افتتاحية

اطلقوا لبنان من سجنه وحرروه

… واخيراً حقق المعطلون حلمهم فشلّت الدولة وتوقف العمل في كل مؤسساتها الدستورية. رئاسة الجمهورية في فراغ منذ سنة وثلاثة اشهر، دون ان يرف للمعطلين جفن. لقد اضاعوا كل حس بالمسؤولية الوطنية، ونحروا مصلحة البلد على مذبح مصالحهم الشخصية. حتى الحياء لم يعد له مكان في تصرفاتهم، فهم يعملون ويتصرفون دون اي خجل ضد الوطن وضد الشعب اللبناني بأسره، مستفيدين من غياب المحاسبة. فالنواب الذين يفترض فيهم ان يسهروا على مصالح الشعب وحقوقه ويحاسبوا، هم ايضاً بحاجة الى من يحاسبهم خصوصاً وانهم فقدوا تمثيلهم منذ زمن بعيد، بعد ان مددوا لانفسهم مرتين ضاربين عرض الحائط بارادة الشعب الذي انتخبهم.
والشعب الذي يفترض فيه ان يحاسب النواب ويطالبهم بجردة حساب عما فعلوه لاجله، مشلول الارادة، مخدر، عجزت كل هذه السياسة الخرقاء المتبعة في ايقاظه من غفوته.
اما مؤسسة المجلس النيابي، مصدر التشريع، وهكذا يفترض بها ان تكون، فهي ايضاً معطلة ولا من يتحرك. هناك قوانين وهبات ومساعدات يمكن ان يستفيد منها لبنان واللبنانيون، كلها متوقفة ومجمدة، لان المعطلين لا يريدون ان يستأنف المجلس النيابي نشاطه.
قد يكون تعطيل المجلس النيابي محقاً، ذلك انه وفق الدستور لا يحق له ان يشرع او ان يقوم بأي نشاط، الا الاجتماع وانتخاب رئيس للجمهورية. ولكن في لبنان ضاعت كل المقاييس، وابتدعوا ما يسمونه «تشريع الضرورة». فطالما انهم قادرون على الاجتماع ومناقشة مشاريع القوانين، فلماذا لا يجتمعون وينتخبون رئيساً للجمهورية، فتستقيم الامور وتدب الحركة من جديد في مؤسسات الدولة؟
الجواب اصبح واضحاً، فهم مسلوبو الارادة غير قادرين على التحكم بقراراتهم، بل ينفذون اوامر وايحاءات تصدر اليهم من الخارج.
بقيت مؤسسة مجلس الوزراء تعمل ولو بالحد الادنى الادنى، فاصروا على تعطيلها وكان لهم ما ارادوا، بحجة انهم يدافعون عن حقوق ضائعة، وهذه الحقوق يعرفها جميع اللبنانيين باستثناء الذين على عيونهم غشاوة، فتعطل النظر عندهم. هذه الحقوق تتمثل بمناصب تدغدغ احلام المعطلين الذين رغم اقتناع الجميع بانها بعيدة التحقيق، فهم لم يستسلموا وبقوا سائرين في مخططاتهم، غير عابئين بمصالح الناس.
هم لا يكتفون بذلك، بل يستمرون في اطلاق التهديد والوعيد، فكأن لبنان تحول الى محمية لهم يتصرفون بها حسبما يشاءون، دون ان يحسبوا حساباً لبقية الشرائح اللبنانية.
ماذا يفيد حل ازمات النفايات والكهرباء والمياه النزول الى الشارع والتظاهر وتعطيل مصالح الناس وسد ابواب الحل الذي يجب ان يكون سريعاً قبل ان يداهم خطر النفايات الصحة العامة، وهم يتحركون تحت شعار البحث عن آلية عمل مجلس الوزراء؟ افليس من الاجدى ان يدخلوا مجلس الوزراء ويناقشوا الازمة من جميع جوانبها ويجدوا حلولاً لها؟
وماذا يفيد الوطن التسونامي البشري الذي هددوا به، متسلحين بجرعة دعم تلقوها من امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله في خطابه الاخير؟ هل ان الفوضى تساهم في تسهيل حياة اللبنانيين؟ ثم من يقول ان الفريق الاخر المستهدف بهذه التحركات لن يوعز الى انصاره بالنزول الى الشارع ومواجهة هؤلاء؟ افلا يعني ذلك ان هناك مخططاً لاشعال فتنة طائفية تقضي على اخر امل لهذا البلد بان ينهض؟
لقد امل كثيرون من زيارة وزير خارجية ايران جواد ظريف الى لبنان وتوقع البعض انه حمل معه حلاً لانتخابات رئاسة الجمهورية. غير ان خطاب السيد نصرالله بمناسبة الانتصار الكبير، جاء يقضي على هذا الامل، ويؤكد ان القوى الاقليمية لم تفرج بعد عن انتخابات رئاسة الجمهورية. فهي لا تزال ترغب ببقاء الوضع على حاله، لتبقى ممسكة بورقة الرئاسة اللبنانية، الى ان تتحقق اهدافها الكامنة وراء هذا التعطيل.
لقد قال السيد نصرالله اي انتخابات لرئاسة الجمهورية يجب ان تمر عبر العماد عون، وهو يعلم ان هذا الشرط مرفوض من كل اللبنانيين، او على الاقل من معظهم غير ان التصريح به هو رد على الذين تفاءلوا بزيارة ظريف وتوقعوا انه حمل الحل. هل من الحكمة رهن مصير بلد وشعب بشخص رجل واحد، فشلوا منذ خمسة عشر شهراً في تسويقه؟
الى الجميع نقول اطلقوا لبنان من سجنه وحرروه ليعود ويلعب دوراً طالما اشادت به الدول الاقليمية والدولية. واتركوا هذه الورقة التي تتلاعبون بها على حساب شعب.

«الاسبوع العربي»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً

إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق