أبرز الأخبارسياسة عربية

رحيل خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز

رحل خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز عاهل المملكة العربية السعودية عن عمر ناهز التسعين. فنعاه ولي العهد الامير سلمان بن عبد العزيز الذي اصبح ملكاً والاسرة المالكة كما نعاه قادة الدول والعالم والامين العامين العام للامم المتحدة.

وصدر من الديوان الملكي  البيان الآتي:
«ببالغ الأسى والحزن ينعي صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير سلمان بن عبد العزيز آل سعود وكافة أفراد الأسرة والأمة، خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز آل سعود حيث وافته المنية في تمام الساعة الواحدة من صباح هذا اليوم الجمعة الموافق 3/4/1436هـ /إنا لله وإنا إليه راجعون/.
تغمد الله خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز بواسع رحمته وغفرانه وأسكنه فسيح جناته، وعزاؤنا تمسك هذه الأمة بدينها القويم، فجزاه الله عن الإسلام وعن هذه الأمة وعن المسلمين كافة خير الجزاء.
وقد تقرر الصلاة على خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز – رحمه الله – بعد صلاة عصر هذا اليوم الجمعة في جامع الإمام تركي بن عبدالله في مدينة الرياض. ولله الأمر من قبل ومن بعد».

كما صدر عن الديوان الملكي البيان الآتي:
«تلقى صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود البيعة ملكاً على البلاد وفق النظام الأساسي للحكم. وبعد إتمام البيعة ، وبناءً على البند (ثانياً) من الأمر الملكي رقم أ/86 وتاريخ 26/5/1435هـ ، الذي نص على أن يبايع صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز آل سعود ولياً للعهد في حال خلو ولاية العهد، دعا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز ملك المملكة العربية السعودية – يحفظه الله – لمبايعة صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبد العزيز ولياً للعهد، وقد تلقى سموه البيعة على ذلك. وستبدأ البيعة من المواطنين لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز ولسمو ولي عهده الأمير مقرن بن عبد العزيز – يحفظهما الله – بقصر الحكم في الرياض بعد صلاة عشاء هذا اليوم الجمعة 3/4/1436هـ بمشيئة الله تعالى».

الملك الاصلاحي
يعد العاهل السعودي عبدالله بن عبد العزيز الذي توفي فجر الجمعة اصلاحياً حذراً تمكن من الحفاظ على اكبر قوة نفطية في العالم بعيداً عن الاضطرابات التي عصفت بالعالم العربي طوال السنوات الاربع الماضية.
والملك عبدالله الذي توفي عن تسعين سنة تقريباً (عمره غير معروف بشكل محدد)، كان صعد الى سدة الحكم مع وفاة اخيه الملك فهد في 2005، الا انه كان يدير شؤون المملكة بحكم الامر الواقع من سنوات .
وبعد خضوعه لعمليات جراحية عدة خلال السنوات الاخيرة، قلل الملك عبدالله من ظهوره في المناسبات العامة، وكان يمثله ولي العهد الامير سلمان بن عبد العزيز البالغ من العمر 77 سنة والذي تمت مبايعته ملكاً.
وعبدالله الذي كان معروفاً ببساطته وايمانه، عزز صورته كملك نزيه وقريب من الناس.
وقال دبلوماسي غربي ان «الملك عبدالله هو الملك الاكثر شعبية منذ الملك فيصل» الذي قتل في 1975.
والمملكة التي تحتضن على ارضها الحرمين الشريفين، واجهت بحزم المجموعات المتطرفة وانضمت خلال عهد عبدالله الى التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الاسلامية وشاركت في الضربات الجوية ضد المتطرفين.
وحذر الملك عبدالله الغرب بشدة من خطر المتطرفين اذا لم يتم اتخاذ تدابير حازمة ضدهم، معتبراً ان خطر هؤلاء قد يصل الى اوروبا واميركا في غضون اشهر.
وفي الوقت عينه، وضعت المملكة في عهد عبدالله ثقلها من اجل حماية حصتها من سوق النفط في مواجهة تنامي انتاج النفط الصخري في اميركا الشمالية.
وتحت تأثير المملكة، امتنعت منظمة الدول المصدرة للنفط عن اتخاذ قرار بخفض مستويات الانتاج بالرغم من انخفاض الاسعار.
وعلى الساحة الداخلية، قاد الملك عبدالله مشروعاً اصلاحياً حذراً اذ حاول التوفيق بين جناح ليبرالي مؤيد للتطوير والمؤسسة الدينية البالغة النفوذ في المملكة المحافظة جداً.
وفي 2005، نظم الملك اول انتخابات بلدية جزئية ومنح المرأة الحق في التصويت خلال العملية الانتخابية المقبلة في 2015.
وخفف الملك عبدالله ايضاً من سطوة الشرطة الدينية وادخل اصلاحات الى قطاع التربية، كما افتتح في 2009 جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (كاوست)، وهي اول جامعة مختلطة في المملكة.

حماية السعودية
وتمكن الملك عبدالله خصوصاً من حماية بلاده من العاصفة التي هبت على العالم العربي في 2011. واستخدم العاهل السعودي الراحل الثورة الضخمة لبلاده من اجل اتخاذ تدابير ترضي المواطنين، وخصص 36 مليار دولار من اجل خلق الوظائف وبناء الوحدات السكنية ولمساعدة العاطلين عن العمل.
وبالرغم من انخفاض اسعار النفط في النصف الثاني من 2014، امر الملك عبدالله بالابقاء على مستويات انفاق مرتفعة في ميزانية العام 2015، وذلك خصوصاً للحفاظ على السلم الاجتماعي.
والملك عبدالله الذي عرف بدفاعه عن النظام العربي القائم، استقبل على ارض المملكة الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي، ولم يرحب باسقاط الرئيس المصري السابق حسني مبارك.
ودعم الملك عبدالله بقوة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بعد عزل الرئيس الاسلامي محمد مرسي في تموز (يوليو) 2013، كما اعتبرت المملكة جماعة الاخوان المسلمين التي ينتمي اليها مرسي «منظمة ارهابية».
وعلى المستوى الاقليمي، اطلق الملك عبدالله مبادرة السلام العربية مع اسرائيل، وهي المبادرة التي رفضتها الدولة العبرية.
كما حاول الملك عبدالله باستمرار مواجهة تمدد النفوذ الايراني.
واظهرت تسريبات موقع ويكيليكس ان الملك عبدالله كان حازماً في موقفه من ايران.
وبالرغم من التحالف القوي مع الولايات المتحدة، لم يتوان الملك عبدالله عن توجيه انتقادات لاذعة الى واشنطن لا سيما عندما اشار الى «الاحتلال غير الشرعي» للعراق من قبل القوات الاميركية.
والملك عبدالله الذي ولد في الرياض، هو الابن الثالث عشر للملك عبد العزيز، مؤسس المملكة.
وكان عبدالله قريباً من القبائل التي كانت المصدر الرئيسي لعناصر الحرس الوطني الذي قاده طول عقود قبل ان يسلمه الى نجله الامير متعب.
والملك عبدالله كان يستمتع بقضاء الوقت مع رجاله، وادى معهم مرات عدة رقصة العرضة مع علم سعودي على كتفه والسيف في يمينه.
ومثلت العرضة باستمرار رمزاً للالتفاف الوطني حول اسرة آل سعود الحاكمة.

نعي روساء العالم
ونعى العديد من رؤساء وملوك الدول في مختلف أنحاء العالم العاهل السعودي الراحل، الملك عبدالله بن عبد العزيز.
واضطر عدد من قادة الدول العربية المشاركين في «منتدى دافوس» الاقتصادي، إلى مغادرة سويسرا والتوجه إلى المملكة العربية السعودية، للمشاركة في تشييع جثمان الملك الراحل إلى مثواه الأخير، في مراسم من المقرر أن تجري بعد صلاة عصر الجمعة.
ففي المملكة الأردنية، أعلن الديوان الملكي الهاشمي الحداد في «البلاط الملكي» لمدة 40 يوماً، اعتباراً من الجمعة، فيما أكدت وكالة «بتر» للأنباء أن العاهل الأردني، الملك عبدالله الثاني، قطع زيارته للمدينة السويسرية ليتوجه إلى المملكة العربية السعودية.
كما نعى الرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي، الملك الراحل، وذكر بيان لرئاسة الجمهورية أن «الأمة العربية» فقدت «زعيماً من أبرز أبنائها، طالما أعطى الكثير لشعبه وأمته، متحلياً بالحق والعدل والنخوة وشجاعة الكلمة»، وأكد أن الشعب المصري لن ينسى «مواقفه التاريخية».
ونعى رئيس دولة الإمارات، الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، «أخاه خادم الحرمين الشريفين»، واصفاً إياه بأنه كان «زعيماً من أبرز أبناء الأمتين العربية والإسلامية»، وأمر بإعلان الحداد لمدة 3 أيام، وتنكيس الأعلام على جميع الدوائر الرسمية داخل الدولة والبعثات الدبلوماسية في الخارج.
وكذلك أعلن رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، الحداد لمدة ثلاثة أيام على الملك السعودي الراحل، فيما تقدم الأمين العام لجامعة الدول العربية، نبيل العربي، في بيان أورده موقع «أخبار مصر»، التابع للتلفزيون الرسمي، بـ «خالص العزاء» إلى الأسرة المالكة والشعب السعودي.
على الصعيد الدولي، عبر الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، عن تعازيه في وفاة الملك عبدالله، لافتاً إلى أن المملكة السعودية حققت تحت قيادته «تقدماً ورخاءً ملحوظاً» لشعبها، معتبراً أن العالم فقد واحداً من أبرز دعاة ومناصري الحوار بين الأديان والعقائد المختلفة.
كما تقدم رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، بتعازيه إلى الأسرة المالكة والشعب السعودي.
وفي واشنطن عبر الرئيس الاميركي باراك اوباما عن تعازيه في وفاة العاهل السعودي الملك عبدالله مشيداً بدور الملك الراحل في توثيق الروابط بين الولايات المتحدة والسعودية.
وقال اوباما في بيان «كزعيم كان دائماً أميناً ولديه الشجاعة في قناعاته… إحدى تلك القناعات كان ايمانه الراسخ والحماسي بأهمية العلاقة الاميركية – السعودية كعامل للاستقرار والامن في الشرق الاوسط وخارج المنطقة».
واضاف قائلاً «حميمية وقوة الشراكة بين بلدينا هي جزء من إرث الملك عبدالله».
وقال اوباما ان البلدين الحليفين «عملا معاً لمجابهة تحديات كثيرة وكنت دائماً أحترم رؤية الملك عبدالله وأقدر صداقتنا الاصيلة والحميمة».

الوكالات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق