أبرز الأخبار

ما هو مصير الحرب البرية ضد داعش وماذا حققت غارات التحالف؟

هل ما زالت الحرب البرية قائمة؟ ام ان اصحاب المشروع تراجعوا عنه؟
سؤال يلخص مجمل النقاش الدائر في كواليس الساسة، والمعنيين بشان تنظيم الدولة الاسلامية «داعش» ومخططات التحالف الدولي لمحاربته.

مبررات هذا التساؤل، تراجع الحديث عن الحرب البرية بشكل لافت، والتركيز الواضح على غارات التحالف وبما يؤشر على توجه لرد الاعتبار لتلك الغارات، التي تعمدت اطراف عدة – سابقاً – الى تسريب معلومات تؤشر على عدم فاعليتها في القضاء على التحالف. في الوقت نفسه، هناك معلومات متسربة – حالياً – تحاول التقليل من قوة التحالف، واظهاره بانه يتراجع امام الغارات الجوية التي قيل انها مكثفة، ويتجاوز عددها العشرات يومياً. باختصار، اصبحت هناك مؤشرات تعمل بعكس ما كانت المخططات تؤشر عليه سابقاً. ما يعني – ضمناً – تغيراً في الحسابات، وبالتالي تعديلات على التوجهات التي تم التاكيد عليها في مرحلة ما. او – على الاقل – هناك توجه لاجراء تعديلات على بعض المواعيد الخاصة بمشروع الحرب ضد داعش. والتي قيل انها ستكون حرباً برية، ثم تحول الحديث باتجاه «العمليات الخاصة»، قبل ان تعود الامور الى نقطة البداية. والى حسابات يتوقع محللون ان تكون مختلفة.

الضربات الجوية
في هذا السياق، يمكن التوقف عند تصريحات اطلقها المبعوث الرئاسي الأميركي الخاص لدى التحالف الدولي لمحاربة تنظيم الدولة، حيث اكد في تصريحات صحفيه، أن غارات التحالف نجحت في إيقاف تقدم المتشددين في العراق وسوريا.
وقال الجنرال جون آلن إن تحقيق الانتصار على داعش يحتاج بعض الوقت، رغم أن العمليات العسكرية المتمثلة بالضربات الجوية أوقفت تقدم التنظيم المتشدد.
واعتبر أن المعارضة السورية المعتدلة قادرة على سد الفراغ الذي سيتركه داعش على الأرض في سوريا، مشيراً إلى أن التحالف يسعى لمحاربة التنظيم عسكرياً ومالياً وفكرياً.
ورداً على سؤال بشأن انخراط أنقرة في الحرب على الإرهاب، قال آلن إن المباحثات السياسية والعسكرية لا تزال جارية لتحديد الدور الذي يمكن أن تلعبه تركيا في التحالف ضد داعش.
وشدد المبعوث الرئاسي الأميركي على أن التحالف يعمل على وقف تدفق المسلحين الأجانب إلى تنظيم الدولة، الذي يسيطر منذ أسابيع عدة على مناطق واسعة من العراق وسوريا.
في الوقت نفسه، أعلن في بغداد عن دخول طائرات الهليكوبتر المقاتلة «صائد الليل» الروسية الصنع العمليات الحربية ضد تنظيم «داعش» في العراق. وبالتزامن، اعلن عن تحقيق القوات العراقية «نجاحات عسكرية»، وعن اقترابها من مدينة بيجي الشمالية في عملية عسكرية جديدة لتحرير أكبر مصفاة نفطية في البلاد فيما اندفعت نحو عامرية الفلوجة.

هليكوبتر روسية
وفي التفاصيل، أعلنت وزارة الدفاع العراقية، عن دخول طائرات الهليكوبتر المقاتلة «صائد الليل» الروسية الصنع في عمليات مواجهة قواعد ومقاتلي «داعش» وذلك من خلال إسناد القطعات البرية وتقديم المساعدات للشعب العراقي في مختلف الظروف والمناسبات. واضافت الوزارة في بيان صحافي، ان وزير الدفاع خالد العبيدي وبحضور عدد من القادة والآمرين اطلع على إنهاء مرحلة تجهيز وتسليح واستعداد المجموعة الأولى من طائرات الهليكوبتر المقاتلة (MI 28) الحديثة، روسية الصنع، والتي قام بعض منها بالتحليق في سماء العاصمة بغداد تمهيداً لانطلاقها إلى القواعد الجوية المخصصة لها.
وأضافت أن هذا اليوم يعتبر الأول لدخول المجموعة الأولى من هذه الطائرات إلى الخدمة الفعلية، وأوضحت ان هذه الطائرات الحديثة الصنع التي تسمى «صائد الليل» ستعطي قوة مضاعفة، وإمكانيات مميزة لسلاح طيران الجيش العراقي الذي أوكلت إليه مهام كبيرة في عمليات مكافحة الإرهاب وإسناد القطعات البرية.
وقالت وزارة الدفاع «ان هذه الدفعة هي الوجبة الأولى من العقد الموقع مع جمهورية روسيا والمتضمن سرباً من هذه الطائرات الحديثة والتي تتمتع بدقة عالية في إصابة الأهداف في مختلف الظروف وحيث سيكون لها دور كبير ومميز في صد المجاميع الإرهابية وإيقاع خسائر كبيرة لامتلاكها قوة تسليحية».
وكانت وزارة الدفاع أعلنت في 27 أيلول (سبتمبر) الماضي عن وصول الدفعة الثالثة من طائرات مي 35 الروسية إلى قيادة طيران الجيش . كما تسلم العراق دفعة أخرى من المروحيات الهجومية من طراز «مي-35» و«مي-28» التي تسمى «صائد الليل» الروسية الصنع.
وفي بيان آخر، تواصل القوات العراقية منذ ايام نجاحات عسكرية ملحوظة وقدرة على طرد مقاتلي تنظيم «داعش» من العديد من المناطق التي سبق وان سيطروا عليها في مناطق مختلفة من البلاد.

تحرير مصفاة نفطية
وبحسب البيان، اقتربت القوات العراقية من موقع يبعد كيلومترين عن مدينة بيجي الشمالية في عملية عسكرية جديدة لتحرير أكبر مصفاة نفطية في البلاد من حصار تنظيم «داعش» الذي بدأ في حزيران (يونيو) الماضي.
وفي تفاصيل البيان، تقدمت القوات الحكومية مدعومة بالتشكيلات الحشد الشعبي للمتطوعين بإسناد من طائرات الهليكوبتر الحربية عبر منطقة صحراوية إلى الغرب من بيجي بهدف استعادة السيطرة على المدينة التي تقع على بعد 200 كيلومتر شمال بغداد.
وقال مصدر امني إن القوات العراقية تأمل في قطع طريق الإمدادات عن المقاتلين المتشددين الذين يحاصرون المصفاة النفطية، واستعادة السيطرة على طريق يقود إلى مدينة الموصل. واضاف «لقد حققنا تقدماً جيداً، استعدنا ست قرى ونحن الآن على بعد كيلومترين فقط من مدينة بيجي».
ويحاصر مقاتلو داعش القوات العراقية داخل مجمع المصفاة منذ ذلك الحين غير أنهم فشلوا في السيطرة عليه على الرغم من هجماتهم المتكررة والتفجيرات الانتحارية التي نفذوها.
ولجأ تنظيم داعش إلى زرع العبوات الناسفة في الطرق واستخدم القناصة لإبطاء تقدم القوات الحكومية. الا انه تم ابطال مفعول 300 عبوة ناسفة زرعها الإرهابيون على جانب الطرق لإبطاء تقدم القوة العسكرية.
ويقول مسؤولون عراقيون إن مصفاة بيجي كانت تنتج نحو 175 ألف برميل نفط في اليوم قبل اغلاقها فيما يقدر الاستهلاك اليومي المحلي للنفط في العراق بين 600 ألف و700 ألف برميل.
وكانت القوات العراقية قد استعادت المبادرة في مناطق أخرى الأسبوع الماضي واستعادت السيطرة على بلدة جرف الصخر التي تقع جنوبي بغداد.

في محافظة بابل
وفي محافظة بابل (100 كم جنوب بغداد) اكدت مصادر رسمية أن القوات الأمنية بدأت التحرك نحو عامرية الفلوجة انطلاقاً من منطقة الفاضلية شمال بابل. واشارت الى ان «القوات الأمنية العراقية تقدمت، من منطقة الفاضلية التابعة لناحية جرف الصخر(60 كم شمال بابل) الى عامرية الفلوجة من اجل محاربة الإرهابيين والقضاء عليهم». وأضافت أن «خبراء الجهد الهندسي التابع لقيادة عمليات بابل يقومون بإزالة وتفكيك العبوات الناسفة والألغام المزروعة في جميع الطرق لتسهيل مرور القطعات العسكرية».
وكانت حكومة بابل المحلية أعلنت السبت الماضي أن القوات الأمنية أكملت تحرير جميع مناطق جرف الصخر شمال بابل من مقاتلي «داعش». واوضحت أنها هزمت التنظيم «شر هزيمة» وهي تتقدم باتجاه عامرية الفلوجة.
يذكر أن محافظة بابل ومركزها مدينة الحلة تعد من أكثر محافظات الوسط اضطراباً وتعترف حكومتها المحلية بأن مناطقها الشمالية، المحاذية لبغداد والأنبار تشكل ملاذاً لتنظيم القاعدة في العراق الذي يتخذ منها منطلقاً لشن هجماته في أنحاء البلاد.

البشمركة الى سوريا
في مسار آخر، بدأت عناصر من قوات البشمركة التوجه من اقليم كردستان العراق عبر تركيا وصولاً الى شمال سوريا، للانضمام الى المقاتلين الاكراد الذين يدافعون منذ قرابة اربعين يوماً عن مدينة عين العرب (كوباني بالكردية) في وجه هجوم تنظيم الدولة الاسلامية – داعش.
واكدت تركيا انه بامكان هؤلاء المقاتلين العبور الى عين العرب في اية لحظة، مع تكرار موقفها المنتقد للمقاتلين الاكراد في المدينة، التابعين لحزب الاتحاد الديموقراطي الكردي الذي تعتبره انقرة تنظيماً ارهابياً.
في غضون ذلك، تواصلت المعارك في عين العرب بين عناصر التنظيم المتطرف الذين يسيطرون على أجزاء من المدينة ويحاولون قطع الطريق بينها وبين الحدود التركية، والاكراد المدعومين بضربات جوية من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة.
وقالت وكالة فرانس برس ان قرابة اربعين آلية عسكرية شوهدت تغادر قاعدة للبشمركة شمال شرق مدينة اربيل عاصمة كردستان العراق.
وزودت بعض الآليات برشاشات ثقيلة، في حين امكن رؤية شاحنتين تجران مدفعين ميدانيين، وبعض راجمات الصواريخ الصغيرة.
وأكد ضابطان من البشمركة ان القوات التي غادرت القاعدة، ستتجه براً الى الاراضي التركية عبر محافظة دهوك الحدودية في شمال العراق. وان 40 مركبة تحمل رشاشات وأسلحة ومدافع، مع 80 من قوات البشمركة، ستتجه براً الى دهوك (المحافظة الحدودية مع تركيا في شمال العراق)، وستعبر الى تركيا.
وبحسب المصدر نفسه، انتقل 72 آخرون عن طريق الجو في وقت مبكر من فجر الاربعاء.
وأجاز
برلمان كردستان العراق الاربعاء الماضي ارسال المقاتلين للانضمام الى عناصر وحدات حماية الشعب الكردية المدافعة عن عين العرب. وأكد المتحدث باسم البشمركة هلكورد حكمت لفرانس برس في تصريحات سابقة، ان العناصر المرسلين الى عين العرب سيكونون بمثابة قوات دعم.

تركيا تسهل العبور
وأعلنت انقرة في 20 تشرين الاول (اكتوبر) انها ستسمح للمقاتلين الاكراد العراقيين، بعبور اراضيها نحو عين العرب، على رغم انتقاداتها للمقاتلين الاكراد السوريين.
واكد وزير الخارجية التركي مولود شاوش اوغلو في تصريحات نقلتها وكالة انباء الاناضول انه ليست هناك مشكلة سياسية الان. وانه لا مشكلة لعبورهم الحدود الى عين العرب. ويستطيعون العبور في اي لحظة.
ورأى رئيس الوزراء احمد داود اوغلو في مقابلة مع تلفزيون «بي بي سي»، ان على الولايات المتحدة ان تجهز وتدرب الجيش السوري الحر المدعوم من دول عدة بينها تركيا، بحيث لا يحل النظام السوري محل تنظيم داعش اذا ما انسحب من عين العرب، ولا يحل «ارهابيو» حزب العمال الكردستاني محله.
وكان الرئيس التركي رجب طيب اردوغان صرح الاحد بان حزب الاتحاد الديموقراطي الذي تتبع له وحدات الحماية، وهو بمثابة الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني، غير متمسك بوصول البشمركة الى كوباني والسيطرة عليها، واصفاً هذا الحزب بالمنظمة الارهابية.
وتتهم انقرة حزب الاتحاد بأنه مقرب من النظام السوري، وبانه ذراع حزب العمال الذي يخوض تمرداً مسلحاً منذ ثلاثة عقود في تركيا بهدف الاستقلال. في المقابل، قامت انقرة في السنوات الاخيرة بتحسين علاقاتها تدريجاً مع كردستان العراق.
ولم تعلق الحكومة المركزية في بغداد على قرار الاقليم ارسال عناصر من البشمركة التي تخوض معارك على جبهات عدة ضد «داعش» في شمال العراق. الا ان نوابا عراقيين شككوا في دستورية الخطوة، معتبرين ان شؤون الامن القومي والسياسة الخارجية ضمن صلاحيات رئيس الوزراء.
ودافع نواب آخرون عن الخطوة، معتبرين ان الارهاب موضوع عالمي، وان قتال التنظيم المتطرف الذي يسيطر على مناطق واسعة في العراق وسوريا يصب في مصلحة الشعب العراقي.

تكثيف الغارات
الى ذلك، واصل طيران التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة قصف مواقع داعش في عين العرب. واعلنت القيادة الوسطى الاميركية ان مقاتلات حربية نفذت غارات، ما ادى الى تدمير مواقع مدفعية ومنشأة للتنظيم.
وفي العراق، قالت القيادة الوسطى ان مقاتلات اميركية ومن دول التحالف، شنت تسع غارات الاثنين والثلاثاء، بينها اربع في محيط سد الموصل.
وكانت الموصل، كبرى مدن شمال العراق، اولى المناطق التي تسقط بالكامل في يد التنظيم نتيجة هجومه الكاسح في حزيران (يونيو)، والذي ادى الى سيطرته على مناطق واسعة في محافظات صلاح الدين ونينوى وكركوك وديالى. وحقق التنظيم في الاسابيع الماضية، تقدماً اضافياً في محافظة الانبار الحدودية مع سوريا، وباتت بمعظمها تحت سيطرته.

ا. ح

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق