افتتاحية

يا اهل السياسة اتعظوا؟

اعلن وزير الدفاع الالماني قبل ايام ان بلاده قررت تقديم مساعدات الى الاردن لمساعدته على تحمل اعباء اللاجئين السوريين المتواجدين على ارضه. وفي كل يوم تصدر تصريحات عن عدد من الدول، تعلن فيها انها قررت تقديم مساعدات الى الاردن وتركيا، اما لبنان فلا يذكر الا من باب رفع العتب. فلماذا؟
بالطبع نحن نرحب بأي مساعدات تقدم الى الاردن وتركيا، لانهما يتحملان اعباءمن جراء تواجد اعداد كبيرة من اللاجئين السوريين على اراضيهما. ولكن ماذا عن لبنان، ولماذا هذا الاحجام عن مساعدته، وهو الذي يتحمل العبء الاكبر من جراء هذه الازمة، التي دمرت اقتصاده وزادت عجز مدفوعاته، والاهم انها تهدد امنه؟ فالاحصاءات الرسمية تشير الى ان سبعين بالمئة من نزلاء السجون اللبنانية هم من السوريين. فاين المساعدات التي وعد بها لبنان؟
لقد عقدوا المؤتمرات، وتباروا في اظهار الكرم، واعلنوا انهم سيقدمون المليارات من الدولارات لاعانة هذا البلد، على تحمل هذا العبء الضخم. فماذا كانت النتيجة؟
ان لبنان لم يتسلم الا النزر اليسير من المساعدات، رغم المطالبات والنداءات، وبقيت قرارات المؤتمرات التي عقدت في بعض الدول من اجل مساعدة لبنان. حبراًعلى ورق، حتى الامين العام للامم المتحدة، بان كي مون، وجه نداء لمساعدة لبنان، لان ما يتحمله بات اكبر من قدرته على التحمل، غير ان احداً لم يتجاوب واداروا كلهم الاذن الصماء. فلماذا؟
ولم يكتف المجتمع الدولي بالتزام الصمت، بل عمد الى توجيه اللوم والانتقاد للبنان لانه اراد ان يضبط حدوده وينظم الدخول السوري الى اراضيه للتخفيف من انتشار الجريمة. وانبرت المنظمة الدولية المعنية بشؤون اللاجئين تنصب نفسها وصية على لبنان، وتدخلت في شؤونه، وجهت اليه الانتقادات، بعد ان كانت قد تولت احصاء الدخول السوري، وساهمت في هذا السيل غير المسبوق الى اراضيه، وساعدت على تدمير اقتصاده. وكانت قد وقفت الموقف عينه في السابق بالنسبة الى ازمة اللاجئين الفلسطينيين، وهي بهذه المواقف، وبدل ان تساعد اللاجئين، شاركت في تدمير اقتصاد لبنان وضرب امنه، فمن المسؤول؟
لقد اراد لبنان ان يضع حداً لهذه الفوضى القائمة على الحدود مع سوريا، وترك الامور فالتة، حفاظاً على امنه واستقراره، فانكروا عليه هذا الحق. لماذا؟
ان الجواب الوحيد على كل هذه التساؤلات، هو ضعف المسؤولين والسياسيين اللبنانيين وعدم الثقة بهم وهم وحدهم مسؤولون عن هذا الاهمال للبنان واستضعافه. فالدول الكبرى لم تعد تثق بهم، وباتت تخشى من الا تصل المساعدات الى لبنان في حال قدمتها، والا تستفيد منها الخزينة، بل تحط في جيوب بعض السياسيين والسماسرة. اين اموال مؤتمرات باريس وما هي المشاريع التي نفذت بهذه الاموال؟
ماذا فعلوا لسد دين الخزينة الذي يتفاقهم يوماً بعد يوم؟ وما هي التدابير التي اتخذت في هذا المجال؟ لقد عصفت بهم الخلافات الى درجة، انهم لم يعودوا يفكرون الا بمصالحهم الخاصة، بعيداً عن مصلحة الوطن، الذي اذا غرق، وقد بات على حافة الانهيار، غرقوا كلهم واقفلت بوجههم ابواب الخيرات التي يغنمونها، فلا يعود لديهم ما يختلفون عليه.
لماذا لا يوقعون المراسيم المتعلقة باستخراج النفط والمباشرة بالتنفيذ، وهو الباب الوحيد الذي ينقذ الخزينة ويسد العجز. لقد سبقتهم اسرائيل بسنوات، وبدأت تستفيد من غازها وربما من غاز لبنان الذي تسرقه، ومعروف عنها يدها الطويلة، فمتى يتفقون على تقاسم الحصص، فيأخد كل طرف منهم حصته ويتركون النزر اليسير الذي يتبقى للدولة لتستفيد منه، هذا اذا بقي شيء، فتسد ديونها؟
الاسئلة كثيرة والشبهات كبيرة، واللبناني يعرف كل شيء ولكنه صامت ساكت، صمت اهل الكهف. وما دام الامر هكذا فلن يكون لنا دولة، وربما لن يكون لنا وطن. فهل تتعظون؟

«الاسبوع العربي»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً

إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق