، إضافة الى أجهزة الرصد والمراقبة، مشيراً الى وجود تضخيم لما يحصل في الجرود.
منذ أسبوعين وردت معلومات مؤكدة الى الأجهزة الأمنية اللبنانية تفيد بأن «داعش» يريد التمدد أكثر فأكثر في لبنان. فقد أقام محكمة شرعية في جرود عرسال وتحديداً في منطقة وادي حميد، وعمل على بناء مدرسة لأبناء عناصره، كما أقام معامل تطريز للنساء في الجرود تعنى بصناعة البزات العسكرية وثياب خاصة بالحجاب. وبالنسبة الى المطلعين على شأن هذه الحركات، فإن ما يُقرأ من هذا التصرف هو أن «داعش» بدأ يرسم حدوداً لولايته في القلمون، ولا أحد يعلم بعد أين تبدأ خطوطها وأين تنتهي.
تقوم «داعش» منذ أشهر بخطوات عملانية في اتجاه السيطرة على البقعة العرسالية الممتدة حتى الحدود، من خلال عمليات قصف وخطف وتفجير استهدف «النصرة» والمجموعات العاملة معها هناك، ومنها تفجير مقر «هيئة علماء القلمون» الذي أدى إلى مقتل العديد من أركانها. وتقوم «داعش» بعملية إفراغ مبرمجة لتلك البقعة من عناصر «النصرة». وهي استفادت من الضيق المادي الذي تعانيه «الجبهة» لتغري العديد من عناصرها بالانتقال إلى صفوفها، وتمكنت من تحقيق هذا الهدف جزئياً.
واليوم، فيما يتلقى معارضو النظام دعوات إلى الانطلاق في مفاوضات تقرر مصير سوريا، تبحث القوى الإقليمية عن مصالحها. ولذلك، تحاول «داعش» وداعموها فرض حضورهم في اللعبة. ومنطقة القلمون وامتداداتها حتى عرسال مهمة جداً من الناحية الاستراتيجية، خصوصاً بعدما اطمأنّ النظام إلى إحكام قبضته على العاصمة، بدعم روسي.
وكانت تقارير أمنية عبّرت أخيراً عن شكوك في أن مجموعات من «داعش» تسللت إلى تلك البقعة، تحت ستار النازحين. وبدت لافتة كثافة الوافدين إلى مخيمات النازحين من فئة الرجال والشبان، لا النساء والأطفال والشيوخ. وهذا ما اعتبرته مراجع أمنية مؤشراً إلى أن هناك تسللاً لمجموعات «مكَوْدرة» بين النازحين الوافدين عبر ممرات غير شرعية في معظم الأحيان.
ويبدو أن «داعش» استطاعت، في معارك اليومين الفائتين، تحقيق تقدم في خطتها للسيطرة على البقعة اللبنانية من الحدود. فغالبية المعابر بين لبنان وسوريا باتت في يدها. ومن البديهي أن يكون هدفها التالي بلوغ مشارف عرسال، واحتلال المواقع التي تشغلها اليوم «جبهة النصرة». وهذا الأمر ستضغط «داعش» لتحقيقه.
يمكن اعتبار البقعة الممتدة من عرسال وجرودها وصولاً إلى الحدود اللبنانية – السورية جزءاً من مناخ الحرب الأهلية السورية، لا جزءاً من الحالة اللبنانية. ففي البلدة التي يصل عدد سكانها اليوم إلى أكثر من 90 ألف نسمة، ليس هناك سوى 35 ألفاً أو 40 ألفاً من أهلها اللبنانيين، والباقون نازحون من سوريا. ومخيمات السوريين في جوار البلدة باتت تضم حشوداً يصعب فيها إحصاء عدد الداخلين وعدد الخارجين. أما السيطرة في الجرود فكانت غالباً لـ «النصرة»، وصولاً إلى الحدود. ويقوم الجيش اللبناني في هذه البقعة بمنع تمدُّد المسلحين إلى مناطق أخرى، وخصوصاً في اتجاه البلدات المجاورة كالقاع ورأس بعلبك.
ويعتبر كل من «داعش» و«النصرة» أن المواجهة بينهما في هذه المنطقة هي جزء من المواجهة القائمة بينهما في سوريا. وفي ربيع العام الفائت، أحرزت «داعش» تقدّماً في عدد من المناطق السورية، ومنها القلمون، على حساب «النصرة». لكن «الجبهة» بقيت متفوّقة في المنطقة اللبنانية الحدودية وصولاً إلى عرسال. ولذلك، بدأت «داعش» تخطط لبسط نفوذها نحو جرود البلدة سعياً إلى تحقيق ثلاثة أهداف:
1- جعل المنطقة اللبنانية الحدودية خلفية آمنة لها.
2- توجيه ضربة جديدة إلى «النصرة» تؤدي إلى إضعافها.
3- الإمساك بورقة ضاغطة على الحكومة اللبنانية. فإذا سيطر التنظيم على البقعة الحدودية، أصبحت عرسال أسيرة له. وفي ذلك يكون قادراً على ممارسة الضغوط على لبنان ومن خلاله على القوى الدولية الراعية لاستقراره. وفي يد «داعش» أيضاً ورقة العسكريين المخطوفين.
ويبدو أن تقسيمات القلمون السابقة سقطت، وأن التوازنات الجديدة فرضت بدورها متغيّرات على أرض القتال، بحيث أصبح التقسيم الجديد قائماً بالطول وليس بالعرض، وبدلاً من القلمون الغربي والشرقي غدت معادلة التوازن بين «جبهة النصرة» وتنظيم «داعش» قائمة على القلمون الشمالي والجنوبي، وهذا يعني بوضوح أن التوسع سيطاول الأراضي اللبنانية. ورغم أن طموح «داعش» في ذلك معروف، يبدو أن هذا الأمر بالنسبة الى «النصرة» مستحدثاً في سياق المبارزة والمنازلة مع الخصم الفقهي والشرعي بعد أن كانت تتمسك بنظرية لبنان «أرض نصرة» وليس «أرض جهاد».
واليوم لم يعد توسع كل من التنظيمين شرقاً وغرباً ضمن الأراضي السورية فقط وليس نحو درعا ولا ريف حمص، إذ إن بعض الأراضي اللبنانية أصبحت في عين هذه الطموحات، خصوصاً أن المنطقة الممتدة من عرسال الى رأس بعلبك فالقاع والفاكهة هي جزء من القلمون الشرقي المسيطر عليه من قبل «داعش»، أما جرود بريتال ويونين ونحلة فهي امتداد للقلمون الجنوبي المسيطر عليه من قبل «جبهة النصرة». ويكفل هذا التقسيم التوصل الى فهم ما جرى مؤخراً في رأس بعلبك من جهة وفي جرود بريتال من جهة أخرى، وتحديداً في موقع عين الساعة المتقدم في السلسلة الشرقية والمشرف على الزبداني والذي من خلاله يؤمن حزب الله طريق بريتال – الطفيل لتسهيل نقل عتاده وعديده الى العمق القلموني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق