سياسة عربية

تونس: اتصالات لتشكيل حكومة ائتلافية قد لا تضم الاسلاميين

يجمع المتابعون للشان الانتخابي في تونس، على اعتبار التجربة التي جرت قبل ايام تجربة ناجحة. ويتوقف المحللون عند الروح الرياضية العالية التي تمتعت بها الاحزاب المشاركة في الانتخابات التشريعية، حيث تقبلت الاحزاب والحركات السياسية النتائج برحابة صدر. وبروح رياضية عالية.

اولى المحطات في هذا السياق، تقبل حركة النهضة الاسلامية التي كانت توصف بانها متشددة، والتي جوبهت ببعض الخصومات من تيارات اخرى، حلولها في المرتبة الثانية. وتقديم قياداتها التهاني لـ «الخصم اللدود» «حركة نداء تونس» التي تمثل التيار الليبرالي. والتي تضم مجموعة من رموز النظام السابق الذي قامت الثورة من اجل اطاحته (نظام زين العابدين بن علي).
اما ثاني المحطات، فقد تمثلت بتاكيد حركة نداء تونس بانها لن تحكم منفردة، وانها ستتواصل مع تيارات اخرى من اجل تشكيل الحكومة.
بالطبع، بدأت الاتصالات – غير الرسمية – بين الاحزاب والتجمعات والحركات، من اجل استطلاع فرصة المشاركة في الحكم. لجهة ان حزباً واحداً، أو حركة واحدة، لا يمكنها ان تشكل الحكومة منفردة. حيث حصلت حركة نداء تونس على 84 مقعداً  (بنسبة تقل عن 39 بالمائة). وبالتالي فإنها بحاجة الى التآلف مع حزب او مجموعة احزاب لتشكيل اغلبية تمكنها من الحكم.

هامش واسع
الا ان ما يميز فرصتها في الحكم انها ليست مضطرة للائتلاف مع خصمها اللدود «النهضة»، وان لديها هامشاً واسعاً من الخيارات التي تمكنها من تشكيل الحكومة، وخصوصاً الاتفاق مع احزاب صغيرة وصولاً الى الحكم. لكن بعض المصادر المتابعة تعتقد ان حركة نداء تونس التي تشكلت عام 2012 فقط، باتت اكثر ميلاً الى الائتلاف مع الاسلاميين من اجل تشكيل حكومة قوية قادرة على التعاطي مع متطلبات المرحلة.
وفي المقابل يعتقد محللون ان «النهضة» قد لا تسلم ببساطة بالعمل تحت مظلة التيار الليبرالي وانصار بن علي. ويرون ان التوافق بين التيارين قد يكون صعباً. وان «النهضة» قد تفضل البقاء في صفوف المعارضة.
الى ذلك، بلغت نسبة المشاركة في انتخابات الأحد الفائت 61،8 بالمئة بحسب أرقام رسمية مقابل مشاركة أكبر في انتخابات 2011 لاختيار مجلس تأسيسي والتي كان في طليعتها حزب «النهضة».
والانتخابات التشريعية الأخيرة مهمة جداً، حيث ستمكن تونس من إرساء مؤسسات واستقرار على المدى الطويل بعد مرور قرابة أربع سنوات على الثورة التي أطاحت حكم الرئيس السابق زين العابدين بن علي في كانون الثاني (يناير) 2011. وتعتبر نسبة المشاركة في الانتخابات التشريعية متوسطة نسبياً، لكنها مرضية بالنسبة الىالعديد من المراقبين الذين توقعوا نسبة أكبر من الامتناع عن التصويت جراء الخيبة التي أصابت التونسيين تجاه الطبقة السياسية في السنوات الأخيرة.

صعوبات اقتصادية
وتعيش تونس صعوبات اقتصادية واجتماعية، وهي المطالب التي قامت من أجلها الثورة. ثم مرت بأزمة سياسية بلغت ذروتها في 2013 حيث قامت حسب السلطات مجموعات متطرفة بقتل العشرات من رجال الأمن وعناصر الجيش، إضافة إلى تورطها في اغتيال شكري بلعيد ومحمد البراهمي المعارضين للنهضة.
وجعل أغلب الأطراف السياسية من المسائل الأمنية والاقتصادية أهم محاور الحملة الانتخابية في بلاد تنهكها البطالة ويضنيها الفقر. واعتبر المراقبون ورغم الخروقات التي سجلت في عديد المكاتب وسوء التنظيم الذي ساد أخرى خصوصاً في الخارج، أن عملية الاقتراع كانت مرضية إجمالاً.
من جهتها، أقرت حركة النهضة الإسلامية بفوز خصمها العلماني «نداء تونس» بالانتخابات التشريعية، ودعت الى تشكيل حكومة وحدة وطنية.
ويمنح دستور تونس الجديد الذي صادق عليه المجلس الوطني التأسيسي (البرلمان المؤقت) في السادس والعشرين من كانون الثاني (يناير) 2014 صلاحيات واسعة للبرلمان والحكومة، مقابل صلاحيات محدودة لرئيس الجمهورية.
ودعا زياد العذاري المتحدث الرسمي باسم حركة النهضة إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية لتكون قادرة على مواجهة استحقاقات وتحديات البلاد الكبيرة خصوصاً في السنوات المقبلة التي ستكون صعبة على المالية العمومية وعلى الميزانية وعلى اوضاع البلاد.
ومساء الأحد، قال راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة «سواء كانت النهضة الاولى أو الثانية، تونس تحتاج الى حكم وفاق وطني».
ونقلت وسائل إعلام تونسية، عن قياديين في الحركة تصريحات لهما بقبول النهضة بنتائج الانتخابات، والتي تضع حزب نداء تونس في مقدمة الفائزين.
وكان «نداء تونس» الذي أسسه قائد السبسي في 2012، رشح هذا الأخير للانتخابات الرئاسية المقررة في 23 تشرين الاول (اكتوبر) المقبل.
ويضم نداء تونس منتمين سابقين لحزب التجمع الحاكم في عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، ونقابيين ويساريين.

النتائج
وكشفت النتائج الجزئية وعمليات سير الآراء عن مفاجآت حيث دفعت بأحزاب صغيرة الى الضوء فيما اختفت أحزاب أخرى كانت بالأمس القريب تتصدر المشهد السياسي في السلطة.
وبحسب الأرقام المعلنة في دوائر انتخابية عدة حتى الآن قلب حزب نداء تونس ذو التوجهات الليبرالية الطاولة على حركة النهضة الاسلامية.
الى ذلك، اعلن حزب نداء تونس العلماني أنه لن يحكم تونس بمفرده بعد فوزه على حركة النهضة الاسلامية التي حلت ثانية في الانتخابات التشريعية الحاسمة التي أجريت الاحد وقال مراقبو الاتحاد الاوروبي انها اتسمت بـالشفافة والمصداقية.
وقال الباجي قائد السبسي رئيس ومؤسس حزب نداء تونس في مقابلة تلفزيونية «أنا لا أتحالف مع أحد وإنما أتعامل حسب الواقع». واضاف «اخذنا قراراً قبل الانتخابات بأن نداء تونس لن يحكم وحده حتى لو حصل على الاغلبية المطلقة يجب ان نحكم مع غيرنا مع الاقرب الينا من العائلة الديموقراطية، لكن حسب النتائج».
وسيكون على الحزب الحاصل على اكبر عدد من المقاعد تشكيل ائتلاف ليحصل على الاغلبية «109 مقاعد من 217».

النتائج الكاملة للانتخابات التشريعية التونسية حسب الدوائرالـ 33 لكل قائمة
– نداء تونس 84 (38،71%) بزعامة الباجي قائد السبسي – وسط.
– حركة النهضة 69 (31،79%) بزعامة راشد الغنوشي – إسلامي.
– الاتحاد الوطني الحر 17 (7،83%) بزعامة سليم الرياحي رجل الأعمال ورئيس النادي الإفريقي التونسي – ليبرالي.
– الجبهة الشعبية 12 (5،53%) بزعامة حمة الهمامي – يسار.
– آفاق تونس 9 (4،15%) برئاسة ياسين إبرهيم – ليبرالي.
– التيار الديموقراطي 5 (2،3%) برئاسة محمد عبو – وسط.
– الموتمر من أجل الجمهورية 4 (1،84%)- بزعامة عماد الدايمي وكان يترأسه محمد المنصف المرزوقي حتى توليه رئاسة تونس – وسط.
– المبادرة 4 (1،84%) برئاسة كمال مرجان، آخر وزير خارجية في عهد الرئيس السابق زين العابدين بن علي – ليبرالي «دستوري» (تيار منتسبي النظام السابق).
– حركة الشعب 2 (0،92%) زهير المغزاوي – قومي ناصري.
– تيار المحبة 2 (0،92%) برئاسة محمد الهاشمي الحامدي – وسط.
– التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات 1 (0،46%) برئاسة رئيس المجلس التأسيسي مصطفى بن جعفر – ديمقراطي اجتماعي.
– الحزب الجمهوري 1 (0،46%) بزعامة محمد نجيب الشابي – وسط.
– القائمة المستقلة «الوفاء لمشروع الشهيد» 1 (0،46%) برئاسة السعدي البراهمي.
– حركة الديموقراطيين الاجتماعيين 1 (0،46%) برئاسة أحمد الخصخوصي – اشتراكي.
– القائمة المستقلة «المجد للجريد» 1 (0،6%) – برئاسة عبد الرزاق الشرايطي.
– 3 مقاعد لمستقلين (1،38%).

تونس – «الاسبوع العربي»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق