رئيسي

الحرب على النيل بين مصر و اثيوبيا الى مجلس الامن

«النهضة» هو اسم السد المائي العملاق الذي تريد اثيوبيا، ان تبنيه، قرب الحدود مع السودان، لانتاج طاقة كهربائية، تساعد على انماء مناطق شاسعة في البلد، ولكن القاهرة تعتبر ان هذا المشروع يخالف الاتفاقات القائمة، والسبب هو ان معاهدات دولية تربط كل الدول التي يعبر فيها النيل، تمنع تخفيض كميات المياه التي تصل الى البحر الأبيض المتوسط. والسبب الآخر، هو ان لمياه نهر النيل أهمية استراتيجية في تأمين معيشة عشرات الملايين من المصريين، وان هذه المعاهدات تعطي مصر 90 في المئة من مياه النيل.
من هنا انطلقت المحادثات التي جرت مؤخراً، في الخرطوم، عاصمة السودان بين مبعوثين مصريين واثيوبيين، فإصطدم الفريق المصري، برفض حاسم من الاثيوبيين التراجع، فردت القاهرة مهددة، وقال وزير الطاقة المائية المصرية، ان القاهرة سترد بتصعيد “ديبلوماسي”، ينطلق من “ابلاغ اثيوبيا رفض مشروع السد”، ليصل الى تقديم شكوى الى مجلس الامن، والحصول على “تصويت يوقف هذا الخرق الصارخ للقوانين الدولية حول مياه الانهر الدولية”.
وسيقوم السد الاثيوبي الذي تعمل اثيوبيا على اقامته في منطقة “بنيسها نفون – غوموز”، على مسافة 40 كلم من الحدود السودانية، ليكون اكبر مشروع لانتاج الطاقة الكهربائية من الماء في افريقيا، 6000 ميغاوات واحتياط 63 مليار متر مكعب من المياه. وتقدر كلفة المشروع، المقرر ان ينتهي في سنة 2018 بحوالي 5 مليارات دولار.

مشروع ضخم
وتقضي الخطط الاثيوبية، بتأمين الطاقة الكهربائية للعاصمتين اديس ابابا والخرطوم، بينما تخاف مصر ان تدفع الثمن، بسبب كمية المياه اللازمة لملء حوض السد وخطر تبخرها.
ولاعطاء فكرة عن ضخامة هذا المشروع، يكفي التفكير بأن سعة هذا الحوض توازي كمية المياه التي تتدفق من السودان الى مصر، أي حوالي 65,5 مليار متر مكعب في السنة.
وفي هذا الاطار قول لأب المؤرخين، اليوناني هيرودوتوس، قبل 2500 سنة: “ان مصر هبة النيل”. في معنى ان مصر تزول من الوجود من دون النيل. وعملت مصر دائماً بوصية هيرودوتوس واحتفظت بالنيل لوحدها. وكانت اسرائيل قد انضمت في محاولات سابقة الى جوقة الطامعين بمياه النيل، مطالبة ب “حصة” حددتّها  ب 0,5 في المئة يجري تحويلها الى اراضيها، بواسطة شبكة من الانابيب والأقنية والأنفاق، تقول انها مستعدة لتحمل كلفتها.
وقد يتساءل غير العارفين ماذا عساه ان يشكل هذا النصف في المئة بالنسبة الى اطول نهر في العالم، الذي يولد في بحيرة فيكتوريا، في يوغندا، حيث يعرف بإسم “النيل الابيض” ثم “يصعد” الى سهول اثيوبيا، ليصبح “النيل الازرق” في السودان، قرب الخرطوم. ثم “يغسل” مصر كلها، قبل ان يصب في البحر الابيض المتوسط، بعد مسار طوله 1667 كلم.

اطماع اسرائيلية
موشه اسرائيلي رئيس الفريق الاسرائيلي في “حرب المياه”، التي نشبت منذ ثلاثين سنة يترجم هذا النصف في المئة، بنصف مليار متر مكعب، يحل مشاكل اسرائيل المائية، ويؤكد ان المشروع ممكن على الصعيد التقني، ولكنه لن يتم، لأن مصر غير مستعدة لمثل هذا النوع من التطبيع، بالرغم من مرور حوالي 30 سنة على توقيع معاهدة سلام مع اسرائيل.
واذا كان السودان واثيوبيا، سعيا عبثاً الى تعديل معاهدة موقعة منذ سنة 1929، تعطي مصر حقوق استغلال النيل كلها لوحدها، فليس مسعى اسرائيل للحصول على بعض مياه النيل بالأمر الجديد ولن يكون الاخير. فإنه سبق ان سعت في اطار معاهدة كامب دايفيد، في سنة 1978 وتوصلت الى اقناع انور السادات ب “بيعها” بعض هذه المياه، ولكنه اضطر الى التراجع تحت وطأة ضغوط داخلية. وفي نية اسرائيل ربما ان تعاود الكرة، بعد توقيع اتفاقية السلام مع الفلسطينيين. وفي الانتظار يقول الاسرائيليون: “ان كل واحد يتدبّر امره كما يريد”، اي ان يخوض حرب المياه على طريقته.

جوزف صفير
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق