رئيسيسياسة عربية

الجيش يضع خطة لمداهمة كل التجمعات السورية

ما جرى في عرسال تكرر في جرود بريتال مع استخدام المسلحين عنصر المباغتة (خصوصاً وأن توقيته جرى في عيد الأضحى وفي ظل حالة استرخاء عام). وكما حصل مع موقع وادي الحصن الذي سقط بأيدي المسلحين لفترة قبل أن يسترده الجيش، هكذا حصل مع موقع «عين الساعة»، وهو موقع متقدم للمراقبة، الذي سقط بأيدي «النصرة» لفترة قبل أن يستعيده حزب الله عبر هجوم معاكس وصاعق استخدم فيه قوة نارية كبيرة.
هذا الهجوم المباغت هو نتيجة مباشرة للوضع الجديد في عرسال بعدما نجح الجيش اللبناني في عملية الفصل بين عرسال وجرودها حيث يتمركز المسلحون الذين جرى تضييق الخناق عليهم واكتشفوا الخطأ الذي ارتكبوه بفتح معركة مع الجيش وخسارتهم عرسال كقاعدة خلفية لهم.
المسلحون في جرود عرسال المحاصرون في بقعة معزولة من ثلاثة اتجاهات: القلمون، الزبداني، وعرسال هم في حاجة ماسة مع اقتراب فصل الشتاء الذي حل باكراً هذه السنة (درجة الحرارة تنخفض ليلاً الى الصفر وما دون حالياً) الى مكان «دافىء» يلجأون إليه والى خطوط إمداد وممرات آمنة. ولما كان الجيش أتم عملية فك الارتباط بين الجرود وعرسال، ولما كانت عملية التفاوض مع الجهة الخاطفة للعسكريين تعثرت عند نقطة «الممر الآمن» الى عرسال بعدما تبيّن أن المقايضة هي العنوان الظاهر والمعلن فيما «الممرات الآمنة» هي العنوان والهدف الفعلي في عملية المفاوضات… اختارت «جبهة النصرة» جرود بريتال لإحداث اختراق وثغرة في محاولة لإعادة ربط جرود عرسال بـ «الزبداني» التي تبدو المكان المفضل والبديل عن عرسال.

مناطق اخرى
والأحداث التي تشهدها عرسال وبريتال لا تحجب الأنظار عن مناطق أخرى وسط مخاوف وتساؤلات حول ما إذا كانت القوى الإرهابية في بؤرتها الجردية ستفرّخ لمعركتها ضد الجيش اللبناني انطلاقا من الجرود العرسالية جبهات أمنية في هذه المناطق لا سيما طرابلس لتحقيق المزيد من الإرباك السياسي والأمني للحكومة اللبنانية.
وقد ارتفعت وتيرة التحذيرات من انفجار الوضع الأمني الهش في طرابلس في ظل تطورات حصلت في الأيام الأخيرة، لا سيما إعلان قائد الجيش عن اكتشاف خلية إرهابية جار التعامل معها بحسب المقتضى. وتقول معلومات إن القيادة الفعلية لهذه المجموعة هي لأسامة منصور (الذي تم الادعاء عليه وعلى شادي المولوي)، وأن هذه المجموعة تستعد لتنفيذ سلسلة من العمليات الإرهابية عبر العبوات الناسفة ضد مراكز الجيش.
وتقول مصادر إن الأجهزة المعنية تدرس مجموعة من الخيارات لاستئصال الخلايا الإرهابية من طرابلس عموماً وباب التبانة خصوصاً قبل أن تتحول الى أمر واقع كما حصل في عبرا مع ظاهرة أحمد الأسير والثمن الكبير الذي دفع نتيجة تلكؤ السياسيين يومها.
وفي هذا الإطار يقول خبير عسكري إن الجيش يحتاج قبل تدخله عسكرياً للقبض على مجموعة المولوي ومنصور الى غطاء سياسي من فاعليات المدينة «حتى لا يطعن في ظهره أو يهاجم سياسياً وإعلامياً أو يحرّض عليه في بعض المساجد».
ويعوّل بعضهم على مبادرة لم تنجح حتى اليوم، وتؤكد مصادر من باب التبانة أن أهالي المنطقة تحركوا ضد ممارسات هذه المجموعة لمعالجة القضية وتوقيفها عند حدها، والمساعي لا تزال جارية عبر مبادرة تقضي برحيل هؤلاء خارج البلد والمدينة، وإذا فشلت هذه المبادرة فإن الجيش سيتصرف».

اوراق القوة
وتقول مصادر عسكرية إن الجيش ماضٍ في تعزيز أوراق القوة، مقابل إرباك الإرهابيين الذين يحاولون الضغط على أهالي العسكريين، تارة عبر إتصالات وطوراً عبر التسجيلات، محققاً إنجازات جديدة نتيجة قصفه المدفعي وتوقيفه قيادات بارزة في «النصرة»، تضاف الى أخرى تملكها الدولة اللبنانية، احدها التهديد بتسليم الموقوفين والمحكومين الى دولهم من ضمن الإتفاقات المعقودة، والتي تحكم علاقات لبنان بهذه الدول ووفق القانون.
وتقول مصادر أخرى إن قيادة الجيش عازمة على تنفيذ خطة محكمة تم وضعها، تحظى بغطاء سياسي وسني، لمداهمة كل التجمعات السورية دون استثناء، ولتطاول كل المخيمات والمباني والشقق التي يشغلونها، بناء على مسح ميداني لأماكن تواجد اللاجئين السوريين قامت به مديرية المخابرات، بعيدا عن الاتفاق الذي تم التوصل اليه بين الرئيس سعد الحريري والوزير نهاد المشنوق حول نقل النازحين من عرسال الى مخيمات خارج البلدة.
وعزا مصدر عسكري رفيع عدم تدخل الجيش في معركة بريتال لحصولها على الحدود اللبنانية – السورية في منطقة على آخر حدود السلسلة الشرقية، وليس داخل الأراضي اللبنانية. لافتاً الى أن المعارك تدور في تلك المنطقة منذ مدة بين حزب الله و«جبهة النصرة» و«داعش»، لكن الجيش مستنفر في البقاع بكامله وهو جاهز لصد أي عدوان إذا أقدم المسلحون على تخطي الحدود اللبنانية، وهم الذين يفتشون عن فتح ممر آمن لتأمين الإمدادات والمؤن.
مصادر أميركية متابعة للملف اللبناني وتعقيداته الأخيرة، تتوجس كثيراً من أن يكون ما حدث في جرود بريتال مقدمة لتطورات أشد خطورة في ظل تقاطع معلومات عن إصرار بعض الجهات على ربط لبنان بسوريا، في وقت تصفه تلك المصادر بـ «الوقت الضائع» في انتظار تطورات قد تحملها الأسابيع القليلة المقبلة، مع توقع تغييرات سياسية وعسكرية ولوجستية تفرضها الحرب المعلنة على «داعش» بعد أسابيع على استنفاد الأهداف الأولى منها. وتعتقد تلك المصادر أن طرفي المواجهة يعملان على تحويل التورط اللبناني أمراً واقعاً، وكل لحساباته الخاصة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق