سياسة عربية

«نداء تونس» تعلن تحقيق الاغلبية البرلمانية، والجولة الانتخابية الثانية تدخل مرحلة كسر العظم

المتابعون لتطورات الملف السياسي في تونس يتوقفون عند تغيير في اللهجة بين السياسيين الذين يتصدرون المشهد. اقل مراتب التغيير في اللهجة تبادل الاتهامات، وارتفاع وتيرة الحديث عن تزوير محتمل للجولة التالية من الانتخابات التي ستجري نهاية الاسبوع المقبل.

التغيير في اللهجة جاء متزامناً مع تأكيدات اطلقها حزب نداء تونس الذي تصدر النتائج الانتخابية تشريعياً ورئاسياً بانه حقق الاغلبية التي تمكنه من تشكيل الحكومة دون ائتلاف مع حركة النهضة الاسلامية.
فبينما أعلن رئيس الوزراء التونسي مهدي جمعة أن حكومته مستعدة لتنظيم الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية المفترض إجراؤها نهاية الأسبوع المقبل، حذر الرئيس المنتهية ولايته محمد المنصف المرزوقي من احتمال حدوث تزوير.
وشدد جمعة في كلمة ألقاها أمام البرلمان قبل مناقشة قانون الموازنة العامة قبل ايام، على أن إنجاح المسار الانتقالي والعملية الانتخابية من أبرز أولويات الحكومة، مشيراً إلى أن السلطات سخرت 60 عنصراً أمنياً وعسكرياً لضمان حسن سير العملية الانتخابية.
واعتبر رئيس الحكومة أن «تونس تتميز بإشعاع إقليمي ودولي جعلها نموذجاً في الانتقال الديموقراطي السلمي وذلك بفضل الأحزاب والمنظمات الوطنية والحوار الوطني الذي جنّب البلاد خطر الانزلاق الى مربع العنف والصدام».
وأوضح جمعة أن مشروع موازنة الدولة يرتكز على فرضيات موضوعية وحذرة تهدف الى تحقيق نسبة نمو بحدود 3 في المئة وتقليص العجز والزيادة في النفقات المخصصة للتنمية. وتطرق في بيانه الوزاري الى المشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي تعاني منها البلاد منذ الانتفاضة الشعبية التي أنهت حكم الرئيس السابق زين العابدين بن علي منذ 4 سنوات.

قانون الموازنة
وتعتبر الجلسة العامة التي تُخصص لمناقشة قانون الموازنة أول جلسة يناقش فيها البرلمان الجديد قانوناً أساسياً منذ افتتاح أعماله الأسبوع الماضي. ويفرض الدستور على المجلس المصادقة على قانون الموازنة قبل 10 كانون الأول (ديسمبر) من كل سنة.
في سياق آخر، حذر الرئيس المنتهية ولايته والمرشح الرئاسي محمد المنصف المرزوقي، في خطاب له امام انصاره بالعاصمة التونسية، من حصول تزوير في الدورة الرئاسية الثانية المقررة في 21 كانون الأول (ديسمبر) الجاري والتي ينافسه فيها مرشح حزب «نداء تونس» العلماني الباجي قائد السبسي.
واتهم المرزوقي «نداء تونس» ومنافسه السبسي بأن «أموالاً قذرة تقف وراءه وتسانده».
وحذر المرزوقي أنصاره «من أي عملية تزوير»، مضيفاً «انه لا مشكلة لديه في نجاح الطرف الآخر،  لكن المشكلة أن ينجح بالتزوير» داعياً إلى أخذ الحيطة والحذر من أي عملية تزوير محتملة.
في المقابل، عبّر حزب نداء تونس في بيان أصدره، عن استغرابه من تصريحات المرزوقي، معتبراً أن ذلك يُعدّ تشكيكاً في صدقية الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات وتهديداً للسلم والأمن الاجتماعيين.
ودعا «نداء تونس» الهيئة العليا المستقلة للانتخابات إلى أخذ الإجراءات القانونية ضد هذه التجاوزات والتهديدات الخطيرة، واضعاً تصريحات المرزوقي ضمن اطار عدم القبول المسبق بنتائج الانتخابات الرئاسية في دورتها الثانية وحضّاً على إدخال البلاد في الفوضى.
وقال المرزوقي «رجوعُ المنظومة القديمة ليس فقط قضية استبداد وقضية بوليس يمكن أن يعود الى عاداته القديمة، القضيةُ أخطر من هذا. وراء هؤلاء الناس ثمة أموال قذرة وإرادة لمواصلة استنزاف خيرات هذا الشعب وثمة إرادة لمواصلة الفساد وراءهم عصابات المال التي استنزفت خيراتكم طيلة 50 سنة وهي المسؤولة عن الفقر والتهميش الآن».
ويعتبر المرزوقي ان حزب نداء تونس الذي أسسه في 2012 الباجي قائد السبسي يمثل امتداداً لمنظومة حكم الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي الذي اطاحته الثورة مطلع 2011.
ويضم هذا الحزب منتمين سابقين لحزب التجمع الحاكم في عهد بن علي (1987/2011) بالاضافة الى يساريين ونقابيين. ومنذ مدة يتبادل قائد السبسي والمرزوقي اتهامات في وسائل اعلام او في تجمعات لأنصارهما.

مؤيدو المرزوقي
وصرح قائد السبسي مؤخراً ان الذين صوتوا للمرزوقي في الدور الاول من الانتخابات الرئاسية هم «الإسلاميون» و«السلفيون الجهاديون» و«رابطات حماية الثورة».
وهذه الرابطات هي مجموعات محسوبة على الاسلاميين، حلها القضاء التونسي في أيار (مايو)  الماضي لضلوعها في اعمال عنف استهدفت اجتماعات ونشطاء احزاب معارضة علمانية.
وبعد الثورة، شهدت تونس صعود تيار سلفي جهادي مسلح نسبت اليه السلطات هجمات قُتِل فيها عشرات من عناصر الجيش والشرطة.
الى ذلك، أعلن حزب «نداء تونس» العلماني الفائز بالانتخابات التشريعية التونسية الاخيرة انه أصبح يحظى بأغلبية برلمانية تؤهله تشكيل الحكومة المقبلة من دون أن يضطر للتحالف مع حركة النهضة الاسلامية التي حلت ثانية في الانتخابات.
وأورد الطيب البكوش امين عام نداء تونس في تصريحات صحفية، إن حزبه أصبح يحظى بأغلبية تتراوح بين 115 و120 من إجمالي مقاعد البرلمان الـ 217، أي أكثر من الاغلبية اللازمة قانوناً لتشكيل الحكومة، وهي 109 مقاعد.
وأفاد أن نداء تونس ( 86 مقعداً)  تمكن من بلوغ هذه الاغلبية بفضل «مساندة» أحزاب «الاتحاد الوطني الحر» (16 مقعداً) و«آفاق تونس» (ثمانية مقاعد) و«المبادرة» (3 مقاعد) ومستقلين ممثلين في البرلمان.
وأضاف أن نداء تونس لن يشرك حركة النهضة (69 مقعداً) في الحكومة المقبلة التي منحها دستور تونس الجديد صلاحيات واسعة مقابل صلاحيات محدودة لرئيس الجمهورية. واعتبر البكوش ان حركة النهضة «اختارت ان تكون في المعارضة لانها اختارت رئاسة لجنة المالية» في البرلمان المنبثق عن الانتخابات التشريعية التي أجريت يوم 26  تشرين الاول (اكتوبر) الماضي.
وقال ان الحركة «أصرّت على رئاسة لجنة المالية، ومعروف في التقاليد البرلمانية ان الذي يرأس لجنة المالية هو الحزب المعارض يعني الحزب الثاني، والنهضة هي الحزب الثاني في البرلمان، وقد اختارت ان ترأس هذه اللجنة يعني انها اختارت ان تبقى في المعارضة». ومن المفترض ان يعلن نداء تونس عن تشكيلة الحكومة بعد نتائج الدورة الثانية للانتخابات الرئاسية المقررة يوم 21  كانون الاول (ديسمبر).

تونس – «الاسبوع العربي»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق